أمريكا انضمت للمعترفين بها.. ماذا نعرف عن إبادة الأرمن؟
كتبت- هدى الشيمي:
انضمت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الثلاثاء، إلى عشرات الدول التي تعترف بالقتل الجماعي للأرمن على يد الأتراك إبان الحرب الأولى باعتباره "إبادة جماعية".
طالما كانت هذه القضية تتسم بحساسية شديدة بالنسبة للأتراك، وجاء التصويت على القرار في وقت تعاني فيه العلاقات الأمريكية التركية من أزمة على خلفية العدوان العسكري الذي تشنه أنقرة في شمالي سوريا، وتلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية فرض عقوبات كبيرة على أنقرة حال ارتكابها أي انتهاكات.
يُشار إلى أن حوالي 20 دولة بينها فرنسا وروسيا، والعديد من المنظمات الدولية مثل البرلمان الأوروبي يعترفون "بالإبادة الجماعية" للأرمن على يد العثمانيين.
جرى التصويت، أمس الثلاثاء، في مجلس النواب لمصلحة القرار بأغلبية 405 أعضاء مقابل رفض 11. وانضمت رئيسة مجلس النواب السياسية الديمقراطية نانسي بيلوسي إلى زملائها بالوقوف "لإحياء ذكرى واحدة من أفظع الأعمال الوحشية في القرن العشرين".
وقال جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح المحتمل للرئاسة، في تغريدة على حسابه "باعترافنا بهذه الإبادة الجماعية، نكرم ذكرى ضحاياها ونتعهد أن ذلك: لن يتكرر أبدًا".
انتقام أمريكي
من جانبها، اعتبرت أنقرة أن التصويت جاء انتقامًا للعدوان العسكري على شمال سوريا، وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن القرار "بلا أي قيمة".
وغرّد الوزير التركي، عبر تويتر، أن تركيا أحبطت "مؤامرة كبرى" بهجومها في شمال شرق سوريا وأن تحرك مجلس النواب الأمريكي يهدف "للانتقام من هذه الخطوة".
وأضاف: "كل من أفسدنا مؤامراتهم توجهوا نحو قرارات أتى عليها الزمن، لكن من يظنون أنهم ينتقمون منا بهذه الوسيلة مخطئون. هذا قرار مخز اتخذه أشخاص يستغلون التاريخ في الأمور السياسية".
واستدعت أنقرة، اليوم الأربعاء، السفير الأمريكي في أنقرة للاحتجاج على اعتراف مجلس النواب الأمريكي بالإبادة الجماعية للأرمن، وفق مسؤولين أتراك.
وقال مسؤولون إن السفير، ديفيد ساترفيلد، استدعي إلى وزارة الخارجية لأمر يتعلق "بالقرار الذي لا أساس قانونياً له واتخذه مجلس النواب"، حسبما نقلت قناة العربية الإخبارية.
ماذا جرى للأرمن؟
عشية الحرب العالمية الأولى، كان هناك حوالي مليوني أرميني في الإمبراطورية العثمانية. وبحلول عام 1922 كان عددهم أقل من 400 ألف شخص، إذ قُتل حوالي 1.5 مليون منهم فيما يعتبره المؤرخون عملية إبادة جماعية.
تحدث المؤرخ الأمريكي ديفيد فرومكين عن إبادة الأرمن في كتبه، وقال إن حوادث الاغتصاب والاعتداء كانوا أمور طبيعية وشائعة في ذلك الوقت، حتى أولئك الذين لم يقتلوا كانوا يُجبرون على النزوح عبر الجبال والصحاري دون طعام أو شراب، وظلوا يبحثون عن مأوى لفترات طويلة. واضطر مئات الآلاف من الأرمن إلى الاستسلام، أو قتلوا في نهاية المطاف.
لكن بالنسبة للأتراك، فإن ما حدث في عام 2015 لم يكن أكثر من حدث جانبي لحرب فوضوية للغاية تسببت في انهيار الامبراطورية العثمانية. كما أن الأتراك يعتبرون تحميلهم مسؤولية ما جرى للأرمن بمثابة إهانة لهم لا تغتفر.
كما أن الحكومات التركية ترفض استخدام تعبير "الإبادة الجماعية"، وتقول إن المئات قتلوا خلال الاشتباكات التي وقعت خلال الحرب العالمية الأولى، والتي عانى منها الأتراك أنفسهم.
اضطهاد مُنظم
وذكرت موسوعة براتينكا الإنجليزية، أنه في أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى (1914-1918) واصلت السلطات العثمانية اضطهادها المنظّم للأرمن، وقامت بحملات كبيرة من التهجير القسري لمئات آلاف السكان من قراهم وأراضيهم وإعادة توطينهم في مناطق أخرى من الإمبراطورية، وبخاصة في بلاد الشام وسوريا، تحت مظلة قانون "التهجير"، حسبما نقلت إندبندنت عربية.
وكان المؤرخ ريمون كيروكيان، المدرس بالمعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية (والجيوبوليتيكا)، ذكر أن الأرمن أبيدوا باسم القومية، وكان الهدف من الحملة التي مورست ضدهم هو تطهير الأمة من العناصر الأجنبية.
وحتى الآن لا يوجد اجماع حول عدد الأرمن الذين قتلوا خلال عملية الإبادة الجماعية، ولكن هناك شبه إجماع بين المؤرخين الغربيين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون.
وقدّر المؤرخون عدد الأرمن الذين عاشوا في الدولة العثمانية قبل عام 1915 حوالي مليون و256 ألف نسمة، غير أن موسوعة بريتانيكا قالت إن هذا الرقم لم يأخذ سكان الأرمن البروتستانت في الحسبان، مشيرة إلى رأي المؤرخ آرا سارافيان، الذي يقول إن عدد سكان الأرمن بلغ نحو مليون و700 ألف نسمة قبل بداية الحرب. ومع ذلك انخفض هذا العدد إلى 284 ألفاً بعد عامين في عام 1917، ما يؤكد حدوث "الإبادة الجماعية".
فيديو قد يعجبك: