ظاهرة جديدة في الموصل.. نساء يتحدين التقاليد ويؤسسن مشاريعهن الخاصة
بغداد- (أ ف ب):
خلال ثلاث سنوات من حكم تنظيم داعش في الموصل في شمال العراق، عانت النساء من التبعية لرجال العائلة. اليوم، تحولت كثيرات إلى معيلات لأولادهن، أو هن ببساطة مصممات على تحدي التقاليد، فيتجهن الى تأسيس مشاريعهن الخاصة الصغيرة.
في أحد شوارع المدينة، يمكن قراءة اللافتة التالية "بقالة أم مصطفى وأولادها"، في ظاهرة جديدة تماما على الموصل التي تترسخ فيها عادات وتقاليد محافظة قديمة تعود حتى الى ما قبل تنظيم الدولة الإسلامية.
فقد رفضت أم مصطفى (27 عاما) الاستسلام وفضلت مواجهة التحديات بعدما فقدت زوجها الذي كان معيل العائلة. وافتتحت دكانا صغيرا قبالة شقة استأجرتها في حي الفاروق في غرب الموصل، بمساعدة خيرين.
وتعمل أم مصطفى اليوم داخل دكانها بثيابها السوداء التي ترتديها حدادا على زوجها الذي أعدمه داعش، ويرافقها على الدوام طفلاها مصطفى (6 سنوات) ومهيمن (4 سنوات).
وتقول لوكالة فرانس برس "في البداية واجهت صعوبة بسبب نظرة الناس الاجتماعية، إلا أنهم اعتادوا على ذلك بمرور الوقت، وقدموا لي المساعدة بعدما تفهموا ظروفي الاجتماعية والمادية".
عائلة من بين عشر
ويعتبر عمل النساء اللواتي يشكلن 57 في المئة من عدد سكان العراق، معيبا إجمالا.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن 14 في المئة فقط من العراقيات يعملن أو يبحثن بنشاط عن عمل، في مقابل 73 في المئة من الرجال. ولا تشكل النساء إلا 2 في المئة من نسبة موظفي القطاع الخاص.
لكن النزاعات التي أدمت البلاد على مدى العقود الأربعة الماضية، خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وأسفرت عن حالات طلاق، ما فرض تغييات اجتماعية، وأصبحت عائلة من عشر تعيلها امرأة.
وعليه، فإن انخراط النساء في العمل إلى جانب الرجال واقع جديد لم يألفه أهالي الموصل سابقا.
لكن أم مصطفى "اعتمدت على نفسها في تحصيل قوتها ويجب أن تكون قدوة لغيرها"، بحسب ما يرى جارها عادل زكي الذي يزور الدكان دائما لشراء الشوكولا والعصائر.
"تحدي" المجتمع
وافتتحت الشابة دانيا سالم (23 عاما) من جهتها منذ شهر أغسطس الماضي محلا لبيع الزهور في منطقة المجموعة الثقافية في شرق الموصل، يعد الأول من نوعه في المدينة بعد طرد الجهاديين.
وتدير سالم، وهي خريجة كلية الإدارة والاقتصاد من جامعة الموصل، المشروع وحدها، بعدما تعلمت المهنة من خلال عملها في محل لبيع الورود في مدينة أربيل خلال فترة نزوحها وعائلتها من الموصل إبان سيطرة الجهاديين.
وتقول الشابة لفرانس برس "اعتبر البعض عملي غريبا في البداية، إلا ان جماله ودقته دفعا الناس الى تشجيعي وتقديم العون".
وتضيف "أنا لست في حاجة مادية لهذا العمل، بقدر ما هو نوع من التحدي حتى تأخذ المرأة دورها في المجتمع، خصوصا بعد تغيّر الكثير من المفاهيم الاجتماعية عقب التحرير".
"خطوة أولى"
ومنذ دحر الجهاديين، تعود المدينة التي كانت في ما مضى مركزا تجاريا تاريخيا في الشرق الأوسط، الى الازدهار، وباتت حركة النساء فيها أكثر حرية.
وتؤكد سالم أن "هذا المحل خطوة أولى لي في هذا المجال، ولدي طموحات ومشاريع كبيرة لتطويره مستقبلًا".
وتشير الناشطة المدنية ريم محمد الى ان نساء أخريات يحاولن الشروع في الأعمال، لكنهن يحتجن إلى دعم حكومي.
وتضيف "النساء في محافظة نينوى بحاجة إلى دعم أكبر، وإلى التوعية بحقوقهن، والحصول على فرص عمل مناسبة، والمشاركة الفاعلة في الحياة العامة السياسية والثقافية" في مدينة شهدت دمارا كبيرا بفعل تسعة أشهر من المعارك الدامية.
وفي هذا السياق، يلفت رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي في مجلس محافظة نينوى خلف الحديدي إلى أن "هناك منحة مالية مخصصة للمحافظة تقدر بمليار دولار أميركي، سنستخدمها لوضع برامج لدعم قطاع الشباب".
ويضيف "سنمنح قروضا لهم تتراوح ما بين خمسة إلى عشرة ملايين دينار (بين 3700 و7300 دولار) تشجيعا للحرف والمهن الصغيرة"، مشيرا الى أن هذه القروض ستشمل الشبان والشابات.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: