الرجال الأٌقوياء يسيطرون على العالم.. كيف ساهمت واشنطن في انتشار الديكتاتورية؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية إن عام 2018 كان بمثابة فصل الربيع بالنسبة للرجال الأقوياء في كل مكان في العالم، الذين تمكنوا من تحقيق نجاحًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، إذ تمكن الرئيس الصيني جين بينغ من وضع نهاية للقيادة الجماعية في الصين، وأصبح رئيسًا لمدى الحياة، وفي كوريا الشمالية تمكن حاكمها كيم جونغ أون من الحصول على اعجاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برغم ديكتاتوريته وحكمه للبلاد بيد من حديد.
وفي أوروبا، تُشير المجلة الأمريكية إلى أن حكومة بولندا أصبحت المفضلة لدى ترامب، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس الوزراء المجري المتشدد والمحافظ فيكتور أوربان، والذي حظى بتشجيع كبير من قبل إسرائيل، ووصفه رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأفضل قائد في القارة الأوروبية.
أما في نيكاراغوا فإن دانيال أورتيغا تمكن من تعزيز حكمه، وبسط نفوذه على كل مؤسسات الدولة، وكذلك تمكن رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو من الصمود، بالرغم من كونه الديكتاتور الوحيد في العالم الذي لا يحظى بدعم وتشجيع دونالد ترامب، ورغم الاحتجاجات المتواصلة ضده والتي تطالب بإنهاء حكمه، وإقامة انتخابات ديمقراطية.
علاوة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لا يزال يُسيطر على كل شيء في بلاده، ويعبث كما يريد في الدول الأخرى دون أن يحاسبه أحد، وهناك توقعات بأنه سوف يكون الحاكم الفعلي لروسيا حتى بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية، وبعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وفي الشرق الأوسط، تقول فورين بوليسي إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمكن من تحقيق نجاح كبير مُستغلا الأحداث الجارية التي تشهدها المنطقة.
وأرجعت المجلة سبب تألق الديكتاتوريين في عام 2018 إلى النهج الذي تتبعه واشنطن وهو "السياسة الواقعية" من أجل إعادة صياغة النظام العالمي، فهي تبحث عن الرجال الأقوياء الذين تعتقد أنها يمكن أن تعتمد عليهم من أجل تحقيق أحلامها وأهدافها.
وتشير المجلة الأمريكية إلى أن هذه الاستراتيجية نفسها التي اتبعها كل من ريتشارد نيكسون هنري كيسنجر في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات.
كما أن الأوضاع الحالية في الولايات المتحدة لا تشجع على انتشار الديمقراطية أو التصدي للزعماء الديكتاتوريين، تقول فورين بوليسي إن السياسة الأمريكية تعاني من حالة من الاستقطاب التي ليس لها مثيل، بالنظر إلى سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب لأول مرة منذ 8 أعوام، وعجز الجمهوريين على إصلاح كل ما يفسده الرئيس الأمريكي، بالإضافة إلى اتخاذ ترامب بعض القرارات المصيرية بشكل أحادي دون العودة إلى مستشاريه ومساعديه.
يقول جراهام أليسون من جامعة هارفارد إن الولايات المتحدة بحاجة إلى التكيف مع حقيقة أن الدول الأخرى لديها وجهات نظر مغايرة حول الحكم، وتسعى إلى إنشاء الحكم من خلال قوانينها الخاصة.
وحسب الباحثين والأكاديميين فإن واشنطن لازالت تتعامل مع منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول الأخرى بعقلية القرن التاسع عشر، وتعتقد أن مواطني تلك الدول لا يستطيعون التعامل مع الديمقراطية.
لعقود، لم يعتقد الأمريكيون أن الكاثوليك لم يكونوا قادرين على التعامل مع الديمقراطية، لأنهم من المفترض أن يطيعوا أوامر حكامهم فقط، ثم تعاملوا مع الآسيويين بنفس الطريقة، والآن يتعاملون مع العرب والمسلمين بالأسلوب نفسه، ظنًا منهم أنهم غير قادرين على اختيار قادتهم وحكامهم، لهذا السبب تفضل واشنطن أن يحكمهم رجال أقوياء ديكتاتوريين.
وأخيرًا، تقول المجلة إن عودة الديكتاتورية للظهور مرة أخرى يرجع إلى كون البشر بطبيعتهم يميلون إلى الحصول على الاعتراف من أشخاص آخرين، لهذا السبب يحرصون دائمًا على أن يكونوا جزءًا من أسرة ما أو قبيلة أو أمة، وفي بعض الأحيان لا يريدون الحصول على حريتهم حتى لا يكونوا مسؤولين عن تصرفاتهم وأفعالهم، لذا يفضلون منح السلطة لقائد قوي يتحمل هو المسؤولية.
في الحقيقة، فإنه بغض النظر عن تصاعد موجة الديكتاتورية في عام 2019، تقول المجلة إن هناك إشارات مُقلقة بشأن الديمقراطية في بعض البلدان مثل الهند والبرازيل، والتي لديها حتى الآن حكومات تؤمن بالليبرالية والديمقراطية.
وبعد نهاية الحرب الباردة، اعتقد الأمريكيون والأوربيون أنهم يستطيعون الجلوس على مقاعدهم ومراقبة الأوضاع دون بذل أي جهد، إلا أن هذا غير صحيح تمامًا حسب المجلة الأمريكية، التي تحث قادة أوروبا والولايات المتحدة على العودة إلى القتال مرة أخرى منعًا لانتشار الديكتاتورية والسماح لها بالسيطرة على العالم من جديد.
فيديو قد يعجبك: