في صحيفة "آي": اضطرابات العراق "سامة وقد تعدي المنطقة بأكملها"
(بي بي سي)
نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية الصادرة اليوم من صحيفة "آي"، حيث نطالع مقالا للكاتب باتريك كوبيرن، بعنوان "إحذروا: اضطرابات العراق سامة وقد تعدي المنطقة بأكملها".
يرى الكاتب أن أسباب الاحتجاجات التي تعصف بالبصرة منذ فترة واضحة، وهي وأن العراق تحكمه "نخبة سياسية مصابة بهوس السرقة" تدير أجهزة الدولة كآلة للنهب.
ويشير الكاتب إلى أن الأزمة تأتي في وقت سيء على وجه خاص في العراق، حيث تعثرت الكتلتان السياسيتان الرئيسيتان في تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في يوم 12 مايوالماضي.
لكن حتى إذا تم تشكيل حكومة جديدة، فإنها قد لا تكون قادرة على إحداث فرق يذكر، حيث يقول مراقبون إن وزراء كتلة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، التي احتلت المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات على نحو غير متوقع، يواجهون اتهامات بالفساد كغيرهم من مسؤولي الأحزاب الأخرى، بحسب كوبيرن.
المشكلة، كما يرى الكاتب، ليست في فساد الأفراد، وإنما في المنظومة بأكملها، حيث تُوزع الوزارات بين الأحزاب التي تستخدمها كمشروعات مدرة للأموال ومصادر للوظائف بالمحسوبية.
وبالرغم من أن كثيرا من العراقيين يريدون تغييرا جذريا، إلا أن الوضع القائم يصعب اقتلاعه من جذوره، فهناك 4.5 مليون شخص يحصلون على رواتب من الحكومة، وبالتالي لديهم دافع لإبقاء الوضع على ما هو عليه، بحسب كوبيرن.
ويحذر الكاتب من أن العراق سيظل على الأرجح رهن سوء الإدارة من حكومة ضعيفة، بما يفتح الباب أمام العديد من المخاطر، حيث أن تنظيم الدولة الإسلامية سقط لكنه لم يختفي تماما، كما أن الاختلافات بين الشيعة في تزايد.
كما يحذر من أن تلك الأزمة السياسية ستمتد إلى خارج العراق، مشيرا إلى أن الأطراف العراقية المتنافسة طالما لجأت إلى جهات أجنبية يخدمون مصالحها فضلا عن مصالحهم الشخصية.
"تشرشل الصهيوني"
وننتقل إلى صحيفة "ديلي تليغراف"، حيث نطالع مقالا للكاتب أندرو روبرتس، ينتقد فيه حزب العمال البريطاني المعارض ورئيسه جيريمي كوربين، وذلك في أعقاب تبني الحزب تعريفا دوليا لـ"معاداة السامية".
وقد قال الحزب في بيان إن هذا "لن يعني على أي نحو تقويض حرية التعبير بشأن إسرائيل أو حقوق الفلسطينيين". وفي أعقاب تبني الحزب ذلك التعريف، خسر نائبان بالبرلمان عن حزب العمال، من منتقدي كوربين، تصويتين بسحب الثقة داخل الحزب. وترأس واحدة من النائبين مجموعة "أصدقاء إسرائيل" داخل الحزب.
ويظهر هذا، بحسب مقال أندرو روبرتس، أن حزب العمال "مخادع بشدة" في ما يتعلق بمسألة "معاداة السامية".
ويقول روبرتس إنه حين أبرم النازيون والسوفيت اتفاق عدم الاعتداء في أغسطس 1939، ظهرت بوضوح الخطوط العريضة لأوجه الشبه المتأصلة في أيديولوجيتهما. وهذا ما يتكرر اليوم، وفي قلبه إسرائيل.
والبطل الوحيد في فترة ثلاثينات القرن العشرين هو رئيس الوزراء البريطاني آنذاك وينستون تشرشل، الذي كان صهيونيا، بحسب الكاتب.
ويوضح روبرتس أن تشرشل استوعب المفارقات المتعلقة بالصهيونية، خاصة أن أشرس المعادين للسامية هم غالبا من اليهود، وأن من المتوقع من إسرائيل دائما الدفاع عن نفسها باستخدام قواعد اشتباك أكثر رقيا وإنكارا للذات من أي خصومها، بالرغم من مطالبتهم العلنية بتدميرها.
وإذا كان تشرشل حيا اليوم، لكان أبدى تقديره للمفارقة المتمثلة في أنه بالرغم من أن إسرائيل هي الديمقراطية الليبرالية الوحيدة في الشرق الأوسط - إذ يتمتع فيها النساء والمثليون والمسيحيون والعرب بحقوق مدنية متساوية مع غالبية السكان - فإن التقدميين الذين يزعمون الاهتمام بالمساواة بين الجنسين وحقوق المثليين والأقليات يكرهون الدولة اليهودية ويوجهون إليها اتهامات لا يستخدمونها مع القوانين القمعية في جاراتها، بحسب الكاتب.
فلو كان هناك تاريخ طويل من انتقاد أنصار كوربين لدول مثل إيران والجزائر والمغرب بسبب قوانينها الباترة للحرية الدينية، ما كانوا ليبدوا معادين للسامية بهذا الوضوح وهم يوبخون الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، كما يرى روبرتس.
"من أجل الزعيم"
ونختم جولتنا في صحيفة "تايمز" مع مقال للكاتب بين ماكنتاير، يدحض فيه رواية مسؤولي الأمن في بريطانيا التي تؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو المسؤول عن محاولة اغتيال الجاسوس السابق سيرغي سكريبال في إنجلترا في وقت سابق من العام الجاري.
خلال حقبة الاتحاد السوفيتي، لم يكن من المتصور أن يتم تخطيط وتنفيذ عملية اغتيال بدون صدور موافقة من أعلى مستوى، لكن نظام بوتين لا يعمل بهذا الأسلوب.
ويبدو أن محاولة اغتيال سكريبال كانت مهمة نفذتها عناصر غير مؤهلة بجهاز "جي آر يو" للاستخبارات العسكرية، وذلك في تحرك شبه مستقل رأوا، هم أو قادتهم، أنه سيرضي زعيمهم الأعلى. لقد كانوا "يعملون من أجل الزعيم".
وبحسب هذا المفهوم، الذي وضعه المؤرخ إيان كيرشو، فإن أسلوب عمل النظام الديكتاتوري في ألمانيا النازية غالبا لم يكن من خلال إصدار أوامر مباشرة، وإنما بالتشجيع على القيام بما يُعتقد أن (الزعيم) أدولف هتلر يريده.
ومثل هتلر، فإن كاريزما بوتين وأفكاره وهالته الوحشية تحدد نبرة السياسات واتجاهها، بينما يكون للأفراد تخمين ما الذي يرغب فيه الزعيم وتنفيذه، بحسب الكاتب. وإذا أخطأوا التخمين، فإنهم سيدركون ذلك على نحو عاجل.
ويشدد ماكنتاير على أن هذا لا يعفي بوتين من المسؤولية عن ما يقوم به مسؤولوه، وذلك على النحو نفسه الذي لا يعفي "العمل من أجل الزعيم" هتلر من المسؤولية عن جرائم النازية.
لكن الكاتب يشير إلى أن العمل بهذا المفهوم يوضح لماذا قد يكون من المستحيل إثبات وجود صلة مباشرة بين الكرملين ومحاولة تسميم سكريبال.
فيديو قد يعجبك: