الغنوشي ينزل حلبة الصراع الانتخابي في تشريعية تونس
تونس- (أ ف ب):
يجول رئيس حزب "النهضة" ذو المرجعية الإسلامية راشد الغنوشي في أحد الأحياء الشعبية وسط العاصمة تونس مرتديا قميصا أزرق اللون ومراهنا على استراتيجية التقرب من الناخبين للفوز في الانتخابات التشريعية التي يخوضها للمرة الأولى.
يلقبه أنصاره "بالشيخ"، وهو يترأس حزب النهضة منذ عقود. عايش معه فترة العودة الى تونس بعد ثورة 2011 ودخول الحياة السياسية من جديد بعد أن كانت قياداته مشتتة في المهجر وملاحقة من نظام زين العابدين بن علي.
نجح الحزب في ظل قيادته بتحقيق فوز واسع في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بعد الثورة، ونال غالبية المقاعد، وحلّ ثانيا في الانتخابات البرلمانية في 2014.
وتثير شخصية الغنوشي (78 عاما) الجدل. وهو دفع برفيق دربه عبد الفتاح مورو الذي أسّس معه "حركة الاتجاه الاسلامي" في السبعينات التي تحولت الى "النهضة" لاحقا، الى خوض الانتخابات الرئاسية. لكن هذا الأخير خرج منها مهزوما.
الى حي باب الجديد، يصل الغنوشي في سيارة سوداء فخمة تتوقف في أحد الأزقة، وينطلق لمقابلة السكان في محاولة لكسب ودهم للتصويت له في انتخابات الأحد القادم.
غير أن الرفض الشعبي للطبقة الحاكمة الذي بدا واضحا خلال الدورة الرئاسية الأولى بعد تأهل مرشحَين معاديين للنظام الحالي، تجعل من مهمة الغنوشي إقناع الناخبين أكثر صعوبة.
وتقول فاطمة الكسراوي، وهي من سكان الحي، "انتخبناهم في السابق ولكننا اليوم نعيش على الخبز والماء".
وتتابع المرأة الخمسينية "لم يجد أبناؤنا لا عملا ولا أملا. هاجروا بطريقة غير قانونية (الى أوروبا) وفقدناهم بسببهم".
ويتنافس الغنوشي في الدائرة الانتخابية الأولى في العاصمة مع بسمة الخلفاوي، أرملة المعارض السياسي اليساري شكري بلعيد الذي اغتيل على يد مسلح متشدد عام 2013. ولا تزال اتهامات تحمّل النهضة مسؤولية هذا الاغتيال. ولم يبت القضاء بالقضية بعد.
وتواجه الطبقة السياسية غضبا شعبيا يتزايد لأنها لم تتمكن من إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية وخصوصا ارتفاع الأسعار والتضخم الذي يؤرق كاهل المواطنين منذ ثورة 2011.
شرعية
ويقول الوزير السابق عماد الحمامي، مدير حملة الغنوشي، "اعتدنا على التواصل المباشر، وهذا الغضب هو الديموقراطية".
ويضيف "قررنا بالنظر الى نتائج الرئاسية تقليص عدد الاجتماعات الشعبية والظهور في صورة متواضعة، وأن نكون قريبين من الشباب".
وتأتي حملة الغنوشي التي شملت أيضا مدنا كبرى في جنوب البلاد، بالتزامن مع أزمة داخلية يعيشها الحزب، وقد عبّر عنها جزء كبير من قواعده الانتخابية بالتصويت لمنافس لمورو في الانتخابات الرئاسية.
ودفعت "النهضة" على ما يبدو ثمن قرار التوافق مع "نداء تونس" في 2014 وقربها من التوجه السياسي الوسطي، إذ لم يكن انصار الحزب راضين على هذا التوجه، معتبرين إياها تنازلا عن المبادىء من أجل المشاركة في الحكم.
وبدأت مؤشرات رفض لسياسات الغنوشي تظهر منذ مدة. وكان أبرزها استقالة مدير مكتبه السابق زبير الشهودي منتصف أيلول/سبتمبر. ودعا الشهودي في مدونة "الشيخ" الى "اعتزال السياسة وأن يلزم بيته ومحرابه".
وانتقد الشهودي بقوّة تدخل الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام في تحديد رؤساء قوائم الحزب، مشيرا الى أنهم "داسوا إرادة كبار الناخبين" بإقصاء كل من له رأي مخالف خصوصا من النساء والشباب.
ويعتبر الكاتب الصحافي زياد كريشان أن "الغنوشي يحلم بالسيطرة على الحزب وستمنحه الانتخابات النيابية شكلا من الشرعية".
في حين يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن "الوضع جد حساس" بالنسبة لرئيس الحركة وأن طموحه لترؤس البرلمان يمكن أن يمر عبر تسويات.
وكشفت بعض استطلاعات الرأي أن النهضة ستنال أربعين مقعدا من مجموع 217 بعد أن كان لها 68 مقعدا في انتخابات 2014.
ويقدّر الجورشي أن التحالف مع أحزاب جديدة في الحكم قد يؤدي الى "انقسامات تنتهي بانهياره"، وأن ليس أمام حزب النهضة "خيار آخر سوى الذهاب للمعارضة".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: