أزمة السمسم في تركيا تعكس أزمات اقتصادية أكبر
اسطنبول - ( د ب ا):
حلقات السميط التركية( الكعك التركي) تحظى بحب الجميع، ويستمتع بها الأغنياء والفقراء، والأتراك المحليون والسائحون، سواء تم تقديمها سادة أو بها جبنة مالحة أو جبنة زيتون أو شكولاتة.
يمكن العثور على حلقات السميط المغطاه ببذور السمسم في أي وقت من الصباح، ويمكن شراؤها من أي متجر بالشارع في تركيا.
ولكن الآن ، مستقبل حلقات السميط معرض للخطر بسبب ارتفاع أسعار بذور السمسم.
ويقول أحمد يالشين رئيس غرفة المعجنات في تركيا إن الأسعار ترتفع منذ أشهر، مما قد يعني أن إنتاج حلقات السميط سوف يتراجع.
وبلغت تكلفة كيلو السمسم العام الماضي 8 ليرات ( 3ر1 دولار). اليوم، تبلغ التكلفة أكثر من 12ليرة.
ويقول يالشين إن المخابز التركية، على الأقل حتى الآن، مترددة في رفع سعر حلقات السميط، مضيفا أن هذا يعني وجود حل واحد: خفض الإنتاج. وأوضح" بدلا من عشر حلقات، سوف نبيع الآن ثلاثة حلقات- أو حلقات أكثر بدون سمسم".
ولم يتضح بعد ما إذا كان سوف يتم تطبيق ذلك بالفعل، ولكن توفير حلقات السميط يمثل قضية سياسية ساخنة في تركيا. ويشار إلى أن خبز السمسم ليس فقط طعاما أساسيا في تركيا، ولكنه جزء أساسي من الهوية التركية.
ويقول يالين اريلماز ، الذي يدير مخبزا في حي توباني في اسطنبول " إنها ماسأة". يقوم مخبز اريلماز بخبز حلقات السميط منذ أكثر من 130 عاما- ولكن من يعلم إلى متى سوف يستمر ذلك نظرا لأنه يعانى دائما من الوضع الحالي.
منذ عامين، كان ايلماز يقوم بخبز 22 ألف حلقة سميط يوميا. اليوم، يقوم بخبز 4000 حلقة فقط، وهذا يرجع بصورة كبيرة لأزمة السمسم.
ويشار إلى أن الشركات التي كانت معتادة على طلب حلقات سميط يوميا لموظفيها من أجل الإفطار، توقفت عن التقدم بهذه الطلبات بسبب ارتفاع التكلفة. ويقول اريلماز " هذا يعني توقف بيع المئات من حلقات السميط يوميا".
وقد ارتفع سعر حلقة السميط تدريجيا على مدار العامين الماضيين، من1 ليرة إلى 25 ر1 ثم 40ر1. وبحلول بداية العام الجاري، بلغ السعر 50ر1 . كان هناك عدة أسباب لزيادة السعر، ولكن بالنسبة للكثيرين، ارتفاع أسعار السمسم كان القشة الأخيرة.
ارتفاع أسعار حلقة السميط في الحقيقة أحد أعراض مشاكل أكبر. فقد نما اقتصاد تركيا بنسبة 4 ر7 % عام 2017، ولكن هذه مجرد إحصاء واحد ضمن صورة أكثر تعقيدا.
تواجه تركيا ارتفاع معدل البطالة ومعدل التضخم والافتقار للثقة في ظل إدارة الرئيس المتزايد نفوذه رجب طيب أردوغان. وتضررت ثقة المستثمرين بصورة أكبر في أغسطس الجاري بسبب تزايد التوتر بين تركيا و الولايات المتحدة على خلفية احتجاز قس أمريكي في تركيا، لتتراجع الليرة لمستوى تاريخي.
كما أدت الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تركيا إلى زيادة الأمر سوءا، حيث يتهم أردوغان الغرب بأنه وراء انخفاض قيمة الليرة ودعا المواطنين الأتراك بمبادلة الدولارات واليورو التي بحوزتهم وتحويلها إلى ليرة.
وقد كثرت نظريات المؤامرة حول ارتفاع أسعار السمسم.
ويعتقد يالشين أن تجار الجملة، الذين يطلق عليهم " أقطاب السمسم" يقومون بتخزين البذور لجعلها أكثر تكلفة. وينفي التجار أنفسهم ذلك. وقال أحد تجارة الجملة، الذي لا يريد ذكر اسمه، إن ارتفاع الاسعار يرجع إلى قيمة الدولار. ويقول إنه بسبب ندرة زراعة السمسم في تركيا، يجب أن يشتريه من الخارج، على سبيل المثال الهند أو أفغانستان، والاستيراد مكلف.
وأضاف " بذور السمسم كمنتج لم تصبح أكثر تكلفة، ولكن قيمة الدولار ارتفعت".
وقد مر وقت كان يمكن خلاله شراء جوال سمسم يزن 25كيلوجراما مقابل 200 ليرة. الآن نفس الكيس يتكلف أكثر من 300 ليرة.
هل سوف يؤدي ذلك إلى إنتاج أقل من حلقات السميط؟ الأمر الوحيد المؤكد هو إنه إذا أسفر عن ذلك، فإن هذا لن يمر مرور الكرام على مواطني تركيا.
فيديو قد يعجبك: