سبع حقائق تشير إلى أن العالم يخطو نحو مستقبل أفضل
لندن (بي بي سي)
حذر الأكاديمي السويدي الراحل، هانز روسلينغ، من ظاهرة مثيرة للقلق في الاقتصادات المتقدمة؛ إذ لاحظ أن الكثيرين في هذه البلدان لا يدركون على الإطلاق أن العالم أصبح أفضل حالا مما كان عليه في السابق، بل إنهم يظنون أن العالم في تدهور مستمر.
ويرى روسلينغ أن سبب ذلك يكمن في التضخيم الإعلامي للكوارث والهجمات الإرهابية والحروب والمجاعات.
لكن هناك أخبارا أخرى قد لا تسلط عليها الأضواء، مثل النجاح في انتشال قرابة 200 ألف شخص يوميا من خط الفقر - المحدد بدولارين في اليوم، أو إيصال الكهرباء ومياه الشرب النظيفة لما يزيد على 300 ألف شخص كانوا محرومين منها.
وتتجاهل الصحف هذه الأخبار عن الشعوب في البلدان منخفضة الدخل، لأنها لا تثير الاهتمام في الأغلب.
ويقول روسلينغ في كتابه "الإلمام بجميع الحقائق"، إننا لا بد أن ننظر للأخبار السيئة نظرة موضوعية ونضعها في نصابها الصحيح.
فصحيح أن العولمة فرضت في العقود الأخيرة تحديات جديدة على الطبقة الوسطى في الاقتصادات المتقدمة، وأثرت على معدل أجور العمال ذوي المهارات القليلة، إلا أنها ساعدت في الوقت نفسه في انتشال مئات الملايين من الفقر المدقع، ولا سيما في جنوب شرق آسيا.
ولعل الصعود الطاغي للتيار الشعبوي في الدول الغربية - الذي كان من أوضح تجلياته انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفوز الأحزاب اليمينية الشعبوية في انتخابات المجر وإيطاليا - قد أصبح هاجسا يؤرق كل من يهتم بالسلام والرخاء العالمي.
لكن العولمة في المقابل هي السبيل الوحيد لمنع استئثار الاقتصادات المتقدمة بأرباح التجارة العالمية، وضمان حصول جميع الدول على نصيبها من الرخاء الاقتصادي.
وبينما يظن البعض أن العالم في الماضي كان أفضل حالا منه الآن، فإن مَن يطالع التاريخ الاقتصادي العالمي يجد أن نسبة كبيرة من سكان العالم ظلت حتى وقت قريب تعاني من أوضاع مزرية في معظم فترات التاريخ الإنساني.
وسنعرض فيما يلي سبعة أشياء للبرهنة على أن العالم أصبح أفضل حالا مقارنة بالعقود السابقة:
1- ارتفاع متوسط العمر المتوقع
لم يكن متوسط العمر المتوقع في الدول الأوروبية، حتى في أوج ازدهار الثورة الصناعية، يتخطى 35 عاما. وهذا لا يعني أن معظم الناس كانوا يموتون في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، بل أدى ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال إلى خفض معدل العمر المتوقع.
وفقدت نساء كثيرات حياتهن أثناء الولادة، كما كانت بعض الأمراض والأوبئة، مثل الجدري والطاعون تحصد حياة الكثيرين، وقد اختفى هذان المرضان تماما في البلدان مرتفعة الدخل.
2- انخفاض معدل وفيات الأطفال
كان معدل وفيات الأطفال منذ أكثر من قرن مضى يفوق 10 في المئة، حتى في البلدان مرتفعة الدخل، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ولكن هذه النسبة تكاد الآن تقترب من الصفر في الدول الغنية بفضل التقدم الطبي، وتحسن إجراءات الصحة والسلامة العامة.
علاوة على أن معدلات وفيات الأطفال في الاقتصادات النامية، مثل الهند والبرازيل، أصبحت أقل بالمقارنة مع الاقتصادات المتقدمة قبل نحو قرن من الزمان.
3- تراجع معدلات الخصوبة
يشعر الكثيرون بالقلق إزاء الانفجار السكاني، رغم أن معدلات الخصوبة العالمية انخفضت كثيرا مؤخرا.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يتوقف النمو السكاني في العالم عند نحو 11 مليار نسمة بنهاية القرن الجاري.
وطبقت الكثير من البلدان النامية، كالبرازيل والصين وبعض الدول الأفريقية، سياسات وأنظمة صارمة لخفض معدل الخصوبة - الذي يقيس عدد الأطفال الذين تنجبهم كل امرأة.
وبينما استطاعت الكثير من الاقتصادات المتقدمة أن تخفض معدلات الخصوبة خلال نحو 100 عام، منذ بداية الثورة الصناعية، فإن الكثير من البلدان الأخرى نجحت في خفض معدلات الخصوبة بنفس النسبة في فترة لا تتجاوز عقدين أو ثلاثة.
4- نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في الدول المتقدمة
على مدى السنوات الـ150 الماضية، حققت البلدان التي تحتل الصدارة في ميدان الصناعات التقنية، مثل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، نموا اقتصاديا بمعدل اثنين في المئة سنويا.
وبالنظر إلى موجات الانتعاش والركود الطويلة التي شهدها الاقتصاد العالمي، مثل الكساد الكبير أو الأزمة المالية العالمية التي حدثت مؤخرا، فإن ثبات معدلات النمو على المدى الطويل في حد ذاته أمر مثير للدهشة.
وقد تسارع في العقود الأخيرة نمو اقتصاد البلدان منخفضة الدخل، مثل الصين والهند حتى أوشكت أن تلحق بركب الدول الغربية مرتفعة الدخل.
وإذا استطاعت أن تحقق نموا ثابتا بمعدل 10 في المئة سنويا على المدى الطويل، سيتضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي كل سبع سنوات تقريبا، وهذا مؤشر إيجابي للغاية، لأنه يدل على أن المزيد من الدول ستنعم بالرخاء والازدهار الاقتصادي.
5- تراجع فجوة التفاوت في توزيع الدخل
صحيح أن العولمة أدت إلى اتساع هوة التفاوت في الأجور في الكثير من الدول، فإن فجوة التفاوت في توزيع الدخل بين البلدان وبعضها البعض آخذة في الانحسار منذ عقود عدة.
ويعود الفضل في هذا إلى النمو الاقتصادي الذي حققته البلدان النامية، مثل الصين والهند، حيث تحسنت الأوضاع المعيشية لمئات الملايين من السكان، حتى بات الآن، وللمرة الأولى منذ الثورة الصناعية، من الممكن تصنيف نحو نصف سكان المعمورة ضمن الطبقة المتوسطة.
6- شعوب أكثر تنعم بالديمقراطية
على مر التاريخ الإنساني، كانت أغلب الشعوب ترزح تحت نير القهر والظلم في ظل أنظمة مستبدة غير ديمقراطية. أما اليوم، فإن نصف سكان العالم تقريبا ينعمون بالديمقراطية، والنصف الآخر تحكمهم أنظمة ديكتاتورية، ويعيش 90 في المئة منهم في الصين.
لكن وفقا لنظرية التحديث، (التي تتناول المقومات التي تساعد المجتمعات على التقدم والتحول إلى الحداثة)، فإن الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده الصين ربما يقودها مستقبلا نحو التحول الديمقراطي، حتى وإن بدت أنها تتجه عكس ذلك.
7- تراجع الصراعات
ظل العالم ممزقا بسبب الصراعات على مر العصور. إذ خاضت اثنتنان على الأقل من الدول العظمى حروبا لما يتجاوز نصف الفترة منذ عام 1500.
وبينما دارت في مستهل القرن العشرين رحى حربين عالميتين من أعنف الحروب في التاريخ، فقد ساد السلام والهدوء العالم في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
ويمكننا القول إن ثلاثة أجيال تقريبا لم تشهد صراعات بين دول غرب أوروبا للمرة الأولى على الإطلاق. وأسهمت جهود المنظمات العالمية بما فيها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في إرساء السلام والاستقرار في العالم.
فيديو قد يعجبك: