متحدث الخارجية العراقية: استقالة الحكومة "مؤشر إيجابي" وعلاقتنا مع إيران "تداخل مصالح" (حوار)
حوار- حاتم أبوالنور وإيمان محمود:
اعتبر الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية استقالة حكومة عادل عبد المهدي تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ الأول من أكتوبر الماضي دون هوادة وتراجع رغم مئات القتلى وآلاف الجرحى، بمثابة "مؤشر إيجابي للامتثال التام بالقوانين والدستور."
وقال الدكتور أحمد الصحاف في مقابلة مع مصراوي إن العراق يتجه الآن نحو اختيار رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة تمضي في تحقيق مطالب الشارع "وهو ما يضيف المزيد من الحيوية على النظام السياسي" القائم في بلاد الرافدين منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق صدام حسين مع الغزو الأمريكي للعراق في 2003.
تحدث الصحاف في المقابلة عن العلاقة بين مصر والعراق وقال إنها "إيجابية ومتصاعدة" في في المجالات كافة، خاصة على الصعيد الأمني الذي شهد حالة من التعاون الاستخباراتي والاستراتيجي لمحاربة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية.
كما تطرق عن علاقة بغداد بطهران نافيا ما يتردد عن تدخل إيران في الشؤون العراقية، مُعتبرًا أن هناك "تداخلاً في المصالح" بين تلزمه العلاقات التاريخية والموقع الجغرافي مع الدولة الجارة، وإلى نصّ الحوار...
إلى أين تمضي الأوضاع في العراق بعد استقالة رئيس الحكومة؟
استقالة عادل عبد المهدي هي أول استقالة رئيس وزراء يشهدها العراق بعد عام 2003، وهو مؤشر إيجابي للامتثال التام بالقوانين والدستور فيما يتعلق بالحفاظ على سلمية التظاهرات واستجابة لصدى الشارع ومطالبه، ومن جهة أخرى فإن الوضع السياسي في العراق الآن يمضي في اتجاه اختيار رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة تمضي في تحقيق مطالب الشارع وهو ما يضيف المزيد من الحيوية على النظام السياسي.
ما رؤيتكم للتهدئة في الداخل العراقي؟
الحكومية العراقية استجابت لمطالب المتظاهرين السلميين في مُختلف الساحات في العراق، وهي تعتبر التظاهرات علامة نضج سياسي ووعي بحراك مجتمعي لتقييم الأداء الحكومي من جهة وللمطالبة بحياة كريمة ومشروعة يستحقها أبناء الشعب العراقي.
كما قدمت الحكومة العراقية ثلاث حزم شملت العديد من الجوانب والقطاعات، وأشارت في أكثر من مناسبة أنها تتكفل بحماية المتظاهرين السلميين.
ومجلس النواب استمر في عقد جلسات متكررة تضمنت تعديل العديد من القوانين التي تتعلق بتوفير الخدمات وتحقيق المطالب المشروعة للمتظاهرين، كما أنه يتابع الوضع الإنساني لأنه منخرط في جملة من القوانين والاتفاقات الدولية التي تتيح له بأن يكون في الموقع المتقدم في مجال حقوق الإنسان.
وكيف ترون اتهامات المُحتجين لإيران بالتدخل في الشأن العراقي؟
العراق بلد كامل السيادة له خصوصيته وتعدديته الاجتماعية، وإيران دولة جوار مع العراق وهناك استحقاقات تاريخية بينهما، مثل السعودية والكويت وغيرها.
علاقة إيران بالعراق لا تُعد تدخلاً في الشؤون الداخلية بل تداخل في المصالح، وهو ما يرعاه العراق على أساس من التوازن يعود على مصلحة شعبي البلدين، ونحن نرفض أي تدخل بالشأن العراقي لكننا ننفتح على كل الأطراف على مستوى دول الجوار والدول العربية وغيرها.
إيران وقفت بجانب العراق في حربه ضد داعش كما وقفت دول أخرى، ونحن نثمن مواقفها ونجدد الشكر لها لأن العراق لا يتخلى عن شركائه وأصدقائه.
هل نجح العراق في الحفاظ على مكاسب الحرب مع داعش؟
الأمن الشامل على مستوى المنطقة المحيطة بالعراق تتطلب التنسيق والتواصل المستمر بين كل الأطراف، ونحن نقيم العلاقات مع دول الجوار على قاعدة من التوازن والاستقرار وحكم الخصوصية والاستقلال. مفهوم الأمن هو مفهوم عضوي، فلا يمكن أن يكون العراق آمنًا في محيط مضطرب ينعكس على أمن البلاد، وهو ما يتطلب العمل على تكريس بنية أمنية موحدة ومستقرة في دائرة مصالح مشتركة بين الدول المجاورة.
كيف تقيّم العلاقات المصرية-العراقية خلال السنوات الأخيرة؟
العلاقات التاريخية التي تربط بغداد والقاهرة تتسم بإيجابية متصاعدة، وتعتمد على نقاط التقاء ثقافية وسياسية واسعة ومتعددة، وبناء على ذلك فإن قيادتي البلدين يدركان ضرورة المضي لإعادة موضعة العلاقات الثنائية في إطارها الاستراتيجي.
نحن نعمل على تكريس مبدأ الشراكات المتعددة مع مصر، وفي مقدمتها الشراكة الاقتصادية، كما نرى مصر بصفها الأكبر في الوطن العربي وحاضنة الجامعة العربية الذي يُعد العراق أحد مؤسسيها، أنه يمكن لنا كشعبين وحكومتين ودبلوماسيتين ان نضطلع معا بأدوار كبيرة في المنطقة.
بالإضافة إلى مواقفنا المُشتركة التي تبدأ بمجال مكافحة الإرهاب ومجال الدعم الدبلوماسي في المواقف الثنائية وصولا إلى اللجنة العراقية المصرية المُشتركة التي تعبّر عن وعي مشترك بما يتصل بوعي بالمخاطر والتهديدات المشتركة وايضًا كيفية استغلال إمكانيات البلدبين.
كيف يتم التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بالجانب الأمني ومحاربة الإرهاب؟
التعاون بين بغداد والقاهرة في ملف مكافحة الإرهاب شهد حالة من التنامي الكبير في ملاحقة عصابات داعش الإرهابية على مستوى تدريب الأجهزة الأمنية العراقية ومواجهة ايدولوجيا التطرف والتكفير وتجفيف المنابع الفكرية لهذه الجماعات، وتبادل المعلومات وتوحيد المواقف والرؤى السياسية التي عادت على العراق بالمصلحة.
ونحن نأمل أن تتخذ مصر دورها معنا في مواجهة أيدولوجيا التطرف والتكفير لأن العدو مُشترك.
وما طبيعة التعاون في مرحلة ما بعد داعش؟
علاقتنا مع مصر تتجه الآن صوب هذه المرحلة، وهي مرحلة الاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية. نأمل أن تتخذ مصر دورًا بارزًا في تحقيقها على مستوى الصناعة والزراعة والطاقة والإسكان وهو ما كرّست اللجنة العراقية-المصرية في اجتماعاتها الأخيرة مناقشة هذا السياق وشهدت حالة من الاندماجية والالتقاء على جملة من المسارات.
كما أن العلاقات التي تربط مصر والعراق والأردن في أعلى مستوياتها حيث استضافت بغداد بمقر وزارة الخارجية الاجتماع الثلاثي الذي ضمّ وزراء خارجي الدول الثلاث، في نوفمبر الماضي، لبحث جملة المخاطر بالمنطقة وكان الاتفاق على تعزيز التعاون المُشترك.
وهل يسعى العراق لتوطيد علاقته بالخليج؟
العراق يعمل مع السعودية على تكريس أهم الفرص الممكنة لصالح الشعبين الشقيقين الجارين وعلينا التحلي بالمزيد من الحكمة للنظر لملفات المنطقة بما يعود على الشعبين بمزيد من الاستقرار.
وفيما يتعلق بالإمارات العربية، فنتطلع لأدوار تنموية واقتصادية أكثر، العراق بحاجة إلى هذا الدعم وبحاجة إلى حضور أوضح والشعب العراقي ينتظر المزيد من مسارات التنمية المشتركة مع الإمارات.
ما رؤيتكم تجاه القضية الفلسطينية المواقف الأمريكية الأخيرة؟
نحن مع حق الشعب الفلسطيني في دولة موحده عاصمتها القدس الشريف، ولا نقبل أي تصرف بحق الشعب الفلسطيني لانها حقوق محمية بُنيت باستحقاق تاريخي. والعراق يرى تطلع عربي ضروري وتنسيق بأهم التحديات أمام الشعب الفلسطيني، الذي يتذكر جيدًا مواقفنا تجاه قضيته.
هل تؤيدون عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية؟
العراق دعا وسعى وتواصل مع الأطراف العربية كافة من أجل إعادة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، التي يجب أن تكون جامعة ولا تستثني طرفًا دون آخر وأن التباينات في المواقف العربية يجب أن تكون في البيت العربي للتوصل إلى مقاربات حيوية واستراتيجية. موقفنا من سوريا كموقفنا من ليبيا واليمن، نطالب دائمًا بالحفاظ على وحدتهم وسيادتهم وعدم التدخل في شؤونهم والحفاظ على سيادتهم وتمكين الأطراف في الدول الثلاث من خلال الحوار بالتوصل إلى حل ضمن إطار الدولة الوطنية المُنتخبة.
وكيف ترون موقف الجامعة العربية في التعامل مع أزمات دول المنطقة؟
نأمل أن تكون جامعة الدول العربية "جامعة" وبيت عربي، وهو يبني أُطر التنسيق والتعاون بشكل يرسخ الانسجام ويوسع من دائرة التفاهمات حول أهم القضايا العالقة، لتوحيد رؤية من شأنها أن تعود على البيت العربي بمزيد من القوة. نأمل أن تنهض الجامعة العربية بأهم الأدوار في مرحلة حساسة من عُمر الشعوب العربية التي تنتظر المزيد من التنسيق والحوار بين قادتها.
فيديو قد يعجبك: