خلاف نفطي طويل الأمد.. قصة "المنطقة المقسومة" بين الكويت والسعودية
كتب – محمد الصباغ:
في سبتمبر من العام الماضي 2018، توجه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الكويت في زيارة رسمية، لكنه غادر بعد نحو ساعتين فقط لتبدأ التساؤلاء حول تلك الزيارة الخاطفة، وما إذا كانت الخلاف قد احتدم حول المناطق النفطية المشتركة بين الدولتين الخليجيتين.
حينها خرجت الخارجية الكويتية لتتحدث سريعًا عن الزيارة "الأخوية" والنتائج الإيجابية التي خرج بها الطرفان، وعبّرت عن أسفها لما " تم تداوله من معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة حول نتائج زيارة ولي العهد السعودي مؤكدة أن تداول مثل هذه المعلومات يعد نهجا يهدف إلى الإساءة للعلاقات الأخوية بين البلدين".
وبحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، وقعت الكويت والسعودية، اليوم الثلاثاء، اتفاقية ملحقة باتفاقية سابقة حول تقسيم المنطقة "المحايدة"، بجانب اتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بينهما ومذكرة تفاهم.
كان ولي العهد السعودي خرج بعد زيارته للكويت خلال العام الماضي وأعلن في حوار مع وكالة "بلومبرج" أن المملكة تسعى للاتفاق مع الكويت بشأن إنتاج النفط في المنطقة المحايدة.
وقال آنذاك: "نعتقد أننا نقترب من تحقيق شيء مع الكويت.. هناك فقط بعض المسائل التي كانت عالقة خلال الـ50 سنة الماضية.. والجانب الكويتي يريد حلها الآن، قبل أن نستمر في الإنتاج في تلك المنطقة".
لكن ما هي تلك المنطقة؟
تبلغ مساحة المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت والتي تُعرف أيضًا باسم "المنطقة المقسومة"، حوالي 5700 كيلومتر مربع، ويبدأ خط تقسيمها من شمال مدينة الخفجي ويستمر بشكل مُستقيم باتجاه الغرب.
بدأت مشكلة المنطقة المحايدة في عام 1922، حينما سعت كل من السعودية والكويت إلى الحصول على أحقية تبعية المنطقة الحدودية، والتي تمتد على طول المنطقة الصحراوية في الخليج، إلا أن الوضع بقى عالقاً لسنوات طويلة.
ثم عقدت الدولتان محادثات انتهت بالتوصل إلى ما يُعرف باسم "معاهدة العقير".
وخلال تأسيس سلطنة نجد التي حكمها السلطان عبدالعزيز بن فيصل آل سعود، والتي تحولت فيما بعد إلى مملكة الحجاز ونجد، وهي البذرة الأولى للدولة السعودية، اجتمع السلطان مع صبيح بك وزير المواصلات والأشغال ممثلا عن الملك فيصل الأول ملك مملكة العراق وجون مور الوكيل السياسي البريطاني في الكويت ممثلا عن الكويت في العقير، من أجل ترسيم حدود سلطنة نجد الشمالية مع مملكة العراق والكويت.
توسط السير بيرسي كوكس، ضابط وإداري ودبلوماسي بريطاني بالعراق، بين الأطراف الثلاثة وأجروا نقاشًا من أجل ترسيم حدود نجد مع العراق، واستمر النقاش خمسة أيام سيطرت عليه خلافات وتشدد المعنيين بالأمر، حتى توصلوا في اليوم السادس من اللقاءات إلى ترسيم منطقتين محايدتين الأولى بين الكويت والسعودية والثانية بين العراق والسعودية، إلا أنهم لم يقوموا بترسيم الحدود الخاصة بالمنطقتين.
بقى الوضع كما هو عليه، حتى عام 1965، عندما جرى الاتفاق بين السعودية والكويت على تقسيم المنطقة المحايدة بتوقيع الشيخ جابر الأحمد الصباح، حاكم الكويت الحالي ووزير المالية والصناعة والتجارة وقتذاك، وأحمد زكي يماني، وزير البترول والثروة المعدنية السعودي السابق.
ونصّ اتفاق 1965 على تقسيم المنطقة إلى قسمين أحدهما شمالي يضم الكويت، والآخر جنوبي ينضم إلى السعودية، على أن يكون لكل دولة سلطة الإدارة والقضاء والدفاع في المنطقة التي تضمها.
وحسب الاتفاق، فإن المنطقة المُقسمة تشمل الأرض والشواطئ والمياه المحاذية لها، من دون المناطق البحرية البعيدة عنها.
علاوة على ذلك، ينص الاتفاق أن الدولتين لهما حقوق متساوية من الثروات الطبيعية في المنطقة المحايدة، بما في ذلك المنطقة البحرية، إلى مسافة ستة أميال بحرية من الشاطئ.
أساس الخلاف كان حول الحقوق التشغيلية، وظل الخلاف طي الكتمان حتى زيارة ولي العهد السعودي القصيرة وحواره عن الأزمة مع وكالة بلومبرج.
وفي عام 2007 أدى نزاع بين الكويت والسعودية إلى تأخير خطط الكويت لبناء مصفاة نفطية رابعة هي مصفاة الزور.
وجاء إغلاق حقل الخفجي المشترك في عام 2014 لأسباب قيل في حينها إنها تتعلق بالامتثال للوائح البيئية، لكن خرجت تقارير حول خلاف بسبب التغشيل أيضًا.
فيديو قد يعجبك: