لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نيويورك تايمز تكشف خبايا المعقل الأخير لداعش في سوريا

12:33 م الأربعاء 12 سبتمبر 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

أعلن أعضاء في التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، الثلاثاء، أنهم بدأوا بالفعل في المرحلة الأخيرة من القضاء على تنظيم داعش المتواجد في مدينة هجين السورية، التي تُعد آخر معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا والمنطقة التي انطلق منها.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقًا لمراسلتها روكميني ماريا كاليماشي، قالت فيه إن هذا الهجوم هو الفصل الأخير من الحرب التي بدأت منذ أكثر من أربع سنوات، بعد أن استولى تنظيم داعش، على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا وأعلن انطلاق خلافته.

قوات سوريا الديمقراطية التي تحارب التنظيم في سوريا مع الولايات المتحدة وحلفائها، قالت في بيان لها، إن قواتها بدأت هجومها على المنطقة من أربع نواحي في مساء يوم الإثنين.

واستطاعت فكرة الخلافة أن تضع تنظيم داعش على خريطة العالم سياسيًا وماديًا، حيث امتلأت خزائنه وقدم الكثيرون إلى سوريا والعراق للانخراط في صفوفه، وارتكب إرهابيوه العديد من الهجمات في المنطقة وخارجها باسمه.

ورجحت الصحيفة، أن يظل تنظيم داعش قوة إرهابية كبيرة حتى لو خسر المنطقة التي يسيطر عليها في هجين، وبحسب أحد مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية، فإن المعركة لاستعادة هجين سوف تستغرق ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، وبالنظر إلى مساحة هجين والقدرة القتالية بها فإن تلك الفترة طويلة نسبيًا، فالمدن الكبيرة التي كان يسيطر عليها التنظيم سقطت في أيدي القوات السورية في خلال أيام.

ولكن، بحسب الصحيفة، فإن الفارق بين هجين والمدن الأخرى، هو أنه في المدن الأخرى كان الإرهابيون لديهم الفرصة للخروج وإعادة التمركز في مناطق أخرى، ولكن بالنسبة لهجين فالتراجع ليس خيارًا مطروحًا فهذا هو آخر معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا.

وقال الكولونيل شين رايان، المتحدث الرسمي باسم التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في بغداد: "نتوقع قتالًا طويلًا وعنيفًا، فالإرهابيون هنا من النوع المتشدد وليس لديهم مكان آخر يلجأون إليه".

____ 2

وذكر أحد المدنيين في المدينة في اتصال هاتفي، رافضًا كشف اسمه، أن الإرهابيين قاموا بحفر أنفاق تسمح لهم بالتنقل بين المنازل بحرية تامة دون أن يتم الكشف عنهم من السماء، كما أن تلك الأنفاق تسمح لهم بالتنقل إلى قواعدهم العسكرية، ولأن الإرهابيين يعرفون أن التحالف يحاول تقليل الضحايا من المدنيين قدر المستطاع، حبس السكان داخل المدينة ويراقب الطرقات باستخدام القناصة.

كم مقاتل لداعش؟

استغرق الأمر أكثر من أربعة أعوام لتقليص المساحة التي يسيطر عليها تنظيم داعش لتصبح أقل من 1% مما كانت عليه في البداية، فبعد أن كان يسيطر على مساحة أشبه بمساحة بريطانيا، أصبحت المنطقة التي يسيطر عليها لا تتجاوز مائتي ميلًا مربعًا (518 كيلومترًا مربعًا تقريبًا)، وذلك بعد أكثر من 29 ألف ضربة جوية، وآلاف القتلى من الجانبين، حتى استطاع التحالف السيطرة على المناطق التي كانت تخضع للتنظيم، ولكن على الرغم من ذلك لا يزال داعش قوة ضارية.

تظهر البيانات التي جمعتها وزارة الدفاع الأمريكية والأمم المتحدة أن التنظيم الإرهابي لا يزال يحتفظ بنفس عدد المقاتلين مثلما كان في 2014 وهي فترة الذروة في عهد التنظيم، حيث يوجد في سوريا والعراق فقط 20 إلى 31 ألف مقاتل، فيما ينتشر آلاف آخرون في عدة دول أخرى.

ويقول مسؤولون أمريكيون في البيت الأبيض والبنتاجون إن الرقم الحقيقي أقل بكثير، ولكن تقرير سينشر حديثًا من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يؤكد أن الرقم كبير، وأن التنظيم الإرهابي لا يزال يحتفظ بعدد مقاتليه البالغ 25 ألف على الأقل.

وسمحت المناطق التي سيطر عليها التنظيم وقت ذروته بامتلاكه لمليارات الدولارات من خلال فرض ضرائب على السكان في مناطق حكمه وكذلك التجارة التي يقومون بها، ما سمح لداعش بأن يصبح التنظيم الإرهابي الأكثر ثراء في العالم، وذلك سمح له بدفع رواتب لمقاتليه ومعاشات للعائلات.

____ 3

ويقول المحللون إن طرد داعش خارج المناطق التي سيطر عليها لن يكون كافيًا لأن يُهزم التنظيم تمامًا، فداعش سيكون لا يزال قادرًا على القيام بعمليات تدميرية حول العالم إذا ما أوعز لأتباعه بالقيام بعملية طعن أو تفجير قنبلة، أو دهس المواطنين بسيارة، وقد عاد التنظيم بالفعل إلى التمرد في العراق وسوريا.

ويقول أحد الدارسين البارزين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل نايتس: "لقد انقضى الجزء السهل بإزالة التنظيم من المدن التي سيطر عليها، والآن يأتي الجزء الصعب".

"الزمن يعود للوراء"

يحاول العديد من السياسيين تحقيق نصرًا شخصيًا على حساب داعش، بادعاء أن التنظيم هُزم تمامًا، وكان من بينهم الرئيس دونالد ترامب الذي استخدم جملة "تم طمسه تمامًا"، ولكن يرى المحللون الذين يقتفون أثر التنظيم ويدرسونه منذ أن ظهر بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، أن التنظيم الذي تغير اسمه أربع مرات، سيعود إلى ما كان عليه قبل ظهور "دولة الخلافة" في 2014.

ويقول كولين كلارك، المسؤول البارز بمركز سوفان (مجموعة بحثية مقرها نيويورك حول التهديدات الأمنية): "ننظر إلى الفترة الحالية على أنها الوقت الذي يُحدد تنظيم داعش"، وتقول الصحيفة، إن تنظيم داعش كان - قبل إعلان الخلافة - خطرًا هائلًا أيضًا، ويبدو أنه سيعود إلى جذوره القديمة بحسب محللين.

ويقول نايتس، إن كل ما نجحنا فيه هو إعادة عقارب الساعة للوراء، والعودة للصورة الأولية للتنظيم.

وعلى الرغم من أن رقعة التنظيم أصبحت تقتصر الآن على مدينة هجين فقط، إلا أن الخبراء يحذرون من إمكانية القيام بعمليات إرهابية خارجية.

وأوضحت الصحيفة، أن المحللين الذين يتعقبون التنظيم الإرهابي استخدموا ثلاث طرق في جمع المعلومات عن التنظيم وقوته، وهي: حجم المناطق تحت سيطرته، القوة العسكرية لأفراده، وعدد وتكرار الهجمات التي يقوم بها، وإذا استعادت قوات سوريا الديمقراطية هجين، فإن العامل الأول من هذه العوامل سيصبح صفرًا تقريبًا، ولكن العاملان الآخران قصة أخرى، بحسب المحللين.

____ 4

ويقول بريت ماكجورك، الممثل الخاص للبيت الأبيض في معركته ضد تنظيم داعش: "هجين هي آخر معقل لتنظيم داعش، وبينما يشكل سقوط المدينة في أيدي القوات السورية التخلص من آخر معاقلهم على الأرض، إلا أننا نقول دائمًا إن هذه لن تكون نهاية التنظيم الإرهابي".

وتضيف الصحيفة، قد يكون مقاتلو تنظيم داعش مشتتين الآن ولكن عددهم لا يزال كبيرًا، ويشكلون خطرًا بالتأكيد.

ويقول سيث جونز، مستشار بارز بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومؤلف الدراسة التي ستنشر قريبًا والتي قدرت عدد أفراد التنظيم بـ 25 ألف، إن "التقديرات التي نملكها لعدد أفراد التنظيم في العراق وسوريا كبيرة، وهذا أمر مهم، لأنها تظهر أن التنظيم الأساسي لا يزال في مكانه، وعلى الرغم من أنهم لا يسيطرون على مناطق إلا أنهم لديهم القدرة على زيادة عدد قواتهم".

لا يزال تنظيم داعش ملهمًا جيدًا للهجمات خارج الشرق الأوسط، من الاعتداءات على نطاق صغير مثل مقتل أربعة من راكبي الدراجات في طاجيكستان هذا العام، إلى هجوم الشاحنة بمدينة نيس الفرنسية عام 2016، والذي قُتل فيه أكثر من 80 شخصًا.

تغيير استراتيجية الهجوم

وتقول الصحيفة، على الرغم من أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن في 2017 أنه تم القضاء على التنظيم نهائيًا، إلا أن معدل العنف ارتفع في ثلاث مدن عراقية في الفترة الأخيرة، ولكن لا يزال العنف هناك أقل مما كان عليه في السابق، فالتنظيم كان يضرب بغداد بهجمات يُقتل فيها 150 شخصًا في المرة الواحدة، إلا أنه يميل الآن لتنفيذ هجمات انتحارية أقل تدميرًا، أو اغتيالات لأشخاص بعينهم.

ويقدر الباحث نايتس - الذي يقتفي أثر تلك الهجمات البسيطة - عدد الاغتيالات لمسؤولي الشرطة في القرى العراقية كل أسبوع بثلاثة أو أربعة أشخاص، ويقول: "هذا يعني مقتل 14 شخصًا من مسؤولي الشرطة في الشهر، وهذا الشخص يكون أهم شخص في القرية ويقوم التنظيم بقتله بشكل دوري".

وتساءل: "هل لا يزال الشعب العراقي يشعر أنه انتصر، في ظل هذه الظروف؟ يتمثل التحدي الحقيقي في إيقاف مثل هذا النوع من العنف الانتقائي، وهو أصعب بكثير من طرد مقاتلي داعش من القرى والأماكن التي سيطر عليها".

ويعتقد المحللون، أن مقاتلي التنظيم عادوا للاختلاط وسط السكان مرة أخرى في المناطق التي طُردوا منها، ويتحركون على شكل خلايا مكونة من عدد صغير للغاية من أعضاء التنظيم، ولديهم ما أشبه بـ "بيوت آمنة".

____ 1

وفي سوريا، بحسب المحللين، ينتظر التنظيم مغادرة القوات الأمريكية قبل أن يقوم بمحاولة لاستعادة السيطرة مرة أخرى، وإذا ما قاموا بهذا سيشكلون نوعًا مختلفًا من الخطر يختلف عن سابقه.

ويقول نايتس في ختام تقرير الصحيفة: "يتطور تنظيم داعش عكسيًا ليصبح حركة متمردة، بشكل أسرع من الذي تتطور به القوات الأمنية لتستطيع مكافحة التمرد".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان