بيلوسي استخدمت "الخيار النووي" ضد ترامب.. هل تدفع الثمن؟
كتب – محمد الصباغ:
بات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متهما في مجلس الشيوخ الأمريكي، وذلك بعد قرار مجلس النواب رسميًا توجيه اتهاما له بإساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونجرس.
وبعد قرار مجلس النواب أمس الأربعاء، من المقرر أن يعقد مجلس الشيوخ محاكمة لترامب للنظر سواء في إدانته أو لا، والأخيرة هي الأقرب حيث يسيطر الجمهوريون على المجلس المكون من 100 عضو.
ويتطلب إدانة ترامب وبالتالي عزله من منصبه تصويت غالبية الثلثين بمجلس الشيوخ على ذلك، ما يعني أنه يجب على الديمقراطيين استمالة 20 عضوا جمهوريًا إلى جانبهم للوصول إلى عزل للرئيس، وهو الأمر الذي لم يحدث طيلة 243 عامًا من عمر الولايات المتحدة.
يعني ذلك أن الرئيس ترامب يحتاج فقط إلى 34 عضوا من بين 53 جمهوريًا بمجلس الشيوخ لإنهاء مساعي العزل من الديمقراطيين.
كانت زعيمة الأغلبية بمجلس النواب، نانسي بيلوسي، هي متقدمة الصفوف في إجراءات مساءلة الرئيس ترامب، ووصلت شعبيتها في تلك المعركة إلى الدرجة التي خلقت مطالبات بترشحها عن الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
لكن بالعودة إلى التاريخ، مع تصدر بيلوسي للحملة ضد الرئيس ترامب ومع وجود أغلبية بمجلس الشيوخ تضمن لترامب عدم العزل، ربما يجدر الحديث عن الثمن الذي قد تدفعه زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب الأمريكي، وربما يدفعه الديمقراطيون جميعا كما حدث مع الجمهوريين خلال محاولتهم عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
درس الماضي
في ديسمبر من عام 1998، صوت مجلس النواب الأمريكي الذي سيطر عليه الجمهوريون آنذاك، لصالح بدء إجراءات تهدف لعزل الرئيس بيل كلينتون بتهمة عرقلة العدالة والشهادة الزور، وذلك بسبب أزمة العلاقة الشهيرة مع المتدربة آنذاك في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.
صمد كلينتون أمام العواصف وانتهى الأمر باستمراره حتى نهاية مدته الرئاسية الثانية، وهو ما يختلف عن ترامب حيث الأخير جاءت إجراءات العزل وهو في فترته الرئاسية الأولى وبالتزامن مع سعيه لضمان فترة ثانية بالبيت الأبيض.
بعد شهرين فقط من قرار مجلس النواب بشأن كلينتون، حسم الديمقراطيون تصويت مجلس الشيوخ الذي منع عزل الرئيس الأمريكي آنذاك.
وبعد حوالي 20 عاماً، تبادل الطرفان الأدوار، فيسعى الديمقراطيون لعزل الرئيس الجمهوري.
في أزمة كلينتون تصدر المحقق المستقل كينيث ستار، المساعي لعزل بيل كلينتون في مجلس النواب، وقاد تقرير أعده إلى بدء الإجراءات نحو عزل الرئيس الديمقراطي.
وتحدث ستار في كتاب له عن سير التحقيقات في قضية كلينتون ولوينسكي، حول أن عمله في تلك القضية دفع ثمنه فيما بعد حينما تم استبعاده من العمل كقاض بالمحكمة العليا بالولايات المتحدة.
في عام 2010، تم تعيينه رئيسًا لجامعة بايلور، قبل فصله بعد ست سنوات وسط مزاعم حوال تجاهله لتقارير حول اعتداءات جنسية داخل الجامعة. واستقال حينها عن عمله كمحقق أيضًا.
"ثمن الخيار النووي"
ربما يجب على الديقمراطيين وتحديدا زعيمتهم نانسي بيلوسي أن يراجعوا أخطاء الجمهوريين في الماضي، وتحديدا في محاولة عزل بيل كلينتون.
حينها ظل كلينتون في منصبه، أما أكبر من وجه الاتهامات ضده في تلك الأزمة فكان زعيم الجمهوريين بمجلس النواب نيوت جينجريتش، وانتهى الأمر بفقدانه لمنصبه بعدما خسر الجمهوريين أغلبيتهم في الانتخابات التي تلت محاولة العزل.
"العزل كالجحيم".. هكذا تحدث كينيث ستار بعد 20 عاما من مساعيه نحو عزل كلينتون، وقال في كتابه " Contempt: A Memoir of the Clinton Investigation" أو "الازدراء: مذكرات حول التحقيق مع كلينتون"، إن الأفضل في الوقت الحالي بدلا من السعي نحو العزل هو توجيه "استهجان" أو "لوم" للرئيس.
وفي حوار نقل أجزاء منه موقع "صوت أمريكا"، قال ترينت لوت عضو الكونجرس الذي صوت لصالح إدانة كلينتون، إنه أعاد التفكير في موقفه، وتابع "لا أعتقد أنه ارتكب أخطاء... لا أعتقد أنه كان هناك حاجة لكل ذلك".
يرى كثير من الجمهوريين الذين كانوا جزءا من محاولة عزل كلينتون أن المساعي الحالية مع ترامب احتمالية إتمامها ضئيلة، لكن بحسب "صوت أمريكا"، سيكون لها توابع كبيرة.
على القادة الديمقراطيين الذين يواجهون ترامب حاليًا توقع التبعات، وتذكر مواقفهم السابقة التي تتشابه بعضها خلال محاولة عزل كلينتون مع تصريحات ترامب حاليًا.
القيادي الديمقراطي جيري نادلر رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب، كان صاحب التصريح الأكثر تشابها مع ترامب، فحينما كان عضوا يافعا في الكونجرس دافع بقوة عن كلينتون في أزمة لوينسكي، وقال نصًا بحسب موقع ""فويس أوف أميركا" إن محاولة عزل كلينتون هي "محاولة انقلاب حزبية".
وطالما ردد الرئيس ترامب تلك الكلمة في تغريداته عن مساعي الديمقراطيين لعزله من منصبه.
في كتابه "العزل: تاريخ أمريكي"، قال المؤرخ جيفري إينجل، إن محاولات العزل "خيار نووي" يجب استخدامه لإيقاف خيانة أو فساد في قمة السلطة.
كانت تكاليف استخدام هذا "الخيار النووي" من جانب متهمي كلينتون، ذات تأثير سلبي قوي على الجمهوريين، وربما يحدث الأمر نفسه مع الديمقراطيين في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية، وسعي ترامب نحو الترشح لفترة ثانية.
فيديو قد يعجبك: