لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

قراءة في كتاب الخوف.. ترامب: الأفغان لا يستحقون أن نقاتل من أجلهم (الحلقة السابعة)

12:00 م الأربعاء 19 سبتمبر 2018

كتاب الخوف

كتب - هشام عبد الخالق:

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عدوًا رئيسيًا للحرب على أفغانستان، وأعلن هذا صراحة عدة مرات، حتى قبل ترشحه للرئاسة من الأساس، ففي 2012، كتب عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "أفغانستان كارثة كبرى.. نحن لا نعرف ماذا نفعل هناك ولكنهم يعرفون، كما أنهم يسرقوننا"، وفي 2013 قال: "يجب الخروج من أفغانستان، حيث تقتل قواتنا من قِبل الأفغان الذين ندربهم، وتضيع مليارات الدولارات هناك، وهذا غير منطقي، من الأفضل بناء الولايات المتحدة".

في مارس 2013، استمر هجوم ترامب على الحرب في أفغانستان وقال: "يجب علينا مغادرة أفغانستان حالًا.. لا مزيد من الحيوات الضائعة، وإذا ما اضطررنا للعودة إلى هناك (أفغانستان)، يجب علينا العودة بشكل سريع وصارم"، وفي أبريل كتب: "حكومتنا (إدارة الرئيس السابق باراك أوباما) مثيرة للشفقة لدرجة أن بعض المليارات التي يتم إنفاقها في أفغانستان تذهب للإرهابيين"، وفي ديسمبر 2015 كتب: "نفذ انتحاري هجومًا ضد القوات الأمريكية في أفغانستان وقتل عددًا منهم، متى سيصبح قادتنا أقوياء وأذكياء.. نحن نذهب باتجاه مذبحة".

كانت الحرب في أفغانستان أحد النقاط المهمة التي ركز عليها الكاتب الأمريكي بوب وودوورد في كتابه الأخير "الخوف: ترامب في البيت الأبيض"، والذي صدر يوم 11 سبتمبر الجاري، وباع أكثر من 750 ألف نسخة في أول أيامه، ويستعرض "مصراوي" في سلسلة حلقات، أبرز ما كشفه "وودورد" في كتابه الذي يصل إلى 500 صفحة، وقال إنه جمع ما فيه من مئات اللقاءات مع مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية.

ويقول الكاتب في الفصل الخامس عشر: "كان ترامب منذ مجيئه للبيت الأبيض يحاول حل المشاكل العالقة التي تركها سابقوه، وفي القرن الواحد والعشرين لم يكن هناك شيء أكثر وضوحًا من حرب أفغانستان، وعندما تولى ترامب الرئاسة، رأى إتش آر ماكماستر (مستشاره الأمني) أنه ستكون هناك مواجهة بينه وبين ترامب حول الحرب في أفغانستان، وكان ماكماستر على دراية بالمنطقة بعد أن خدم كقائد نائب التخطيط في مقر قيادة حرب أفغانستان بكابول".

في الأول والعاشر من مارس عام 2017، ترأس الكولونيل فيرناندو لوجان، المسؤول عن الملف الأفغاني بمجلس الأمن القومي، أولى الاجتماعات متوسطة المستوى بين الوكالات في إدارة ترامب، وتضمنت ممثلين عن وزارة الخارجية والدفاع، ووكالات الاستخبارات.

طرح مسؤول الخارجية في هذا اللقاء عدة أسئلة منها لماذا نحتاج قاعدة لمكافحة الإرهاب في أفغانستان لمنع هجوم آخر (في إشارة إلى هجوم 11 سبتمبر 2001 الإرهابي)؟ وما هو التهديد الإرهابي الحقيقي الناتج من أفغانستان؟ ولماذا نحتاج الآلاف من المقاتلين وأفراد المخابرات لمحاربة التهديد الناتج من أفغانستان في الوقت الذي نمتلك فيه طائرات مُسيرة بدون طيار؟

وأوضح مسؤول الخارجية، أن الولايات المتحدة حافظت على رغبتها في عدم إنشاء وجود دائم لها في أفغانستان عندما دخلت الدولة الواقعة في آسيا لأول مرة في 2001، فكيف يمكن تحقيق هذا الآن بعد 16 عامًا، وهذا طرح عدة أسئلة أخرى، متى سينتهي الوجود الأمريكي هناك؟ وهل سيكون هناك حلًا سياسيًا؟ وإذا ما كان الحل السياسي أولوية قصوى وسيتطلب مصالحة ما، هل سيوافق الرئيس ترامب على هذا؟

ويقول الكاتب: "بعد أحداث 11 سبتمبر، دفعت الحكومة الأمريكية الكثير من الأموال لتجار الحرب في أفغانستان ليطاردوا تنظيم طالبان، وتم استخدام الكثير من هذه الأموال لاستهداف المعارضة السياسية في البلاد، وتنفق الولايات المتحدة الآن ما يقرب من 50 مليار دولار في العام في أفغانستان، وفي الوقت الذي كان الفساد في الحكومة في أعلى مستوياته، كانت الأموال الأمريكية التي تُدفع للحكومة الأفغانية أحد السموم في جسد النظام الأفغاني".

بعد اجتماع ماكماستر مع ممثلي وزارة الخارجية، والبنتاجون، ووكالات الاستخبارات، وضع أهدافه الأساسية التي يريد تحقيقها، وتمثلت في: تحقيق الاستقرار السياسي الذي سيشمل تسوية سياسية مع حركة طالبان المتمردة، والضغط من أجل اتخاذ إجراءات مؤسسية من قبل الحكومة الأفغانية لمواجهة حركة طالبان، وزيادة الضغط على باكستان التي كانت تلعب على الطرفين - متحالفة اسميًا مع الولايات المتحدة في الوقت الذي تدعم أيضًا الإرهابيين وحركة طالبان - والحفاظ على دعم 39 دولة متحالفة مع الولايات المتحدة.

وكان ماكماستر يفكر في إضافة المزيد من القوات على الأرض في أفغانستان، حوالي من 3 آلاف حتى 5 آلاف جندي إضافي لمنع أي هجوم إرهابي مستقبلي، ولكن في اجتماع ما تم تسميته بـ "لجنة المديرين"، استشاط وزير العدل جيف سيشنز ضد الجميع، بما فيهم ماكماستر بسبب تلك الفكرة في زيادة عدد القوات الأرضية.

وقال سيشنز: "أنت تجعل الرئيس يدخل في المنطقة التي لا يريدها، نحن نخسر العديد من الأرواح في أفغانستان".

في الثامن والعشرين من شهر مارس 2017، قدم ماكماستر لمجلس الأمن القومي، استراتيجية جديدة عُرفت باسم: "R4s"، وهي: "التعزيز، وإعادة التنظيم، والتوافق، وإضفاء الطابع الإقليمي"، وكانت تلك الأفعال هي مكونات استراتيجية أفغانستان التي قدمها ماكماستر، وكان التعزيز يعني المزيد من المعدات والتدريب، وإعادة التنظيم يعني استهداف تمويل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الأفغانية، بدلًا من المناطق المتنازع عليها التي تسيطر عليها طالبان، التوافق يعني السعي لجعل الحكومة الأفغانية شاملة مثل عقد الانتخابات والعمل مع وسطاء السلطة، ويعني إضفاء الطابع الإقليمي، أن الولايات المتحدة تعمل مع الجهات المؤثرة الإقليمية مثل الهند.

بحلول شهر مايو من نفس العام، كان تم إرسال قوة من 3000 إلى 5000 جندي إضافي إلى أفغانستان، والذين وصفهم البعض بأن هؤلاء الجنود لن يُذكروا في الإحصاء الرسمي لعدد المقاتلين هناك، وفي نفس الوقت كان السيناتور ليندساي جراهام يحاول إقناع ترامب بزيادة عدد القوات، والتقى معه ثلاث مرات للحديث حول أفغانستان.

وسأل جراهام ترامب: "هل تريد أن يُكتب في سيرتك الذاتية أنك سمحت لأفغانستان بالعودة للظلام؟ وأن أحداث 11 سبتمبر تكررت مرة أخرى ومن نفس المكان؟ ليرد عليه ترامب: "كيف يمكن إنهاء هذا؟".

استرسل جراهام بعد ذلك وقال: "هذا الأمر لا ينتهي، فتلك معركة بين الخير والشر، ومثل هذه المعركة لا تنتهي أبدًا، وهدفنا هنا أن نضمن عدم مهاجمة أرضنا مرة أخرى من أفغانستان".

في هذا الوقت، طلب ستيف بانون (كبير مستشاري دونالد ترامب السابق) من مدير المخابرات المركزية الأمريكية آنذاك مايك بومبيو، أن يجد حلًا وسطًا لهذه المشكلة، في الوقت الذي كانت المخابرات تدير جيشًا سريًا مكونًا من 3 آلاف رجل في أفغانستان، ووافق بومبيو على الذهاب إلى هناك في أول أغسطس.

كانت المخابرات الأمريكية في ذلك الوقت تُدرب رجالًا من أفغانستان وتسلحهم وتمدهم بالأموال اللازمة، وكانوا نُخبة المقاتلين الأفغان، وكانوا يقتلون ويأسرون متمردي طالبان، ويدخلون المناطق القبلية للقضاء عليهم، بل ونفذوا عمليات على الحدود مع أفغانستان، مما جعل بومبيو يفكر في زيادة عدد تلك الفرقة المعروفة بـ "فرقة مكافحة الإرهاب" للاستغناء عن باقي القوات العسكرية الأمريكية.

في الثامن عشر من يوليو 2017، التقى الرئيس ترامب مع نائبه مايك بنس، ومستشاره للأمن القومي ماكماستر، بثلاثة جنود مقاتلين وطيار ممن خدموا في أفغانستان لتناول الغذاء في البيت الأبيض، وجلس الأربعة جنود على أحد جوانب الطاولة فيما جلس المسؤولون الثلاثة على الجانب الآخر.

وقال ترامب: "أود أن أعرفك لماذا استغرقنا 17 عامًا هناك، كيف تسير الأمور هناك وما يجب علينا القيام به، لدينا الكثير من الأفكار طرحها عدد كبير من الناس، ولكنني أريد أن أسمعها من المقاتلين الذين كانوا على الأرض".

بعد ذلك، لخص ترامب آرائهم في حديث له مع ستيف بانون، وقال: "بالإجماع، يجب علينا أن نعرف كيف نخرج من هناك، فالأمور فاسدة، والأشخاص هناك لا يستحقون أن نقاتل من أجلهم، والناتو لا يفعل شيئًا، فهو مجرد عائق ولا تدع أحدًا يخبرك كم هو عظيم، فهو مجرد هراء".

اجتمع مجلس الأمن الوطني في اليوم التالي لمناقشة استراتيجية أفغانستان وباكستان، وأثناء شرح ماكماستر للأهداف والخطط المقترحة، قاطعه ترامب قائلًا: "اعتدتُ على سماع مثل هذا الحديث طوال سبعة عشر عامًا، ولكن دون تحقيق أي نجاح، لا يمكننا الاستمرار في نفس الاستراتيجية القديمة".

وتابع ترامب، "كانت أكثر المعلومات المفيدة التي حصلت عليها من الجنود على الأرض، فالناتو عبارة عن كارثة ومضيعة للوقت"، فقد أخبره الجنود في اليوم السابق أن موظفي الناتو لا يعملون بشكل جيد.

وأضاف باكستان ليست صديقًا لنا، فهم لا يساعدوننا حقًا، على الرغم من الدعم السنوي الذي تتلقاه كل عام ويبلغ 1.3 مليار دولار، ورفض ترامب دفع أي مساعدات إضافية، وبالنسبة للقادة الأفغان، أصر ترامب على أنهم فاسدون ويتربحون من الولايات المتحدة، وقال ترامب: "الجنود على الأرض يستطيعون إدارة الأمور أفضل كثيرًا من الجنرالات والمستشارين هنا".

في البيت الأبيض، ظل ترامب يكرر ترامب جملة سمعها في الاجتماع، وهي: "الطريقة الوحيدة للفوز في أفغانستان، عن طريق تكوين تمرد ضد تمرد طالبان".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان