كيف تجسّست السفارات التركية على "خصوم أردوغان" في 92 دولة؟
كتبت- رنا أسامة:
تورّط عدد من أفراد الشرطة ومسؤولي الأمن المُكلّفين بحراسة مقار البعثات الدبلوماسية التركية بعشرات الدول الأجنبية، في عمليات تجسّس غير قانونية ضد خصوم الرئيس رجب طيب اردوغان في 92 دولة حول العالم، حسبما كشفت وثيقة قضائية حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" السويدي المعني بالشؤون الأمنية والعسكرية.
وتُظهِر الوثيقة المُرفقة بدعوى قضائية تركية -قال الموقع السويدي إنه حصل على نسخة منها- قائمة طويلة من أنشطة التجسّس والمُراقبة "غير القانونية" التي استهدفت مؤسّسات تابعة لأعضاء حركة المُعارض التركي فتح الله جولن، وهو من أشد مُنتقدي نظام اردوغان.
تأتي الوثيقة ضمن مجموعة وثائق أصدرتها المحكمة الجنائية العليا بأنقرة في 16 يناير الجاري في القضية رقم (2016/238)، وتضم قائمة طويلة من الكيانات الأجنبية المملوكة/ أو المُدارة من قِبل أشخاص مُقرّبون من حركة جولن، جمعتها وزارة الخارجية التركية.
وتحمل الوثيقة رقم (8211250)، التي أُرسِلت إلى مكتب المدعي العام التركي في 21 أغسطس 2015، إقرارًا من الخارجية التركية بأنها "جمعت معلومات داخل العديد من الدول في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا وآسيا وأوقيانوسيا"، بحسب الموقع السويدي.
ووفق الوثيقة، أُدرِجت البلدان الأفريقية التالية في قائمة الدول التي طالتها أنشطة التجسّس على "خصوم أردوغان": بوركينا فاسو، غينيا الاستوائية، إثيوبيا، المغرب، الجابون، غانا، غينيا بيساو، جنوب أفريقيا، الكاميرون، كينيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليبيا، مدغشقر، مالي، مصر، موريتانيا، موزمبيق، النيجر، نيجيريا، جمهورية أفريقيا الوسطى، السنغال، الصومال، السودان، تنزانيا، تونس وأوغندا.
كما أجرت الخارجية التركية عمليات مُراقبة ضد خصوم أردوغان في عدد من الولايات المتحدة الأمريكية: ألاباما، أريزونا، أركنساس، بوسطن، كاليفورنيا، كولورادو، فلوريدا، جورجيا، هيوستن، إنديانا، لويزيانا، لاس فيجاس، لوس أنجلوس، مينيسوتا، ميسوري، نيفادا، نيوجيرسي، نيو مكسيكو، نيويورك، كارولينا الشمالية، أوهايو، أوكلاهوما، بنسلفانيا، سان انطونيو، شيكاجو، تينيسي، يوتا، واشنطن، وسان دييجو.
ونفّذ دبلوماسيون أتراك عمليات مُراقبة ضد مُنتقدي اردوغان في الأمريكتين، الأرجنتين، إكوادور، كندا، المكسيك، بنما، بيرو، شيلي، وفنزويلا، بحسب الوثيقة القضائية التركية.
أما الدول التي طالتها عمليات التجسّس التركية في آسيا فتضم: أفغانستان، بنجلاديش، الإمارات العربية المتحدة، الصين، إندونيسيا، الفلبين، كوريا الجنوبية، جورجيا، الهند، العراق، اليابان، كمبوديا، كازاخستان، قرغيزستان، ماليزيا، منغوليا، ميانمار، باكستان، روسي ، سنغافورة، سريلانكا، المملكة العربية السعودية، طاجيكستان، تايلاند، الأردن، وفيتنام.
وامتدت عمليات المُراقبة لتشمل الدول الأوروبية التالية: ألمانيا، ألبانيا، النمسا، بلجيكا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، جمهورية التشيك، الدنمارك، فرنسا، فنلندا، كرواتيا، هولندا، المملكة المتحدة، السويد، كوسوفو، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورج، هنجاريا، مقدونيا، مولدوفا، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفينيا، صربيا، وأوكرانيا.
وأَضيفت أستراليا ونيوزيلندا إلى قائمة الدول التي أجرت الحكومة التركية عمليات مُراقبة غير قانونية، بحسب الموقع السويدي.
وارتفعت وتيرة تجنيد رجال الشرطة في السفارات التركية من أجل التجسس، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو 2016، إذ يتهم الرئيس التركي جولن وأنصاره بالوقوف وراءها.
وخضعت الوزارة إلى عملية تطهير غير مسبوقة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، أفضت إلى فصل أكثر من 43 ألف شخص من دون إجراء تحقيقات إدارية أو قضائية.
وفي يناير الماضي، اختارت السلطات التركية 450 ضابطًا شرطيًا لنشرهم في بعثات خارجية في 110 دول. وتضم الشرطة التركية، التي تشرف عليها وزارة الداخلية بقيادة سليمان سويلو، المُقرّب من أردوغان، طاقمًا من 270 ألف شخص تقريبا.
أنشطة التجسّس غير القانونية التي أجرتها الحكومة التركية لصالح اردوغان في عشرات الدول، وحتى الدول الصديقة لأنقرة، تأكّدت من خلال السفير التركي السابق في ستوكهولم، كايا توركمين.
في مقابلة مع إذاعة السويد عام 2016، قال توركمين: "أنا شخصيًا أجد من الطبيعي أن تُقدِم الدولة التركية على مثل هذه الأنشطة إذا كان أفرادها في السويد"، مُعتبرًا أن هذا الأمر "لا يُعد انتهاكًا تركيًا للقانون السويدي".
ورأى أن "لكل دولة الحق في جمع المعلومات عن الأنشطة الموّجهة ضدها حتى لو كانت تُمارس ضد الأفراد الذين يعيشون في السويد".
الأمر الذي يُناقض القانون التركي الذي يحظُر على الشرطة التركية جمع المعلومات الاستخباراتية خارج حدود تركيا، ويُقصِر عملها على توفير الحماية للبعثات الدبلوماسية ومنازل السفراء، ولا يحق إلا لمؤسسة الاستخبارات الوطنية التركية جمع مثل هذه المعلومات في البلدان الأجنبية.
انطلاقًا من ذلك، كان لأنشطة التجسّس تداعياتها على الأتراك وغير الأتراك. على سبيل المثال، فإن المُدرّس الذي يُعلّم بإحدى المدارس المُدارة من قِبل حركة جولن في الخارج، أو يُرسل أبناءه لتلقّي التعليم إلى أيٍ من هذه المدارس، كان يُنظر إليه من جانب الحكومة التركية على أنه "يُمارس شكلًا من أشكال الإرهاب".
وعندما زادت وتيرة أنشطة التجسس الموسّعة في 2017، يقول الموقع إن وزير الخارجية السويدي مارجوت وولستروم اتصل بالسفير توركمين وعبّر له عن مخاوف الحكومة السويدية بشأن "تنميط منتقدي الحكومة التركية وفضيحة التجسس".
ووفق تقرير سابق نشرته صحيفة "زود دويتشي تسايتونج" الألمانية، في مارس 2017، أعدّت منظمة الاستخبارات الوطنية التركية (إم آي تي) قائمة ضمّت 300 تركي و200 مدرسة وجمعية ومنظمة مرتبطة بحركة جولن في ألمانيا. وتضمّنت القائمة عناوين وأرقام هواتف وصور الأشخاص.
وذكر التقرير أن السلطات الألمانية بدأت في تحذير الناس المُدرجين على قائمة الاستخبارات التركية. وتولّت وكالة الاستخبارات الألمانية والشرطة مسؤولية إبلاغ أنصار جولن بأنشطة المُراقبة التركية.
فيديو قد يعجبك: