إسرائيل مع "انقلاب فنزويلا".. لماذا تدعم فلسطين مادورو؟
كتب –محمد الصباغ:
أعلن زعيم المعارضة في فنزويلا خوان جوايدو، الأربعاء، نفسه رئيسًا مؤقتًا للبلاد بدلا من الرئيس الحالي نيكولاس مادورو، الذي أعيد انتخابه في بداية العام الجاري لفترة جديدة في انتخابات رفضت المعارضة المشاركة فيها.
دعمت الولايات المتحدة ودول على رأسها البرازيل والأرجنتين جوايدو، في حين قرر الاتحاد الأوروبي منح مادورو 8 أيام لإجراء انتخابات نزيهة وإلا اعترف بالمعارض رئيسًا مؤقتًا، وهو ما رفضه مادورو.
وخرج رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، داعمًا جوايدو على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في مقطع فيديو نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر.
بينما الموقف الأوضح من الدول العربية تجاه الأزمة الجارية في فنزويلا، كان الموقف الفلسطيني. فقد وصف التحرك من جوايدو بأنه انقلاب على الرئيس الشرعي للدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.
كما خرج عشرت الفلسطينيين في رام الله في تظاهرات دعمًا لمادورو في اليوم الثاني لإعلان منافسه تنصيب نفسه رئيسًا مؤقتًا. واتهم المتظاهرون الولايات المتحدة الأمريكية برعاية "الانقلاب على الشرعية".
رفع المشاركون في المظاهرة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، شعارات تندد بمحاولة الانقلاب على مادورو والمثمنة لموقف فنزويلا مع فلسطين.
دعا للمشاركة في تلك الوقفة برام الله "القوى الوطنية والإسلامية"، وردد المشاركون الهتافات الغاضبة والمستنكرة لتدخل الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترمب بالشؤون الداخلية للعديد من الدول.
وسبق وشهدت مدينة رام الله أيضًا وقفة في العاشر من يناير الجاري دعمًا للرئيس الفنزويلي بالتزامن مع تنصيبه رئيسًا لفترة رئاسية جديدة مدته 6 سنوات.
كما أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية في يوم إعلان جوايدو الانقلاب على مادورو، بيانا أدانت فيه التدخل الخارجي في الشئون الداخلية لفنزويلا "من خلال دعم محاولة انقلاب ضد الرئيس المنتخب شرعيا نيكولاس مادورو".
وقالت الوزارة في بيانها: "تجدد دولة فلسطين موقفها الداعي لاحترام مبدأ سيادة الدول وأنظمتها الداخلية، وتؤكد تضامنها مع تطلعات فنزويلا المشروعة للمزيد من الاستقرار والوحدة والازدهار من خلال حوار وطني سلمي شامل، في ظل نظام اقليمي ودولي يحترم القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والتعايش السلمي بين الدول".
اختتمت الخارجية بيانها بتقديرها لمواقف فنزويلا ورئيسها مادور في دعم قضية الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.
ولم يختلف موقف حركتا حماس وفتح المتصارعتين، فكلاهما أعلن دعم مادور ضد محاولة الانقلاب المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا الدعم من كافة الفصائل الفلسطينية بمخالف أطيافها يعتبره القيادي الفلسطيني محمد أبو سمرة رئيس تيار الاستقلال، نوع من العرفان بالجميل الذي يرده الفلسطينيون إلى فنزويلا التي طالما دعمت القضايا العربية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما أضاف في اتصال هاتفي مع "مصراوي" أن هذا النهج "طبيعي فعلى الدوام فنزويلا بداية من الرئيس الراحل هوجو تشافيز تصوت بجانب فلسطين في الأمم المتحدة، ودعمت على الدوام مشاريع القرارات التي تتبناها المجموعة العربية بمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة".
دعم متواصل
الموقف الفلسطيني الموحد والإسرائيلي أيضًا باختلاف التوجه ضد حكومة فنزويلا، ليس بالغريب. فدعم القضية الفلسطينية والهجوم على دولة الاحتلال هو سلوك متواصل في فنزويلا منذ الرئيس الراحل هوجو شافيز.
ففي ديسمبر الماضي، وخلال جلسة الأمم المتحدة للتصويت على مشروع قرار ضد نقل السفارة الأمريكية في تل أبيب إلى القدس المحتلة، شجب ممثل دولة فنزويلا صامويل مونكادا، القرار الأمريكي.
وهاجم الولايات المتحدة التي هددت مندوبتها نيكي هالي بوقف الدعم عن الدول التي لن تصوت لصالح أمريكا، وقال "نقول لأمريكا أن العالم ليس للبيع ونحن لا نبيع أنفسنا".
كما تابع "اسمحوا لي أن أقرع الجرس وأقول إن مثل هذه الاستفزازات والانتهاكات تؤدي إلى انتشار التوتر، ويكون لها تداعيات خطيرة على الأرض، ونطالب حكومة الولايات المتحدة بوقف انتهاكاتها واستفزازاتها".
كما وجه المندوب السابق رافايل راميريس، في مايو من عام 2016، انتقادات كبيرة للاحتلال الإسرائيلي خلال جلسة تناقش الاستيطان الإسرائيلي وانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وطالب في جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، وسأل حول المخططات الإسرائيلية التي تحاول إدارتها ضد الفلسطينيين قائلًا: "ماذا تخطط إسرائيل للفلسطينيين؟ هل ستخفيهم؟ هل تسعى إلى الإجهاز عليهم؟ هذا تمارس ضدهم هذا النوه من الحلول التي ارتكبت ضد اليهود؟"
وبعد أشهر من هذه الجلسة، تم إقرار مشروع بالأمم المتحدة يدين بناء المستوطنات وهو الشهير الذي جاء في آخر أشهر الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما.
وقال المندوب الفنزويلي آنذاك: "المستوطنات تقف ضد القانون الدولي وتعمل على انتهاك حقوق الفلسطينيين وهدم بيوتهم وحرمانهم من حياتهم وحقهم في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي."
وصرح القيادي الفلسطيني أبو سمرة بأن "صوت فنزويلا كان دائما إلى جانب فلسطين وضد إسرائيل".
كما أكد أن العلاقات الفنزويلية مع الثورة الفلسطينية المعاصرة التي انطلقت عام 1961 كانت قوية منذ الزعيم الراحل ياسر عرفات. واعتبر "أبو سمرة" أن العلاقة كانت قائمة بالأساس على فكرة الثورية ضد القوى الإمبريالية "كانت ثورة مضادة للإمبريالية مع كوبا وفنزويلا ضد أمريكا وغيرها".
تشافيز وفلسطين هي فنزويلا
حينما اشتد المرض بالرئيس الفنزويلي السابق هوجو تشافيز في عام 2012، أفيم في كنيسة المهد بمدينة بيت لحم قداسا وصلاة خاصة للدعوة للرئيس الفنزويلي بالشفاء.
وفي أخبار الوكالة الرسمية الفلسطينية طالما كان اسم تشافيز مرتبطا بصفتي الدعم والإلهام للقضية الفلسطينية. وفي عام 2011 توجه الرئيس محمود عباس إلى فنزويلا للاطمئنان على صحة الرئيس المصاب بسرطان البنكرياس.
حينها أعلن تشافيز مجددا دعمه للفلسطينيين من داخل القصر الرئاسي في فنزويلا، وقال: "كلنا من أجل القضية الفلسطينية مسلمون ومسيحيون سنواصل النضال من أجل فلسطين. فنزويلا هي لكم، إن فنزويلا لفلسطين".
وقبل ذلك، وحينما كان نيكولاس مادورو وزير للخارجية، وقف في مؤتمر صحفي مرتديًا "الكوفية" الفلسطينية ومعلنا طرد السفير الإسرائيلي في فنزويلا.
وقالت وزارة خارجية فنزويلا في بيان إنها قررت طرد سفير إسرائيل شلومو كوهين وقسما من الموظفين في سفارة إسرائيل مع تأكيدها مجددا على تمسكها بالسلام ومطالبتها باحترام القانون الدولي.
واتهمت كراكاس إسرائيل بالقيام بانتهاكات فاضحة للقانون الدولي وباستخدام مخطط له لإرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني.
فارق تشافيز الحياة في مارس 2013، لكن سلفه مادورو استمر على نهجه ليرد الفلسطينيون بدعمه خلال الأزمة التي تمر بها حكومته في مواجهة مع المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة.
فيديو قد يعجبك: