البابا فرنسيس يزور ليتوانيا المحطة الأولى من جولة في دول البلطيق
(أ ف ب):
بدأ البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في ليتوانيا الكاثوليكية جولة تستمر أربعة أيام في دول البلطيق الواقعة على الجانب الشمالي الشرقي للاتحاد الأوروبي، سيكرم خلالها ضحايا الاحتلالين النازي والسوفياتي في وقت تسعى الكنيسة لتجاوز اتهامات جديدة لرجال دين بارتكاب تجاوزات.
وحطت طائرة البابا حوالى الساعة 11,15 ( 08,15 ت غ) في فيلنيوس. ويزور الاثنين لاتفيا الأكثر ميلا إلى البروتستانتية، والثلاثاء إستونيا التي يشكل غير المؤمنين غالبية فيها.
وقال الحبر الأعظم للصحفيين في الطائرة التي أقلته من روما إلى فيلنيوس "إنها دول تتشابه ومختلفة في الوقت نفسه". وأضاف "لديها تاريخ مشترك وقصص مختلفة. سيكون ذلك جميلا".
ويسعى البابا إلى التقرب من أصغر الجاليات الكاثوليكية في العالم وكذلك من المجموعات المسيحية الأخرى.
وتبدو رحلته الخامسة والعشرون هذه إلى الخارج، هادئة بعد زيارته الصعبة في نهاية أغسطس إلى ايرلندا التي عانت في الماضي من تجاوزات رجال الدين.
وتحيي هذه الدول الثلاث المطلة على البلطيق هذا العام الذكرى المئوية لاستقلالها خلال الحرب العالمية الأولى. وقد شهدت بعد ذلك غزو النازيين ثم نصف قرن من الاحتلال السوفياتي.
ويمكن ان تعكّر هذه الاحتفالات موجة جديدة من الاتهامات لرجال دين في أنحاء العالم بارتكاب انتهاكات جنسية.
اتهامات بارتكاب تجاوزات
تتعلق الفضائح في استراليا واوروبا والامريكيتين باتهامات واسعة بانتهاكات وتستر -- من رجال دين ومناصرين لهم، وصفها أحد الاساقفة ب"هجمات 11 سبتمبر في الكنيسة".
وقبل البابا الجمعة استقالة اسقفين من تشيلي التي تحقق في أكثر من مئة قضية تتعلق بتجاوزات جنسية لرجال دين.
ودعا إلى اجتماع لرؤساء مؤتمر الاساقفة الكاثوليك في الفاتيكان في فبراير المقبل لمناقشة "حماية القاصرين".
غير أن البابا لزم الصمت إزاء اتهامات بأنه تجاهل إفادات تؤكد حصول تجاوزات.
وقال الناشط بونو قائد فرقة يو-تو الموسيقية إنه رأى الألم على وجه فرنسيس بعد لقاء الأربعاء أبلغه خلاله إنه "يبدو لبعض الناس إن مرتكبي التجاوزات يحظون بحماية أكبر من الضحايا".
ومن المتوقع أن تنشر سلطات الكنيسة في ألمانيا رسميا دراسة تفنّد عقودا من التجاوزات الجنسية بحق أطفال ارتكبها كهنة، فيما ينهي فرنسيس جولته البلطيقية الثلاثاء.
وتقول الدراسة إن 1670 رجل دين في ألمانيا ارتكبوا انتهاكات جنسية ما بحق 3677 قاصر بين الاعوام 1946 و2014، بحسب ما ذكرته صحيفة شبيغل الالكترونية في وقت سابق هذا الشهر نقلا عن تسريبات.
تضحية وحرية
يجري البابا محادثات مع الرئيسة الليتوانية داليا غرباوسكايتي في فيلنيوس السبت قبل أن يلقي خطابا أول أمام شبان. وبعد الظهر سيتوقف للصلاة في موقع يضم أيقونة يزورها المؤمنون كما فعل البابا البولندي يوحنا بولس الثاني الذي زار دول البلطيق في 1993 بعد سنتين فقط من انهيار الاتحاد السوفيتي.
ودول البلطيق الثلاث رسخت مستقبلها في تحالفات مع الغرب بالانضمام إلى حلف شمال الاطلسي والاتحاد الأوروبي في 2004.
وبينما أدت تلك التحالفات إلى نمو اقتصادي قوي، جلبت معها تفاوتات اجتماعية تسببت في هجرة جماعية إلى غرب اوروبا -- وهذا نهج مقلق لدول يتراوح عدد سكانها ما بين 1,3 و2,9 مليون نسمة.
وقالت فايدا نازروفايتي (44 عاما) لوكالة فرانس برس وهي تنتظر وصول البابا إلى وسط فيلنيوس "أذكر أن مدير مدرستنا لم يشجعنا على الذهاب إلى الكنيسة" في الحقبة السوفياتية.
وشهد القرن الأخير في تاريخ منطقة البلطيق الاحتلال النازي -- ومقتل جميع اليهود تقريبا في المنطقة - ثم عقودا من الاحتلال السوفيتي في الحرب الباردة.
وخلف "الستار الحديدي" لعبت الكنيسة الكاثوليكية دورا رئيسيا في المقاومة غير العنيفة للسوفيات وخصوصا في ليتوانيا الوحيدة بين الدول الثلاث ذات الغالبية الكاثوليكية.
وقالت المؤرخة تيريز بيروتي بوراوسكايتي لوكالة فرانس برس إن "الكنيسة كانت حصنا لجميع المنشقين وليس الكاثوليك فقط وقاومت بشدة النهج السوفياتي ودافعت عن حقوق المؤمنين".
ونتيجة لذلك تعرضت للاضطهاد وقتلت السلطات كهنة وأساقفة. وحسب تقديرات فيلنيوس، مات أكثر من 50 ألف ليتواني في معسكرات وسجون وخلال عمليات ترحيل بين 1944 و1953. وقتل 20 ألف من المناصرين في عمليات لمجموعات مسلحة ضد السوفيات.
وقال البابا الخميس في رسالة فيديو موجهة لشعوب الدول الثلاث "تصادف زيارتي مع الذكرى المئويّة لاستقلال بلدانكم والتي ستُكّرِم جميع الذين ومن خلال تضحياتهم في الماضي جعلوا الحريّة ممكنة في الحاضر".
وسيزور الحبر الأعظم في فيلنيوس متحف الاحتلالات والنضالات من أجل الحرية الذي أقيم في مقر الشرطة السرية النازية (غشتابو) ثم الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي).
لكن أهم محطة في الزيارة هي الصلاة أمام نصب ضحايا حي اليهود في فيلنيوس الأحد، بعد 75 عاما على تدميره.
وكانت فيلنيوس توصف ب"قدس الشمال" لوجود جالية يهودية كبيرة فيها قبل الحرب العالمية الثانية. وقضى نحو مئتي ألف يهودي ليتواني على أيدي النازيين والمتعاونين معهم خلال الاحتلال الألماني بين 1941 و1944.
ويقيم حاليا ثلاثة آلاف يهودي فقط في الدولة البالغ عدد سكانها 2,9 مليون نسمة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: