من هم الحركيون الذين كرمهم ماكرون ويعتبرهم الجزائريون خونة؟
(بي بي سي):
في خطوة أثارت استياء العديد من الجزائريين أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تكريم 26 من الجزائريين الذين يعرفون باسم الحركي، ومنح ستة منهم رتبة فارس في جوقة الشرف للدولة الفرنسية.
لكن من هم الحركي؟
الحركي مصطلح يعني العميل أو الخائن ويطلق على الجزائريين الذين حاربوا في صفوف جيش الفرنسي ضد ثورة التحرير في بلادهم من 1954 إلى 1962 .
ولكن لم تكن هذه هي بداية الحركي ففي عام 1954 انطلقت حركة انتصار الحريات التي أسسها مصالي الحاج بعد الحرب العالمية الثانية والتي انبثق عنها جبهة التحرير الوطني، فكلمة الحركي كانت مشتقة من الحركة.
ونظرا لمعارضة الحركة فيما بعد لجبهة التحرير الوطني بات اسم الحركي يطلق على كل الذين عارضوا جبهة التحرير الوطني .
وشن الحركيون الحرب على "جبهة التحرير الوطني" التي كانت في نظرهم "جماعة إرهابية".
وخدم 150 ألف حركي في صفوف القوات الفرنسية، وبعد انتهاء الحرب جردوا من أسلحتهم وتُرك القسم الأكبر منهم في الجزائر في مواجهة مصيرهم.
واستقبلت فرنسا بعد توقيع وقف الحرب من الحكومة الجزائرية المؤقتة نحو 60 ألف عنصر من "الحركى"، ووضعوا في مراكز إيواء، وظروف وصفت بأنها غير ملائمة. وقد بلغ عددهم وأسرهم حاليا في فرنسا نحو نصف مليون شخص.
وتحدثت تقارير عن أن "الذين بقوا تعرضوا لعمليات انتقام" في الجزائر.
نقطة خلاف
ويشكل مصير الجزائريين الذين قاتلوا في صفوف الجيش الفرنسي ضد ثورة التحرير في بلادهم نقطة خلاف بين الجزائر وفرنسا لحساسيتها التاريخية.
ولم تعترف السلطات الفرنسية بحرب الجزائر إلا في عام 2000 إذ كانت تسمي الحرب، التي دامت 7 أعوام وذهب ضحيتها أكثر من مليون قتيل، "أحداث الجزائر"، وتصف مهمة جيشها وأجهزتها الأمنية في الجزائر من 1954 إلى 1962 بأنها "عمليات حفظ النظام".
وأثار ماكرون العام الماضي الكثير من الانتقادات في الأوساط السياسية الفرنسية، وجمعيات الحركى، عندما صرح أن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية".
وفي الوقت انفسه أثار انتقادات العديد من الجزائريين عندما تحدث عن حق العودة لمن ولد في الجزائر بصرف النظر عن خلفياته وكان يعني الحركي والأقدام السوداء.
واعترف الرئيس الفرنسي الأسبوع الماضي بأن الجيش الفرنسي وضع "نظاما" يسمح بالتعذيب من أجل قمع ثورة التحرير الجزائرية. وأقر بمسؤولية الدولة الفرنسية عن مقتل الناشط الشيوعي الفرنسي، موريس أودان، الذي اختفى عام 1957 بسبب تعاطفه مع الثورة الجزائرية.
ووافق 25 سبتمبر اليوم الوطني لتكريم الحركيين في فرنسا حيث أعلنت الدولة عن تدابير لصالحهم منها تخصيص أربعين مليون يورو على أربع سنوات لمساعدة الحركيين من الجيل الثاني الذين لا يزالون يواجهون صعوبات اجتماعية في الاندماج.
ويبدو ماكرون مصمما على كسر المحظورات المتصلة بهذا الإرث التاريخي؛ ففي الأسبوع الماضي اعتذر لأرملة موريس أودان الشيوعي الذي ناضل إلى جانب الجزائريين المطالبين بالاستقلال ومات تحت التعذيب بعد أن خطفه الجيش الفرنسي في 1957.
فيديو قد يعجبك: