إعلان

"مصراوي" يحاور بطل التصدي لحرق المصحف بالنرويج: كنت أتمنى العيش بمصر

02:54 م الثلاثاء 26 نوفمبر 2019

كتب- محمد الصاوي:

كشف السوري عمر الضبعة، أحد أبطال واقعة التصدي لحرق المصحف خلال وقفة احتجاجية نظمها متطرفون نرويجيون في 16 نوفمبر الجاري، تفاصيل ما حدث معه ورفاقه الأربعة. وقال في تصريحات خاصة لمصراوي إنه كان ضمن مظاهرة مضادة تطالب باحترام الأديان، لكنه لم يتحمل ما أقدم عليه المتطرفون وتدخل هو وأصدقاؤه لحظة محاولة أحد المتطرفين حرق نسخة من المصحف الشريف، "مستحيل تسكت وتفكر في أي شيء تاني وأنت ترى دينك ينتهك".

كانت جماعة يمينية متطرفة تسمى "أوقفوا أسلمة النرويج" (سيان SIAN) دعت لوقفة احتجاجية بمقاطعة كريستيانساند الأسبوع الماضي وأعلنت اعتزامهم حرق القرآن رفضا لما أسمته بـ" أسلمة النرويج". فيما دعت قيادات إسلامية ونرويجية معتدلة إلى مظاهرة مضادة تطالب باحترام الأديان والإنسانية.

وشدد "الضبعة" على ضرورة فهم السياق الذي جرت فيه الأحداث قبل ووقت الوقفة الاحتجاجية، وأوضح: قبلها اعترضت القيادات السياسية المحلية مسبقا على مظاهرة سيان، وطالبوا بسحب الترخيص الممنوح للمتطرفين للتظاهر، ما أثار حالة من الجدل في المقاطعة النرويجية واتهمهم البعض بانتهاك حرية التعبير.

وأضاف: انتهى الجدل بحصول "سيان" على تصريح التظاهر، مع اشتراط عدم إشعال النيران بأي شكل لأسباب أمنية. وأصدرت الشرطة بيانا أكدت فيه أنها ستتدخل على الفور وتوقف المظاهرة، إذا حاولت الجماعة اليمينية حرق القرآن، ما جعلنا نشعر بالهدوء والأمان.

قصي

وتابع: "سيان" أحضروا شواية لحرق القرآن بها، لكن قوات الشرطة أزالتها قبل بدء التظاهرة، وأزالت أعلام ولافتات مناهضة للإسلام، وتوعد زعيم الجماعة المتطرفة "آرني تومير" في تصريحات إعلامية صباح اليوم نفسه، باللجوء لخطة بديلة لتنفيذ غايتهم، إلا أن الشرطة أكدت لنا أنها ستتدخل إذا لزم الأمر.

وحول تفاصيل ما حدث خلال الوقفة الاحتجاجية، قال الضبعة: أول 60 دقيقة مرت كأي تظاهرة سابقة نظمتها "سيان"، حتى بدأ قادة الجماعة في إلقاء كلماتهم، وسمعناهم يصرخون ويتهمون النبي محمد باتهامات مسيئة، ويزعمون أن الإسلام دين عنف، وأن المسلمات يتعرضن للقمع، وعندما أوشكت التظاهرة على الانتهاء أحضر زعيم الجماعة "أرني تومير" نسخة من المصحف، وأعلن أنه حان الوقت لحرقه".

أضاف اللاجئ السوري: وقفنا في هدوء انتظارا لتدخل الشرطة إذا أقدموا بالفعل على حرقه، ووقتها استدرك "تيومر" قائلًا إن الشرطة فرضت قيودا ومنعتهم من حرق القرآن، فألقى به في سلة المهملات، ما تسبب ذلك في إيذاء مشاعرنا وهتفنا ضده دون أن يفكر أي شخص في مهاجمته رغم أنه كان بينه وبين تظاهرتهم 3 إلى 4 أمتار فقط، وكان أفراد الشرطة يقفون في مواجهة "سيان" لا مواجهتنا.

محمود الضبعة

وتابع: اعتقدنا أنهم انتهوا، إلا أن القيادي المتطرف لارس ثورسين تقدم وهو يحمل القرآن، في وجود مجموعة تضم 30- 40 فردًا، وأشعل النار في نسخة المصحف، حينها كنت إلى جوار أصدقائي الأربعة قصي رشيد، وعبد الحليم حسن، وياسر سلامة، وزهير شراوي، وحكيت مع قصي "إذا أشعلوا النار في المصحف راح نفوت إليهم".

بحسب الضبعة استغرق الأمر 7 ثوان اشتعل بعدها الموقف، أطاح قصي رشيد صاحب الصورة الشهيرة بالحواجز واقتحم الصفوف وركض نحو الرجل "التافه" وركله لمنعه من حرق القرآن الكريم؛ وركضت وراء قصي إلا أن رجل شرطة تمكن من الإمساك بي وهربت منه وقفزت على المتظاهر العنصري، وتمكنت الشرطة من القبض علي وأسقطوني على الأرض، وعندما حاول زهير الدفاع عنا تم القبض عليه.

الضبعة: اتهمونا بمقاومة الشرطة.. وأعرف أنني لاجئ لكنني لم أستطع التحكم في أعصابي

ويضيف: تدخلت الشرطة وأخمدت النيران المشتعلة في المصحف، واحتجزوني بجانب سيارة الشرطة وحينها سألني ياسر الذي كان يقف بالخلف عن المتطرف الذي أشعل النار، فأشرت إليه وبمجرد محاولة هجومه على الرجل تدخلت الشرطة واعتدت عليه.

وعن تعامل الشرطة معهم، قال اللاجئ السوري: تعاملوا معنا بعنف مفرط؛ أعرف أن لديهم صلاحيات باستخدام القوة حال مقاومتنا، لكنهم تعاملوا معنا بعنف مبالغ فيه؛ وبعدها احتجزونا لمدة 6 ساعات وفرضوا علينا دفع غرامة لكل واحد تقدر بحوالي 1700 يورو، لاتهامنا بمقاومة الشرطة، وهذا ما رفضناه، وطالبنا بتصعيد الأمر إلى المحكمة للنظر فيه؛ وسنقدم شكوى ضد رجال الأمن الذين اعتدوا علينا، وأتوقع أن يعاقبوا بخفض رتبهم.

وردا على سؤال حول ما إذا كان فكر هو وأصدقاؤه مسبقا في تبعات ما قاموا به، قال الضبعة: "أعرف أنني لاجئ سوري؟، لكنني لم أستطع التحكم في أعصابي عندما رأيت من يريد حرق المصحف. هذا ديني ولم يمكن أن أقدم عليه أي شيء مهما كان الثمن حتى إن وصلت إلى سحب الإقامة.. مستحيل تفكر في أي شيء تاني وأنت ترى دينك ينتهك ".

وحول رحلة نزوحه من سوريا، قال الشاب العربي: "مع تفاقم الأوضاع، تركت حلب وتوجهت إلى لبنان، بعدما فشلت في المجيء إلى مصر التي كنت أتمنى العيش بها، ومن لبنان توجهت إلى تركيا ومن ثم سافرت إلى النرويج قبل 4 سنوات، واعيش هنا في سلام وأمان تام وحصلت على الإقامة الدائمة وأعامل مثل أي مواطن، فأنا من دافعي الضرائب وألتزم بواجبي تجاه الدولة، وأحصل على حقوقي كاملة؛ وافتتحت مطعما سوريا حاز على إعجاب الكثيرين من المواطنين".

مصر البلد الوحيد التي فتحت أبوابها للسوريين دون قيد وعاملتهم كأشقاء لا لاجئين

وعن رأيه في ردود الفعل بعد الواقعة، قال الضبعة: "أرى أن الردود شابها بعض المبالغة، لا نبغي من وراء ذلك شهرة أو غيره، كل الأمر أن ما يلزم فعله من أي مسلم قمنا بفعله.. كما أنني تلقيت عدة رسائل تهديد منها ما وصل إلى القتل إلا أنني أتعامل معها على أنها مجرد "حكي فاضي".

وانتقد الدعوات بمقاطعة النرويج وعدم التعامل معهم اقتصاديا، وقال: أرفض ذلك تماما، لأن الشعب النرويجي يتسم بالرقي واحتواء الآخر. وما حدث تصرف فردي لا يعبر سوى عن صاحبه، ولا يجب معاقبة كل الشعب النرويجي الطيب الذي أحسن استقبالنا".

واختتم اللاجئ السوري حديثه قائلا: "أتمنى انتهاء الأزمة السورية، إلا أنني لن أعود إلى هناك طالما بقت تحت حكم بشار الأسد. وانتظر الحصول على الجنسية النرويجية و"أول شيء راح أسويه هو زيارة مصر التي أحبها وأتابع شؤونها عن كثب، فمصر تقريبا هي البلد الوحيد التي فتحت أبوابها للسوريين دون قيد، وتعاملت معهم على أنهم أشقاء وليسوا لاجئين كما تعامل معنا الباقي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان