مجلة أمريكية: كيف أصبح أردوغان جزءًا من قصة "خيانة" ترامب لبلاده؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت مجلة سلايت الأمريكية، في تحليل على موقعها الإلكتروني، إنه من الصعب تعقب المشاكل التي يقع فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي اعتبرتها "خيانة" لوطنه، مضيفة: أولاً توسل إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمساعدته في الانتخابات لعام 2016، ثم تعاون مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وكذب على العالم بشأن الترسانة النووية الخاصة ببيونج يانج، وضغط على إسرائيل لكي تمنع دخول عضوات الكونجرس المسلمات الأراضي الفلسطينية المُحتلة، وأخيرًا كُشف عن مكالمة هاتفية مع نظيره الأوكراني فلودويمير سعى خلالها الحصول على مساعدته للتخلص من منافسه السياسي في الانتخابات المُقبلة.
ووسط كل هذا الجنون، وفي خضم التحقيقات التي يجريها الديمقراطيون في مجلس النواب بهدف الكشف عن الانتهاكات المحتملة لترامب من أجل مُحاسبته، ذكرت المجلة أن الرئيس الأمريكي أصدر أوامر بسحب قواته من الأراضي السورية، حتى لا تقف في طريق الغزو التركي المُحتمل للمنطقة.
رغم أن هذا القرار يبدو وكأنه محاولة للإلهاء عما يجري في واشنطن، قالت المجلة الأمريكية إنه ليس كذلك، موضحة أن ترامب يتآمر مع نظيره التركي كما فعل مع باقي الرؤساء الاستبداديين الذين باتوا الآن أهم حلفاء الولايات المتحدة.
بالتدقيق في خط سير العلاقة بين ترامب وأردوغان، تقول المجلة إنه من الممكن التوصل إلى معلومات تنسج قصة عن خيانة ترامب للولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما حاولت استعراضه فيما يلي..
تركيا تتدخل في الحملة الانتخابية
في يوليو 2016، أعلن الحزب الجمهوري ترشيحه رسميًا لترامب لكي يمثله في انتخابات الرئاسة. وبعد ستة أيام، أجرى رجل أعمال تركي- هولندي محادثات سرية مع مايكل فلين، مستشار السياسة الخارجية في الحملة الانتخابية وقتذاك.
كان الهدف من المحادثات، حسب المجلة، هو أن يمهد رجل الأعمال – لم يُكشف عن هويته- الطريق لتعزيز العلاقات بين ترامب وتركيا، مقابل تسليم فتح الله غولن لأنقرة، رجل الأعمال والداعية الذي يعيش في بنسلفانيا وأشد معارضي نظام أردوغان.
في أغسطس من ذلك العام، وقع فلين عقدا بقيمة 600 ألف دولار من أجل تنفيذ عملية الضغط، وجرى تقديمه إلى الوزراء في الحكومة التركية وحصل على دعمهم. حسب المجلة الأمريكية، فإن فلين واصل عمله كأحد عملاء تركيا طوال فترة الحملة الانتخابية.
ترامب يدافع عن عميل تركيا
في فبراير 2017، استقال فلين بعد الكشف عن تقارير تفيد بإجرائه محادثات سرية مع روسيا. وفي مارس وقع أوراق يقر فيها بأنه عمل لصالح تركيا. وعوضًا عن إدانة ما فعله، دافع الرئيس الأمريكي عن مستشاره السابق، وقال إنه ضحية لعملية الاضطهاد التي يتعرض لها هو وأعوانه.
ترامب يضغط لتسليم جولن
طلبت السلطات التركية من إدارة ترامب، في أكتوبر الماضي، تسليم التركي المعارض فتح الله جولن إلى أنقرة، فأمر البيت الأبيض مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل بالتحقيق في أسباب تسليمه. وأبلغت وزارة العدل البيت الأبيض أن الأسباب غير كافية لفعل ذلك، ولا يوجد أي دليل جديد يدعو إلى إعادة فتح القضية. ولكن ترامب لم يوافق على هذه النتائج ودعا مستشاريه إلى التوصل إلى وسائل قانونية أخرى لفعل ذلك.
ترامب يساند أردوغان ضد جيشه
في 14 من ديسمبر، تحدث أردوغان مع ترامب عبر الهاتف، وخلال هذه المكالمة حاول الرئيس التركي الحصول على دعم واشنطن لكي يشن هجومًا على الأكراد. وحذر المسؤولون الأمريكيون ترامب من هذا الأمر، وشددوا على أهمية بقاء القوات الأمريكية في مواقعها بسوريا، لاسيما وأن تنظيم داعش لا يزال يُشكل تهديدًا.
إلا أن أردوغان تمكن من التسلل إلى عقل ترامب، من خلال إقناعه بأنه بمجرد أن تنسحب القوات الأمريكية فإن تركيا ستتولى زمام الأمور فورًا وهو ما وافق عليه الرئيس الأمريكي، حسبما نقلت المجلة.
أغضبت موافقة ترامب مستشاريه وأعضاء ادارته على رأسهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، والذي اعتبر القرار خيانة أمريكية للأكراد، ثم قدم استقالته، وكذلك تخلى بريت مكجورك، المبعوث الأمريكي للتحالف ضد داعش، عن منصبه.
وبعد أقل من 10 أيام، أعلن الرئيس الأمريكي أنه تحدث إلى أردوغان، وأخبره الأخير بأن أنقرة ستتولى مسؤولية إبادة داعش.
تنامي السلطوية في تركيا
أقر رؤساء العديد من وكالات الاستخبارات الأمريكية، في يناير الماضي، في شهادة أمام مجلس الشيوخ أن داعش لا يزال يشكل تهديدا مستمرا. وحذر دان كوتس، مدير الاستخبارات الوطنية، من السلطوية المتنامية في تركيا، ومن أن طموحتها الإقليمية قد توقع الجميع في مشاكل، مُشددًا على أن داعش لا يزال لديه الآلاف من المقاتلين، وأنه يستمر في التآمر ضد الولايات المتحدة.
وما كان من ترامب إلا أن يسخر منهم ويستخف بشهادات المسؤولين الاستخباراتيين، حسبما تذكر سلايت.
ترامب يتخلى عن الأكراد مُجددًا
بعد مكالمته الهاتفية مع أردوغان في ديسمبر الماضي، أقنع القادة في الكونجرس والإدارة الأمريكية ترامب بالتراجع عن قراره بسحب كل القوات من سوريا، وإبقاء بعضها هناك، إلا أن المسؤولين الأتراك، حسب المجلة الأمريكية، كانوا واثقين من أنهم قادرين على فصل الرئيس الأمريكي عن مساعديه ومستشاريه، وهو ما حدث فعلا.
وقالت سلايت: الأحد الماضي، بعد مكالمة هاتفية أخرى جمعت بين اردوغان وترامب، أخبر الرئيس التركي نظيره الأمريكي أنه يرغب في ارسال قواته إلى سوريا، ودون استشارة أي مساعديه وافق الرئيس الجمهوري، وفي غضون ساعات أصدر تعليماته بسحب المقاتلين الأمريكيين من المنطقة.
غرّد ترامب، الاثنين الماضي، مودعًا القوات الكردية، وأشار في سلسلة من التغريدات عبر تويتر إلى أن "الأكراد حاربوا إلى جانبنا، ولكنهم حصلوا على كميات كبيرة من المال والمعدات لفعل ذلك".
وتابع: "لقد حاربوا تركيا لعقود، أوقفت هذه الحرب ثلاثة أعوام تقريبًا، لكن حان الوقت للرحيل.."، ثم أثنى ترامب على تركيا مؤكدًا أنها شريك تجاري هام، مُعلنًا أن اردوغان سيحل ضيفًا على واشنطن في وقت قريب.
حسب المجلة، فإن زيارة أردوغان للولايات المتحدة لن تثير الاستفزازات كما فعلت زيارات بوتين أو كيم جونغ أون، كما أن الأكراد الذين خانهم ترامب لن يحظوا بالاهتمام الذي حصل عليه تواطؤ ترامب مع روسيا أو أوكرانيا.
ولكن ما حدث بين ترامب واردوغان، وفقًا للمجلة، جزء من قصة خيانة الرئيس الأمريكي لبلاده، خاصة أن الرئيس التركي مثل بوتين وكيم وزيلينسكي، باتوا يعلمون جميعاً أن الولايات المتحدة أصبحت كأي دولة استبدادية أخرى، يوجد رجل واحد فقط هو المسيطر على كل شيء.
فيديو قد يعجبك: