افتتاحية الجارديان: كوريا الشمالية.. كثير من الكلام وقليل من الأفعال
كتب - هشام عبد الخالق:
"اعتاد الكوريون الشماليون على تحقيق أكبر استفادة ممكنة من أقل التفاصيل، واستطاعوا النجاة والعيش حتى وقتنا هذا بتلك الطريقة، وبهذه الطريقة أيضًا يتعامل حكامهم مع الضغط الدولي الذي يقابلهم، وعلى الرغم من ذلك تفاجئ زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون من قدرته على استغلال الموارد القليلة للغاية إلى أقصى حد بهذه الدرجة".
كانت هذه افتتاحية صحيفة "الجارديان" البريطانية، في حديثها عن العلاقات الأمريكية الكورية الشمالية، والتي قالت فيها: إن "البداية كانت مع قمة سنغافورة بين الرئيس الأمريكي ترامب وكيم جونج أون، حيث استطاع الأخير الحصول على كل شيء يرغب فيه دون أن يقدم شيئًا، ولكن سرعان ما تعثرت العلاقات مع إدارة ترامب، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن كوريا الشمالية تواصل تطوير برنامجها النووي، لكن الولايات المتحدة أعلنت يوم الأربعاء أنها مستعدة لإعادة استئناف المحادثات الثنائية على الفور، وحاليًا تُجرى مناقشات حول اجتماع ترامب وكيم الثاني.
وأضافت الافتتاحية، كان الجانبان (الكوري الشمالي والأمريكي) يتحدثان عن أشياء مختلفة ولا يتفقان، وظهرت تلك الاختلافات واضحة في إيقاف الولايات المتحدة للاجتماعات المشتركة في يوليو، بعد أن تجاهل كيم وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، معتبرًا أن دونالد ترامب ينكث بوعده حول إعلان السلام.
لم يتغير موقف كوريا الشمالية فقط، بل أيضًا الولايات المتحدة، وكان هذا واضحًا في حماس الإدارة الأمريكية حول القمة التي عقدت بين الكوريتين هذا الأسبوع، وتقول الولايات المتحدة إن كوريا الشمالية تعهدت بإكمال نزع السلاح النووي بحلول يناير 2021، لكن كوريا الشمالية تتحدث عن رغبتها في إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، وليس من جانبها فقط، ووعدت لأول مرة في سنغافورة بتفكيك موقع لاختبار الصواريخ وإطلاقها.
وبينما تقول الولايات المتحدة إن كوريا الشمالية تعهدت بتفكيك منشأتها النووية في يونجبيون بحضور مفتشين، إلا أن كوريا الشمالية قالت إنها ستتخذ إجراءات مثل هذه إذا كانت هناك تحركات مناظرة من جانب الولايات المتحدة فقط، ويكمن وراء هذه الاختلافات تناقضًا جوهريًا، حسبما أشار المحلل جونج باك الذي قال: "الموافقة الأمريكية على اتفاق سلام يعتمد في الأساس على تخلي كيم جونج أون عن أسلحته النووية، لكن كل شيء يشير إلى أن كوريا الشمالية تعتقد أن السلام ممكن لأنها تمتلك أسلحة نووية".
وتقول الصحيفة: "قد يؤدي غرور وجهل ترامب إلى جعله أعمى عن هذا الصدام، خاصة في وقت تتناقض فيه تعهدات كيم باحتقاره لفريق ترامب الخاص متمثلًا في بومبيو".
كان المضمون الحقيقي للاجتماع الذي تم في بيونج يانج هو الاتفاق بين الكوريتين على إجراءات إزالة التصعيد المحتملة، بما في ذلك المناطق العازلة على الهواء والأرض والبحر، وعلى الرغم من اعتراض بعض الكوريين الجنوبيين على رئيسهم الذي يتقبل ديكتاتورًا، إلا أن الكثيرين مرتاحون لتخفيض خطر الحرب.
وعلى الرغم من أن البعض في واشنطن يتهم سيول بإخراج الولايات المتحدة من المعادلة، إلا أن ترامب هو من أوقف سياسة "الضغط الشديد" عندما قدم كل شيء لكيم في قمة سنغافورة مجانًا، وكان ترامب أيضًا هو من أقنع الرئيس الصيني شي جين بينج بلقاء كيم ثلاث مرات هذا العام.
وقالت الصحيفة في نهاية افتتاحيتها: "بعد التهديدات من ترامب لكوريا الشمالية بـ "النار والغضب"، من المفيد للغاية استخدام سياسة "عدم التصعيد" الآن، وعلى المدى الطويل من الممكن أن توقف كوريا الشمالية برنامجها النووي فعلًا أو على الأقل أن تخفض منه، ولكن هذا لن يحدث بالطبع من جانب إدارة ترامب".
فيديو قد يعجبك: