"وقف العدائيات".. تفاصيل الإعلان السياسي الموقّع في جنوب السودان
كتبت- رنا أسامة:
يُنتظر أن توقّع اليوم الاثنين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، التي تضم عددًا من الحركات السياسية، على وثيقة إعلان سياسي ستبدأ بموجبها المفاوضات الرامية للوصول لاتفاق يُنهي سنوات من الحرب الضارية في إقليم دارفور وولايتيّ جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كان من المُفترض التوقيع على الوثيقة أمس الأحد، لكن تأجّل بسبب انشغال رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت بزيارة وفد مجلس الأمن إلى بلاده، حيث سيشرف على التوقيع. ومن المُقرر أن يتركّز التوقيع حول وثيقة وقف الأعمال العدائية، إضافة إلى تحديد خارطة طريق للدخول في مفاوضات مباشرة.
يمثّل هذا التوقيع أحد ثمار مفاوضات السلام التي انطلقت منذ الاثنين الماضي من جوبا، بين حكومة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك وممثلين عن الحركة الشعبية، وذلك بوساطة رئيس جنوب السودان سلفا كير، وبدعم قادة إقليميين بينهم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، والرئيس الأوغندي يويري موسفيني.
تفاصيل الاتفاق
اتفق الطرفان على أن تقوم الحكومة بإيصال المساعدات الإنسانية من داخل وخارج السودان للمناطق المتأثرة بالنزاع، ومراجعة القرارات التي صدرت بشأن السدود وأراضي الولاية الشمالية.
وشمل الاتفاق أيضًا التأكيد على تضمين اتفاقية السلام الشامل في الوثيقة الدستورية، وهو أمر سبق أن رفضه عدد من قيادات قِوى الحرية والتغيير، فضلًا عن إصدار تفويض جديد من مجلس السلم والأمن الأفريقي لدعم عملية السلام.
كما نص الاتفاق على تضمين اتفاقية السلام الشامل في الوثيقة الدستورية، والالتزام بأن تشمل المفاوضات جميع القضايا المرتبطة بالأزمة السودانية بما فيها قضايا مناطق النزاع المسلح والقضايا القومية والقضايا ذات الخصوصية .
وأكّد الاتفاق مسارات التفاوض المنصوص عليها في إعلان جوبا الموقّع في سبتمبر الماضي.
وفيما يتعلق بسد كجبار والأضرار الناجمة عنه، اتفاق الطرفان على مراجعة القرارات التي صدرت بشأن السدود والقرار 206 بشأن اراضي الولاية الشمالية، وفق موقع "سودان تريبيون" المحلي.
بدوره، وصف عام الحركة الشعبية عمار أمون الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي". وقال إن "الحكومة اتخذت خطوات اعتبرناها إيجابية لمعالجة كل تلك القضايا، رغم أنه لا يزال هناك عمل يجب إنجازه".
واستؤنِفت مباحثات الوفد الحكومي مع حركتين مسلحتين رئيسيتين في جوبا، الجمعة، سعيًا للوصول إلى اتفاق سلام دائم، بعد أن تعثرت لمدة يومين تلويح إحداها (الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال) بالانسحاب من المفاوضات، واتهمت الحكومة السودانية بإحداث خروقات في مناطق نفوذها بجبال النوبة.
وقالت إن القوات السودانية هاجمت طوال الأيام الماضية أراضيها رغم وقف إطلاق النار غير الرسمي. غير أن رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبدالفتاح البرهان أعلن وقفا دائما لإطلاق النار في مناطق النزاع الثلاث، مما دفع أمين عام الحركة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
كان وفد مجلس الأمن الدولي المكون من 15 شخصية وصل في وقت سابق إلى عاصمة جنوب السودان، جوبا، بالتزامن مع المحادثات.
اتفاق جوبا
تأتي وثيقة الإعلان السياسي بعد شهر من التوقيع على اتفاق لإعلان المبادئ في جوبا، بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة، الذي شمل وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار.
ونصّ الاتفاق على انطلاق المفاوضات الرسمية المباشرة مع الحركات المُسلحة في 14 أكتوبر المقبل ولمدة شهرين كحد أقصى، من أجل إحلال السلام في البلاد خلال أول 6 شهور من المرحلة الانتقالية، كما نصّت على ذلك الوثيقة الدستورية.
ومن أبرز نصوص الاتفاق، الوقف الشامل لإطلاق النار بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، فضلًا عن تكوين لجان مشتركة للعمل خلال الفترة المقبلة، لتنفيذ بعض المطلوبات قبل بدء المحادثات، بحسب المتحدث باسم مجلس السيادة محمد الفكي سليمان.
كما نص على إلغاء قوائم المحظورين من السفر لأسباب تتعلق بالحرب، بالإضافة إلى مراجعة القرارات الصادرة بشأن السدود وأراضي الولاية الشمالية التي مُنحت لمستثمرين.
واتفق الطرفان على إرجاء تكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة لحين الوصول لاتفاق سلام شامل، وتشكيل لجنة لترتيب اتفاق السلام تباشر عملها فور التوقيع على الإعلان.
وفيما يتعلق بأسرى الحرب، نص الاتفاق على إطلاق أسرى الحرب، وإلغاء أحكام الإعدام التي تواجه قادة الحركات المسلحة.
ورغم هذا الاتفاق، أعلن الجيش السوداني في بيان مساء أمس الأحد، عن عمليات انتهاك لوقف إطلاق النار في دارفور من قِبل قوات تتبع حركة عبدالواحد محمد نو، بما لا يؤسس للاستقرار والسلام المنشود، مؤكدًا أن قواته سترد بقوة على تلك الانتهاكات.
وقُتل الآلاف في حروب أهلية بالسودان، بما في ذلك الصراع في منطقة دارفور بغرب البلاد، حيث يقاتل المتمردون الحكومة منذ عام 2003.
وخاضت الحكومة حربًا في دارفور مع جماعات محلية متمردة ينحدر كثير منها من قبائل أفريقية تعيش على الزراعة وتشكو من الإهمال، وهو الصراع الذي تسبب في نزوح نحو 2.5 مليون شخص.
وهدأت وتيرة الحرب على مدى الأعوام الأربعة الماضية في دارفور، حيث تنشط حركة العدل والمساواة وفصيلان من جيش تحرير السودان، لكن لا تزال تقع مناوشات، بحسب صحيفة "دويتشه فيله" الألمانية.
والتزم متمردو الجيش الشعبي لتحرير السودان-الشمال، في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق الواقعتين في جنوب البلاد، إلى حدِ بعيد بوقف إطلاق النار على مدى العامين الماضيين. ويناهض المتمردون حكومة الخرطوم منذ أن انتهى بهم الأمر على الجانب السوداني من الحدود بعد انفصال جنوب السودان في عام 2011.
ويعيش في جنوب كردفان والنيل الأزرق عدد كبير ممن وقفوا في صف الجنوب خلال الحرب الأهلية مع الخرطوم على مدى عشرات السنين. ويقول كثير منهم إنهم تعرضوا للتهميش من جانب حكومة الخرطوم منذ إعلان جنوب السودان استقلاله في يوليو بموجب اتفاق سلام عام 2005.
فيديو قد يعجبك: