لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سمير جراح يحكي لمصراوي عن معاناة "قرين" أحد منفذي هجمات 11 سبتمبر

08:52 م الثلاثاء 11 سبتمبر 2018

كتبت- فايزة أحمد:

صراخ مُنبعث من كل اتجاه، دخان كثيف يتصاعد، يطغى على الصورة بأكملها، الرماد يغطي الوجوه، رجال الانقاذ يهرولون هنا وهناك، وذلك أمام حطام برجي التجارة العالمي بنيويورك عقب انهيارهما إثر دخول طائرتين فيهما، حدث كبير تناقلته جميع المحطات التليفزيونية، وتابعه الناس حول العالم، وتحديدًا في قرية "مرج البقاع" التي تبعد عن العاصمة اللبنانية بيروت بنحو (51 كم)؛ حيث كان زياد سمير جراح مازال طفلًا صغيرًا لم يعي ما يتكلم عنه الجميع، إذ لم يكن يعلم أن ذلك الحدث سيغير مسار حياته، لاشتراك ابن عمه واسمه زياد الجراح والمُكنى بـ"أبو طارق اللبناني" الذي يتشابه اسمه ثلاثيا مع اسمه هو في تلك التفجيرات.

عقب مرور 10 سنوات على ذلك الحادث، نال زياد شهادة تخرجه في كلية الهندسة، بات مهندسًا معماريًا، لكن تلك المدة لم تكن كافية لمحو الوصمة التي لحقت بأسرته لقاء ما ارتكبه ابن عمه الذي تسبب في عدم قبوله بجميع الوظائف التي تقدم لها داخل لبنان؛ لتشابه الاسمين ثلاثيًا، حسبما قال والده لمصراوي.

في الذكرى الـ17 لأحداث سبتمبر أو "أيلول الأسود" حاور "مصراوي" سمير جراح عم اللبناني زياد جراح أحد المُشاركين في تلك التفجيرات التي راح ضحيتها نحو 3000 قتيل بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين.

" سمير والد زياد ابن عمي.. وتصادف أننا تشابهنا في الأسماء، وكذلك في أسماء ولدينا".. يحكي سمير جراح عم زياد، عن أسباب خوضه تجربة شاقة مرهقة رفقة ابنه في البحث عن عمل كمهندس معماري، كي لا تهدر سنوات التعب والقلق التي عانتها الأسرة برمتها في دراسته "وقت ما بتعرف ايّ شركة يتقدم لها ابني، بأن اسمه زياد سمير جراح.. يرفدوه فورًا" دون توضيح أسباب في بداية الأمر.

لم يخطر ببال الأب أن يكون سبب عدم قبول ابنه في الوظائف التي يتقدم لها ما فعله نجل ابن عمه قبل عشر سنوات "لأن وقت الحادث ما حد كان مقتنع إن زياد شارك في هذا العمل الإرهابي.. كان ولد متحررًا ولا يكن أيّ أفكار إرهابية"، فضلًا عن أن الأمن اللبناني والأهالي في لبنان لم يتعاملوا مع العائلة بشكل غير معتاد حينذاك "كانت الأمور عادية تمامًا.

إحساس ثقيل اعترى "جراح" الذي كان ينتظر مرور الشهور والأيام لتخرج نجله الوحيد، ليشرع في رسم مستقبله، فعزم أمره على معرفة أسباب عدم قبول ابنه في الوظائف "قالوا لي اسمه يتشابه مع اسم ابن عمه"، لاسيما وأنه كان أيضًا مهندسًا لكنه تخصص في هندسة الطيران تلك التي من أجلها غادر بيروت في أبريل من عام 1996، لاستكمالها في ألمانيا.

لم تجمع الصدف كثيرًا "جراح" بابن شقيقه، نظرًا لاستقرارهم في بيروت تلك التي لم يغادروها سوى أثناء الحرب الأهلية التي شهدها لبنان "كان زياد وأختيه مازالوا أطفال"، ومن ثم عادوا أدراجهم بانتهاء الحرب "كانوا بيجوا على القرية في المناسبات فقط"، نظرًا لظروف عمل والده في الضمان الاجتماعي.

لكن المهندس المعماري لم يلتق مهندس الطيران أبدًا، غير أنه وجد نفسه بين ليلة وضحاها بات عليه التعامل مع ما فعله طيلة الوقت وتوضيح أن العلاقة التي تربطهما مجرد تشابه أسماء فقط، إذ لم يعلم عنه سوى ما يعرفه الجميع، والذي يُلخص بأنه أحد منفذي أحداث 11 سبتمبر، وهو الذي خطف طائرة "يونايتد ايرلاينز" للرحلة رقم (93) المتجهة من نيويورك الى سان فرانسيسكو، والتي تحطمت في حقول بنسلفانيا وقتل بتحطمها 45 راكبا وافراد الطاقم.

سعى الرجل صاحب الـ(60ربيعًا) للتوسط لابنه لدى وجهاء العائلة التي تمتد جذورها في كل شبر داخل لبنان "كان بدي أوصل لحل، بدي الشاب يشتغل"، حتى وصل الأمر إلى الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان "أقترح علينا تغيير اسم ابني"، رفض رففضا قاطعًا "ابني ربيته بدموع عيوني وتعاملت معه على أنه زياد، حتى أتي بعد كل هذه السنوات وأغير له اسمه.. غير معقول".

تملك اليأس من الأسرة الريفية التي علقت جميع آمالها على الابن الذي اختار الهندسة عن طيب خاطر لدراستها، حتى يصبح مهندسًا مشهورًا، لكنه لم يلق اللوم في أي وقت على ابن عمه أو نجله "لا أحد عنده علم بالحقيقة حتى الآن"، يحذو في ذلك حذو ابن عمه الذي توفي بعد عامين فقط من الحادث" ما قدر يتحمل الصدمة وكلام الناس أن ابنه إرهابي".

فقد سمير جراح الأمل في أن يعمل ابنه زياد داخل لبنان، حتى عام 2015؛ حيث توفرت له فرصة عمل بإحدى شركات البناء بالمملكة العربية السعودية "ما كنت أحب ابني يتغرب بعيد عني، لكن ليس باليد حيلة"، قَبل بالوظيفة، انتقل إلى الرياض، بدأ في استكمال ما كان يطلع إليه رفقة أسرته.

رغم المعاناة التي وجدها ابن جراح في إيجاد عمل، إلاّ أنه لم يكن أيّ مشاعر سلبية تجاه نجل ابن عمه "الناس عم تنسى"، خاصة أولئك الذين يقبعون في مرج البقاع، حيث انقطعت صلتهم بأسرة أبو طارق اللبناني منذ وفاة أبيه "والدته تسكن في بيروت حاليًا وأخواته البنات".

يبرهن والد المهندس المعماري، على أن الزمن تجاوز ما فعله زياد بالمناصب العليا التي تولاها أفراد عائلة الجراح كجمال الجراح عم زياد الذي يشغل منصب وزير الاتصالات في الوقت الراهن "شو ذنب العائلة بما ارتكبه الشاب من أخطاء!".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان