فراغ سلطة ومخاوف من انقلاب.. مخاطر استقالة الرئيس العراقي
كتب – محمد عطايا:
فشل العراق في تحديد الكتلة الأكبر في البرلمان، وذلك لاختيار رئيس الوزراء المقبل، ليعلن الرئيس برهم صالح عزمه تقديم استقالته إلى البرلمان، وربما تنذر الأمور بالاتجاه نحو مرحلة من الفراغ الدستوري في البلاد.
قدم صالح اعتذاره عن تكليف مرشح كتلة البناء أسعد العيداني لرئاسة الحكومة المقبلة، مؤكدًا "المصلحة تستوجب تهدئة الأوضاع والاستجابة لإرادة الشعب العراقي هو مصدر شرعية السلطات جميعًا".
قبول استقالة الرئيس العراقي، قد يجعل البلاد تشهد أكبر حالة من الفراغ السياسي، لغياب المناصب القيادية، وعجز الكتل السياسية هناك عن الالتفاف حول مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة بعد استقالة عادل عبد المهدي، على وقع التظاهرات، واكتفائه بتسيير أعمال الحكومة الحالية.
تنص المادة 75 من الدستور العراقي على أن رئيس الجمهورية يقدم استقالته تحريرًا إلى رئيس مجلس النواب، وتعد تلك الاستقالة نافذة بعد مضي 7 أيم من تاريخ إيداعها.
وتنص المادة الثانية من الدستور، أن يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه أو خلو منصبه، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس آخر خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من الخلو.
وإذا لم يتوافر منصب نائب الرئيس، فيحل رئيس مجلس النواب محل رئيس الجمهورية في حالة، على أن ينتخب الجديد خلال 30 يومًا.
بداية الأزمة
تعود بداية الأزمة إلى الطريقة التي تم تكليف عبد المهدي بتشكيل الحكومة الجديدة، العام الماضي، حيث لم تحدد الكتل النيابية، ما هي الأكبر بعد الانتخابات مباشرة، ولكن الترشيح جاء بعد التفاهم بين كتلتي سائرون بزعامة مقتدى الصدر، والبناء برئاسة هادي العامري.
بعد اندلاع التظاهرات في العراق، وإجبار رئيس الوزراء الحالي على تقديم استقالته للاستجابة لمطالب المحتجين، أصبح منصب رئيس الوزراء فارغًا.
وينص الدستور العراقي على تكليف رئيس جديد للحكومة على أن يكلف رئيس الجمهورية، مرشح "الكتلة النيابية الأكثر عددًا"، بتشكيل مجلس الوزراء.
ومن هنا بدأت الأزمة، فالخلاف الحالي يحتد بين تحالف "البناء"، و"سائرون" لتحديد أيهما هو "الكتلة النيابية الأكبر" التي يحق لها تقديم مرشح لتشكيل الحكومة.
يقول تحالف "سائرون" إنه يشكل الكتلة الكبرى باعتباره تصدر الانتخابات عام 2018 بحصوله على 54 مقعدًا من أصل 329، لكن تحالف "البناء" الذي تشكل بعد الانتخابات من قوى سياسية عدة أبرزها ائتلاف "الفتح" بزعامة هادي العامري، وائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي إلى جانب قوى سياسية تمثل فصائل الحشد الشعبي، يقول إنه الكتلة الأكبر على اعتبار أن مجموع مقاعده يبلغ نحو 150، وقررت ترشيح أسعد العيداني لرئاسة الحكومة المقبلة.
ولحل الخلاف، لجأ صالح، للمحكمة الاتحادية، مرسلًا كتابا يطلب تحديد اسم "الكتلة الأكبر"، تمهيدا لتكليف مرشحها بتشكيل الحكومة المقبلة، لكن رد المحكمة الاتحادية على طلب صالح يبدو أنه زاد من تعقيد الأمور إذ تضمن تأكيدًا لقرارها الصادر عام 2010 بأن الكتلة النيابية الأكبر ليس شرطًا أن تكون القائمة أو التحالف الانتخابي الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات.
التوافق بين الكتلتين في العام الماضي، أصبح من دروب الخيال في الوقت الحالي، نظرًا لأن الصدر يتهم الأحزاب المشاركة في البناء بالانتماء لإيران، وتنفيذ أجندات شيعية حزبية على أرض العراق.
بينما يتمسك النباء بأنهم الكتلة الأكبر، ومن ثم يحق لهم تقديم المرشح لرئاسة الحكومة.
مخاوف من انقلاب
تباينت ردود الفعل العراقية بعد إعلان الرئيس عزمه تقديم استقالته، فظهر تحالف سائرون مؤيدًا لتلك الخطوة على اعتبار أنها نابعة من واجب وطني.
وقال التحالف في بيان اليوم، بعد الاستقالة "نرحب بتلك الخطوة، لأن الرئيس رفض الرضوخ للأحزاب الموالية لإيران".
وأكد تحالف سائرون، أنه برغم دعمه لخطوة الرئيس، إلا أنه يتمسك ببرهم صالح، وسيثنيه على الاستقالة.
في المقابل، رأى تحالف البناء، بعد اجتماع مع قادة أحزابه، ضم العامري، والمالكي، أنه سيطلب من البرلمان العراقي محاسبة الرئيس لمخالفته الدستور.
وأصر في بيان اليوم، أنه يصر على تقديم مرشح لرئاسة الحكومة كونه الكتلة الأكبر، لافتًا إلى أن صالح خالف الدستور عندما رفض تكليف مرشح الكتلة الأكبر.
في هذا الصدد، أكد المحلل السياسي العراقي، عبد الكريم الوزان، أن استقالته صالح مطروحة أمام البرلمان، وهي غير نافذة حتى اللحظة.
وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي"، أن العراق يمر بالفعل بحالة فراغ سياسي ودستوري، وهي بدورها تؤثر على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية من خلال تصارع الميليشيات والقوى والأحزاب.
وعبر عن مخاوفه من سيناوريهات لا تصب في مصلحة الشعب العراقي، مؤكدًا "ربما تحدث سيناريوهات انقلاب عسكري موالي لإيران أو أمريكا".
وأكد الوزان، أنه حال استمر ذلك الفراغ السياسي لفترة كبيرة، فلن تمنح إيران الفرصة لأمريكا لتنفيذ أجندتها، بتنفيذ حكومة إنقاذ وطني، وستحاول طهران "القيبام بعملية انقلاب عسكري من الموالين لها لاختطاف السلطة"، ما سيزيد من نزيف الدماء.
وقال المحلل السياسي العراقي "لا جدوى إلا بتدخل دولي بمنأى عن إيران يعيد السلطة إلى البلاد، سواء تحت حكومة انقاذ وطني أو أي سيناريو آخر".
فيديو قد يعجبك: