ينذر بكارثة بيئية ولا يشبه قناة السويس.. مشروع لأردوغان يثير أزمة
كتب – محمد عطايا:
"سواء أرادوها أم لا.. سنحفر القناة"، بنبرة التحدي تلك، يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على البدء في شق قناة إسطنبول، التي وصفها بـ"مشروعه المجنون"، غير مباليًا بالأصوات المعارضة.
أعلن أردوغان، في 2011، رسميًا، عندما كان رئيسًا للوزراء حينها، عن مشروع القناة لربط البحر الأسود ببحر مرمرة.
يرى أردوغان أن القناة ستحد من الضغط على مضيق البوسفور، وستحول دون وقوع الحوادث فيه. وستشق من الجانب الأوروبي الحالي من إسطنبول، لتشكل جزيرة بين قارتي آسيا وأوروبا.
تبلغ تكلفة المشروع 15 مليار دولار أمريكي، وذلك وفقًا لما ذكرته بيانات وزارة النقل والبنية التحتية التركية. ومن المخطط أن ينتهي من أعمال حفر المشروع بحلول عام 2023.
في 2018، عاد الحديث مرة أخرى عن شق قناة إسطنبول، إلا أن الأمر قوبل بمعارضة كبيرة من الشارع التركي، خاصة في قرية سازلبوسنا القريبة من مدينة إسطنبول، والمهددة بدمار بيئتها الطبيعية.
حتى عندما حاول سكان القرية حضور اجتماع عام عن خطة الحكومة لحفر القناة عبر أراضيهم الزراعية منعتهم الشرطة.
وبحسب إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، شكك منتقدون بينهم اتحاد الغرف التركية للمهندسين والمهندسين المعماريين في تركيا في الحاجة لحفر القناة.
وحذروا من أن المشروع سيدمر موقعًا أثريًا قريبًا من إسطنبول يعود تاريخه إلى 8500 عام، وسيتسبب في ضرر بيئي واسع النطاق.
وفي يناير 2018 أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بأن القناة لن تخضع لاتفافية مونترو، ما جعل البعض يظن أن هدف القناة هو الالتفاف حول اتفاقية مونترو، والتي تحد من عدد وأطنان السفن من القوى غير المطلة على البحر الأسود التي يمكنها الدخول عبر البوسفور.
جدل في إسطنبول
أثار مشروع أردوغان، جدلًا واسعًا في إسطنبول، بين الساسة والشارع، بعدما انتقد خبراء وقادة أحزاب سياسية في تركيا، المشروع كونه "لا يعود بالنفع على البلاد"، فضلا عن أنه قد يسبب كوارث بيئية بسبب قربه من منطقة نشطة بالزلازل، بحسب خبراء في الجيولوجيا.
وهاجم رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو المشروع، واستعرض في مؤتمر صحفي الأربعاء تفاصيل الاعتراضات الفنية الكثيرة على المشروع باهظ التكلف والذي سيشق اسطنبول، وفقا لوكالة "بلومبرج" للأنباء.
وقال إمام أوغلو إن مشروع القناة التي ستمتد لـ45 كيلومترا، من شأنه أن "يأتي على" موارد المياه في إسطنبول التي يسكنها 16 مليون شخص، ويدمر الطبيعة بصورة لا يمكن إصلاحها لاحقًا.
وأضاف أن "أي مشروع لا يأبه بسكان إسطنبول لا يمكن أن يحقق المرجو منه".
يقول المعارضون إنه لا يمكن إجبار السفن التجارية على اتخاذ الطريق البديل بعدما يتم بناؤه بتكلفة باهظة يتحملها دافعو الضرائب والطبيعة.
فيما رد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في تركيا، إبراهيم كالن، على تصريحات أوغلو، بأن المشروع هو مشروع الدولة وليس بلدية إسطنبول، وإنه سينفذ مثلما تم تنفيذ مطار إسطنبول الثالث.
واعتبر كالن أن المشروع سيحقق المنفعة لمدينة إسطنبول.
ومع إصرار أردوغان على تنفيذ "مشروعه المجنون"، في ظل تنامي الرفض لتنفيذه، أطلق عدد من الساسة والصحفيين والخبراء دعوات لإجراء استفتاء على تنفيذ المشروع ودعم أكرم أوغلو ذلك.
"الشيخة موزا"
يبدو أن الشيخة موزا، والدة أمير قطر، تسببت في أزمة داخل تركيا، بعد إعلان نيتها شراء أرض بمحاذاة المشروع.
وأثارت التقارير الإعلامية التي انتشرت بهذا الصدد، ضجة كبيرة في تركيا، لما اعتبروه أمرًا غير مقبولًا شراء والدة حاكمة دولة أجنبية أرض تطل على مشروع قومي.
وقال أردوغان وفقًا لما نقلته وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية: "سمعت أقاويل عن شراء والدة أمير قطر لأرض (في تركيا)، لذا وجب توجيه السؤال للذين يصدحون بتلك الأقاويل؛ هل أخذوا (الجانب القطري) أي دعم من الدولة لشراء هكذا أرض؟ وهل هناك أي مانع قانوني لشراء والدة أمير قطر أصولا ثابتة في تركيا؟".
وتابع قائلا: "كان أمير قطر قد اشترى بالفعل أراض (في تركيا)، وأيضا كان ملك السعودية قد اشترى قطعة أرض كبيرة في عهد الرئيس الراحل تورغوت أوزال. لو جاء من يدعى جورج أو هانس مثلا، وقام بنفس الأمر، لما كنا رأينا أصوات تخرج تنتقد ذلك، فلماذا ينزعجون عندما تقوم والدة أمير قطر بذلك؟".
هل تنافس قناة السويس؟
انتشرت تقارير تدعي أن قناة إسطنبول، قد تنافس قناة السويس في مصر، وبنما، وأن الرئيس التركي يسعى لمنافسة مصر ودول المنطقة.
وذكر رئيس بلدية إسطنبول، في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم، إشارة البعض إلى تقارير تفيد أن أردوغان يسعى لأنشاء قناة على غرار قناة السويس وبنما.
وقال "إن المقارنة بين المشروع وقناتي السويس وبنما لا معنى له، كون قناة اسطنبول لا تختصر الوقت الذي تقطعه السفن".
تربط قناة السويس بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، بينما قناة إسطنبول تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، أي أن كل قناة منهما تخدم طريقا مغايرا لما تخدمه الأخرى، وبالتالي لا مجال للتنافس بينهما
فيديو قد يعجبك: