لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لماذا يلجأ الناس إلى أضرحة الصوفيين في "كشمير الهندية"؟

10:17 ص الجمعة 04 يناير 2019

يتدفق الناس على الاضرحة الصوفية الشهيرة بالمنطقة

(بي بي سي):
في الوقت الذي تزداد فيه حدة العنف في الجزء الواقع تحت الإدارة الهندية من كشمير، يتدفق الناس على الاضرحة الصوفية الشهيرة بالمنطقة بحثاً عن العزاء. سمير ياسر تحدث إلى المصور أزان شاه الذي يوثق معاناة الزوار.

بختي بيغام تزور بانتظام خنقة الملا وهو ضريح صوفي إسلامي يقع على ضفاف نهر جيلوم الذي ينساب في قلب مدينة سرينغار.
تصل بهدوء وهي تحتضن صورة لنجلها المفقود تحتفظ بها في حقيبة بلاستيكية ممزقة. تضعها على السلالم المؤدية للحرم المعزول وتصلي من أجل لم شملها وابنها.
تخاطب المرأة ذات الخمسة والسبعين عاماً صاحب الضريح وتشكو إليه حالها. كان ابنها منصور أحمد واني يبلغ ٢٥ عاماً عندما اختفى في ٢٢ ديسمبر/ كانون ثاني من عام ٢٠٠١ وذلك بعد مضي أيام قليلة على زواجه.

تقوم بختي بيغام بزيارة الضريح بشكلٍ منتظم في رحلة تستغرق من بيتها ٨٠ كيلومتراً إلا أن دعواتها على ما يبدو لم تُستجب بعد.
تنتحب مخاطبةً صاحب الضريح:" لقد أتيت من منطقة بعيدة جداً. أتوسل إليك أن تعيد اليَّ ابني منصور. ولسوف أنام بسلام بعد ١٧ عاماً".
بختي بيغام مجرد واحدة من العديد من الشخصيات التي ظهرت في أعمال المصور أزان شاه. وقد نال شاه حظاً من الشهرة عندما نُشرت صوره في كتاب بعنوان "شاهد" إلى جانب عدد آخر من المصورين الصحافيين الذين عملوا في الولاية خلال عقود الصراع. وقد اختارت صحيفة نيويورك تايمز الكتاب ليكون واحداً من أفضل عشرة كتب مصورة للعام ٢٠١٧.
يشن الانفصاليون منذ عام ١٩٨٩ حملة عنيفة ضد حكم الهند في كشمير ذات الأغلبية المسلمة. وقد ظلت المنطقة محل نزاع مرير بين الهند وباكستان اللتين خاضتا اثنتين من حروبهما الثلاثة بسببها. وتتهم الهند باكستان منذ وقتٍ طويل بتأجيج الاضطراب بالمنطقة وهو ما تنفيه باكستان .

التمرد الذي بدأ يتراجع منذ سنوات التسعينيات، تكثف في عام ٢٠١٦ بعد أن قتلت القوات بالرصاص قائداً عسكرياً محبوباً وهو برهان وان.
وتقدر منظمات حقوق الإنسان عدد من قتلوا بسبب أعمال العنف في كشمير منذ سنوات الثمانينات بمئة ألف شخص. وكنتيجة لذلك يهمين الخوف في الشوارع. وقلة فقط من الناس تخرج من بيوتها بعد حلول الظلام. البعض يجد خلاصه في المزارات الصوفية كي يشفى من جروح الحرب ليس فقط في سرينغار ولكن حتى في أماكن بعيدة من المنطقة.
وعلى غرار بختي بيغام، يوجد آلاف الكشميريين خصوصا النساء تشكل الأضرحة الصوفية لهم أماكن الأمل. ويقول علماء النفس إن عددا منهم تظهر عليه أعراض الاكتئاب والقلق واضطرابات ضغوط ما بعد الصدمة.
معروفة رمضان من هؤلاء. في كل أسبوع تلتقي بطبيب نفسي في مستشفى في سرينغار. كانت صحتها العقلية قد تدهورت خلال السنوات الأخيرة بسبب وفاة ابنها. وتقول إنه عندما يحل الظلام تسمع صوت ابنها عبير محمد يضحك ويتحدث. وكان الجيش قد قتله بالرصاص خلال احتجاج عام ٢٠١٠.
وبعد لقائها بالطبيب، تستقل معروفة رمضان حافلة نقل عام إلى ضريح دستجير صاحب الذي يتجاوز عمره مئتي عام، وتخاطبه قائلة:" إنه حي، أليس كذلك؟!" وبعد أن ينقضي بعض الوقت تخرج صوب البوابة وتنتظر الحافلة التي تقلها إلى لمنزل.
وقد أظهر استطلاع لمنظمة أطباء بلا حدود عام ٢٠١٦ أن نحو ١.٨ مليون شخص وهو ما يصل إلى ٤٥٪ من سكان الجزء الهندي من كشمير يعانون من أعراض مماثلة.
صور أزان شاه المترددين على الأضرحة الصوفية - ولكلٍ منهم قصة من الألم والفقد الخاصة به بسبب العنف في كشمير. وهو يتعمد أن يموهها أو يظهرها مهزوزة أو منحرفة ليضفي عليها إحساس الفوضى وعدم اليقين الذي ساد لحظة التقاطها .
يقول شاه إنه حاول أن يصور الإيمان الراسخ لدى آلاف المرتادين لهذه الأضرحة ويقول:" أفضل أن آخذ الصور بزاوية مائلة لأن ذلك يخلق شعورا بعدم الراحة النفسية حيث تشعر بالأشياء غير متزنة وغير ثابتة وغير اعتيادية"، مضيفاً أنه يحاول أن يبعث بحقيقة "أنه لا يمكنك أن تسيطر على مشاعر الناس".
ويقول شوكت حسين، وهو بروفيسور في الدراسات الإسلامية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الإسلامية، إن "الناس يجدون وسيطاً بين الله وبينهم من خلال هذه الأضرحة".
من جانبه يضيف أرشاد حسين، وهو طبيب نفسي بارز في المنطقة، قائلا إن تلك المزارات في كشمير تؤدي دور مؤسسات تخفيف المحن. ويقول :" لقد بدأت في أوقات لم تكن توجد فيه مؤسسات (تقدم المساعدة) أو آليات تصحيح. ثم أصبحت ثقافة. الأشخاص المرضى أو من عندهم قضايا عائلية ينتهي بهم المطاف في هذه المزارات ومعهم مناشداتهم".
ويمضي قائلاً:" في الوضع الراهن، وبعد صراع، يتوجه العديد من النساء الحزينات إلى هذه الأضرحة بعد زيارتي. إذ ينتابهن شعور أفضل بالحديث عن محنهن في الأماكن الروحانية أكثر من الحديث لفرد عادي".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان