في زيارة أردوغان لألمانيا: هل يعلو صوت "المصالح" فقط؟
(بي بي سي):
عندما وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الألمانية برلين الخميس، في مستهل زيارة تستغرق 3 أيام، كان من الواضح أن هدفا واحدا أمام عينيه، وهو نزع فتيل التوتر مع "الأصدقاء الألمان".
ففي المقال الافتتاحي لصحيفة "فرانكفورتر الجايمن زيتونغ" الألمانية دعا أردوغان ألمانيا وتركيا لفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما. وكتب أردوغان يقول:" إنها مسؤوليتنا دفع علاقتنا قدما على أساس المصالح المشتركة."
وقد حدد أردوغان ما يجب أن تقوم به ألمانيا بهذا الصدد وهو اعتبار حركة غولن إرهابية، وهي الحركة التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب عام 2016، كما حذر الرئيس التركي أيضا من تصاعد الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف في ألمانيا.
أسباب التوتر
وتوترت العلاقات بين الجانبين في السنوات الأخيرة حيث أعربت برلين عن قلقها إزاء "الميول الاستبدادية" لحكومة أردوغان واعتقال مواطنين ألمان في تركيا، فبحسب وزارة الخارجية الألمانية هناك خمسة مواطنين ألمان اعتقلتهم تركيا لأسباب سياسية.
وقد شهد عام 2016 عدة أحداث أدت للتصعيد بين الطرفين منها:
اعتراف البرلمان الألماني بالإجماع بالمذابح ضد الأرمن.
رفع أردوغان دعوى ضد الكوميدي الألماني، يان بوهميرمان، بخصوص قصيدة ساخرة اعتبرها أردوغان مهينة له. وقد رفضت الدعوى ولكنها سببت توترا بين البلدين.
وفي نفس العام اتهمت أنقرة برلين بأنها لم تتخذ موقفا واضحا إزاء محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا كما لم تتخذ موقفا تجاه منظمة فتح الله غولن.
انتقدت ألمانيا عمليات الاعتقال التي قامت بها تركيا عقب محاولة الانقلاب.
تصاعد التوتر مع مظاهرات الأكراد الكبيرة في كولونيا للمطالبة بإطلاق سراح عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل في تركيا.
وفي عام 2017 اعتقلت تركيا عددا من المواطنين الألمان الذين اعتبرتهم برلين معتقلين سياسيين في ما اعتبرتهم أنقرة داعمين لمنظمة إرهابية.
وفي نفس العام حظرت ألمانيا المسيرات المؤيدة للاستفتاء على تغيير الدستور التركي واتهمت برلين تركيا بالتجسس على مئات من أنصار غولن في ألمانيا.
كما حث أردوغان الألمان ذوي الأصول التركية على عدم التصويت لأحزاب رئيسية اعتبرها معادية لتركيا.
في سبتمبر 2017 ، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن تركيا لا يجب أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وفي بداية العام الجاري وقع الهجوم العسكري التركي على عفرين شمال سوريا، وهو الأمر الذي انتقدته ألمانيا.
تعرض اللاعب الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل لانتقادات في ألمانيا لظهوره في صور مع الرئيس التركي وانتهى الأمر باعتزاله اللعب الدولي.
ومع توتر العلاقات التركية مع واشنطن بسبب سوريا والعقوبات الاقتصادية، تحولت أنقرة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي على أمل الحصول على دعم لتحقيق استقرار اقتصادي.
زيارة دولة
وخلال زيارة الدولة التي يقوم بها أردوغان، والتي جاءت بناء على دعوة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، يحظى الرئيس التركي باستقبال حرس الشرف في برلين ومأدبة دولة ومن المقرر أن يعقد اجتماعين مع ميركل كما سيلتقي بجماعات تركية في ألمانيا.
وأفادت تقارير إعلامية أن عددا من كبار السياسيين في ألمانيا سيقاطعون العشاء المدعو له أردوغان من بينهم السياسية اليسارية سفيم داغديلين التي قالت:"إن مأدبة رسمية واستقبال رسمي بالبساط الأحمر وحرس الشرف لشخص يدير السياسة الخارجية بطرق مشابهة للمافيا، ويطارد السياسيين المعارضين، ويغزو جيرانه، أمور غير مقبولة."
ويأتي الاقتصاد على رأس أولويات أردوغان الذي يؤكد أن الاقتصاد التركي قوي لدرجة تمكنه من حل مشاكله المالية إلا أن التضخم والبطالة وتراجع قيمة الليرة التركية أمور تشير إلى عكس ما يقوله.
ويقول يورغين هاردت المتحدث باسم الحزب المسيحي الديمقراطي التابع لميركل إن تحسن العلاقات الاقتصادية بين البلدين يستلزم من تركيا معالجة مشاكلها في ما يتعلق بحكم القانون وحقوق الإنسان.
وقال:" إذا كانت تركيا تتطلع للتعافي الاقتصادي ولديها تطلعات نحو ألمانيا فإننا سنناقش حكم القانون وليس الاقتصاد فقط."
ورغم ذلك، يرى معلقون أن ألمانيا معنية كثيرا بالحفاظ على اتفاق اللاجئين الذي تم التوصل إليه مع تركيا عام 2016 والذي توقف بمقتضاه أنقرة تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
ويقول غارو بيلان من حزب الشعوب الديمقراطي :" بينما يسحق أردوغان حقوق الإنسان، يتم استقباله رسميا، ما يعني أن كل شيء يفعله بات أمرا طبيعيا وأن تركيا مقبولة كدولة تنتهك حقوق الإنسان. فالهدف الرئيسي من زيارته هو الحيلولة دون سقوط دولة عازلة."
وقد بدأت بالفعل احتجاجات ضد زيارته في المدن الألمانية الرئيسية ومن المتوقع مشاركة نحو 10 آلاف شخص في مظاهرة في برلين الجمعة.
وستنتهي الزيارة في كولونيا حيث سيفتتح أردوغان مسجدا ممولا من منظمة رسمية تركية.
ويقول منتقدو الزيارة إنه سيستغل الفرصة للظهور كضيف مرحب به وهو الأمر الذي أتاحته له ألمانيا.
فيديو قد يعجبك: