قصة إقالة قائد البحرية الأمريكية بعد عفو ترامب عن ضابط مدان بجرائم حرب
كتب - محمد صفوت
أقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، قائد القوات البحرية ريتشارد سنبسر، بسبب أسلوب تعامله مع قضية ضابط بقوات النخبة البحرية أُدين بسوء سلوك بالعراق وحظي في وقت لاحق بدعم الرئيس دونالد ترامب.
قرر إسبر احتفاظ الضابط موضع القضية وهو قائد العمليات الخاصة إدوارد جالاجر برتبته، التي تؤهله للانضمام لقوات النخبة منهيا بشكل فعلي جهود البحرية لإخضاعه لتحقيق قد يخرجه من تلك القوات.
وأثنى ترامب، الذي عارض علنا خفض رتبة جالاجر، على الإجراءات الأخيرة. وقال على موقع تويتر: "سيتقاعد إدي إدوارد في سلام بكل أوسمته التي حصل عليها".
بداية الأزمة
وتصاعدت حدة الخلاف بشأن قضية إدوارد جالاجر، الذي اتهم في قضايا جرائم حرب في العراق، وحكم على أثرها ثم برأته المحكمة بعد ذلك في يوليو الماضي، ووصلت إلى مستويات عليا في البيت الأبيض والبنتاجون، ولكل منهم روايته الخاصة.
وأدين جالاجر وتم تخفيض رتبته العسكرية بعد التصوير بجانب جثة مقاتل من داعش، وهو ما يخالف اللوائح الأمريكية، فيما تم تبرئته من اتهام بالقتل، وكان من المتوقع أن يتم طرده من الخدمة، لكن دفاع ترامب عنه وإلغاء قرار المحكمة، منحه الاستمرارية في الرتبة الحالية، كما منحه فرصة للالتحاق بقوات النخبة في البنتاجون.
وأصدر جالاجر بيانًا، مساء الأحد، يشكر فيه عائلته وفريقه القانوني ومؤيديه، مختتمًا بالثناء على ترامب.
وبرر الرئيس الأمريكي إقالة سبنسر، قائلاً: "إن جزء من إقالته تعود إلى الطريقة التي تعامل بها مع جالاجر". وأضاف: "لم تعجبني الطريقة التي تعاملت بها البحرية مع محاكمة الضابط إدي جالاجر".
ودافع ترامب أمام الصحفيين يوم الاثنين عن قراره الخاص بالتدخل في الأمر، قائلاً: "واجبي حماية مقاتلينا".
وفي وقت سابق، أكد ترامب بضرورة بقاء الرتبة العسكرية لجالاجر، لضمان بقاءه في وحدة النخبة بوزارة الدفاع الأمريكية.
البنتاجون يطلب استقالة سبنسر
وقبل يوم من الإقالة، ذكر البنتاجون أن وزير الدفاع مارك إسبر، طلب استقالة وزير البحرية ريتشارد سبنسر، بعدما فقد الثقة به بشأن تعامله مع قضية ضابط بالقوات الخاصة بالبحرية متهم بجرائم حرب.
وقال بيان وزير الدفاع الأمريكي، "إنني منزعج للغاية من هذا السلوك الذي أبداه ضابط كبير بوزارة الدفاع. للأسف فإن النتيجة هي أن الوزير سبنسر لن يحظى بثقتي بعد الآن للاستمرار في موقعه. أتمنى لريتشارد كل خير".
ويقول إسبر، إن ترامب أمر البنتاجون بالسماح لجندي البحرية المدان بسوء السلوك في ميدان المعركة، بالاحتفاظ برتبته التي حددته كعضو في قوة النخبة بدلا من إجراء مراجعة داخلية.
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز" أنه تحدث مع ترامب بشأن جالاجر وأمره أن يحتفظ الضابط برتبته الحالية.
وتابع وزير الدفاع الأمريكي، إسبر انزعج من الطريقة التي تعامل بها سبنسر مع القضية حيث تجاوز الأخير التسلسل القيادي وبعث رسائل متضاربة حول مصير جالاجر.
سبنسر: قرارات ترامب خطيرة على وحدة القوات
بينما يرى سبنسر قائد البحرية الأمريكية المقال من منصبه، بأن جالاجر لا بد أن يخضع لمجلس تأديبي.
وكتب سبنسر في الإقالة التعسفية التي أجبر عليها، بأنه قرر الاستقالة من منصبه بعدما شعر بأنه وترامب لم يعودا يشتركان نفس المفهوم بشأن النظام والانضباط.
وتابع في رسالة استقالته، "لا يمكنني إطاعة أمرًا أعتقد أنه ينتهك القسم المقدس الذي قسمته لدعم الدستور الأمريكي والدفاع عنه".
وفي تصريحات نقلتها شبكة "سي بي إس" الأمريكية، عقب إقالته، يقول سبنسر، إن ما فعله الرئيس الأمريكي يمثل رسالة خطيرة للقوات بأن من يرتكب جريمة يمكنه الإفلات من العقاب.
هل يمكن للرئيس الأمريكي العفو عن جالاجر؟
الدستور الأمريكي حدد الصلاحيات والسلطات للرئيس، فهو القائد الأعلى للقوات الأمريكية، ويمنحه الدستور صلاحيات واسعة للعفو والتسامح.
ويشار إلى أنه قد تدخل ترامب لإلغاء أحكام بحق 3 ضباط بينهم جالاجر، متجاهلاً قادة وزارة الدفاع الأمريكية، الذين حذروه من خطورة العفو عنهم مبررين ذلك بأنه يضر بسلامة النظام القضائي العسكري، وقدرة القادة العسكريين على ضمان النظام والانضباط، وثقة حلفاء الولايات المتحدة والشركاء الذين يستضيفون القوات الأمريكية، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".
وعقب إثارة قضية جالاجر وضابطين أخرين متهمين بجرائم حرب في أفغانستان، قرر قائد البحرية الأمريكية، كولين جرين، في يناير الماضي، عمل مراجعة لوحدة النخبة تمتد لـ90 يومًا، للوقوف على ما إذا كانت هناك تجاوزات في صفوفها رفع معنويات الأفراد وتعزيز سُمعة الوحدة، التي طالتها عدة فضائح في الفترة الأخيرة، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".
وقال البيت الأبيض في وقت سابق من نوفمبر الجاري إن ترامب أعاد رتبة جالاجر وأصدر عفوًا عن ضابطين اتهما بجرائم حرب في أفغانستان.
وأعلن ترامب أنه سيرشح السفير الأمريكي بالنرويج كينيث بريثويت وزيرا للبحرية خلفا لسبنسر.
أزمات ترامب والبنتاجون
وتزايد حدة التوتر بين البيت الأبيض بقيادة ترامب والبنتاجون منذ تولي الأول رئاسة الولايات المتحدة، فمن العفو عن عناصر من القوات الأمريكية مدانون بجرائم حرب، مرورًا بطلبه عرض عسكري في رغبة أزعجت العسكريين الأمريكيين الذين لا يحبذون عرض قواتهم أمام مسؤول منتخب، حسبما ذكرت "فرانس برس".
وامتدت الأزمات بين البيت الأبيض والبنتاجون، عقب قرار انسحاب القوات الأمريكية في ديسمبر الماضي الذي تسبب في تقديم وزير الدفاع السابق جيم ماتيس باستقالته، فضلاً عن تشكيك البيت الأبيض في ولاء القائد العسكري الأمريكي ألكسندر فيندمان، أحد الشهود الرئيسين في قضية فضيحة أوكرانيا التي تهدد بعزل ترامب من منصبه.
وصولاً لقرار سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، الذي مثل الضوء الأخضر لتركيا لشن عدوانًا عسكريًا على الشمال السوري.
فيديو قد يعجبك: