نانسي بيلوسي.. محاربة قد تُعجل بنهاية ترامب
كتبت- هدى الشيمي:
تمامًامثل صياد ماهر؛ يتأنى ويتحلى بالصبر حتى يتأكد أن فريسته لا تتخذ حذرًا ثم يشن الهجوم، تعاملت السياسية الديمقراطية نانسي بيلوسي، زعيمة مجلس النواب الأمريكي، مع الرئيس دونالد ترامب، لتعلن أمس الخميس دخول إجراءات مساءلته مرحلة جديدة وأكثر حساسية.
في بداية الأمر، التزمت بيلوسي الصمت وتعاملت بهدوء مع دعوات الديمقراطيين في مجلس النواب لعزل ترامب، خاصة العضوات الشابات اللائي حصلن على المقاعد عقب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2018، ما أثار استياء بعض أعضاء الحزب، وكان من بينهن رشيدة طُليب -أول أمريكية مسلمة من أصل فلسطيني تحصل على عضوية الكونجرس- التي استخدمت كلمات بذيئة في الضغط من أجل عزل ترامب، فقللت بيلوسي من أهمية الحادث، واعتبرت أنه "ليس أسوأ مما قاله الرئيس".
تغير موقف بيلوسي شيئاً فشيء مع ظهور أدلة تدين ترامب، وإدلاء موظفين سابقين في إدارته وأشخاص مقربين منه بشهادات تفيد بأنه استغل منصبه واساء استخدام نفوذه لتحقيق مصالحه الشخصية، حتى أعلنت، أمس،وصول إجراءات الرامية إلى عزل الرئيس الجمهوري إلى مرحلة مُتقدمة، وطالبت رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب المُضي قدمًا في صياغة لوائح الاتهام، مؤكدة أن تصرفاته فيما يتعلق المساعدة العسكرية لأوكرانيا إذا لم تبدأ تحقيقًا رسميًا من شأنه الإساءة لمنافسه المُحتمل في الانتخابات جو بايدن كانت بمثابة تحد لـ"رؤية مؤسسي البلاد" وللقسم الذي أداه عندما تولى المنصب.
ترى السياسية المُخضرمة أن ترامب يضع الديمقراطية الأمريكية على شفا حفرة، ووجدت أنه لا يترك أمام المسؤولين أي خيارًا آخر سوى التحرك كي لا يُفسد الانتخابات "مُجددًا" لمصحلته الشخصية.
"زي المحارب"
تشغل بيلوسي المرتبة الثالثة في هرم السلطة في الولايات المتحدة،78 عامًا، وهي سياسية ديمقراطية مُخضرمة كانت رئيس الأقلية في مجلس النواب منذ عام 2007 إلى 2011. وهي أول امرأة من كاليفورنيا لها أصول إيطالية تتولى منصب زعيم الأغلبية في مجلس النواب.
كانت السياسية الديمقراطية الصوت المعارض لحرب العراق أثناء حكم الرئيس السابق جورج بوش، قبل أن تصوت لصالح تمويل الحرب بعد بدء العمليات ودخول القوات الأمريكية إلى الأراضي العراقية. وأكدت أنه لا يوجد أي طريقة لإنهاء الأزمة مع إيران سوى الحلول الدبلوماسية والمفاوضات، وكذلك تشدد على أن العلاقة بين إسرائيل وأمريكا لا يمكن التأثير عليها أبدًا، وهي مستمرة في الحرب والسلام.
تتبع بيلوسي استراتيجية خاصة في التعامل مع خصومها السياسيين، وقالت في حوارها مع شبكة سي إن إن، إنها "ترتدي زي المحارب، وتعرف كيف تسدد اللكمات إذا لزم الأمر".
وتابعت: "أعرف لماذا أقوم بوظيفتي بهذه الطريقة، فأنا أفعل ذلك حتى أؤكد لكل النساء أنهن قادرات على القيام بأي شيء، وأنهن لا يجب أن يتسامحن في حقوقهن، ولا يدعن أي شخص ينحيهن جانبًا، فلا يجب أن ننسحب من أي قتال".
"لا تعبث معي"
تتحلى بيلوسي بالحزم والصرامة لاسيما إذا كان الأمر مُتعلق بمسألة خاصة بالقيم التي قامت عليها الولايات المتحدة، ووقف بالمرصاد لقرارات ترامب، وحاولت احتواء الغضب إزاء آرائه وقراراته الخاصة بالمواقف الحساسة، لذلك قالت عنها وسائل الإعلام الأمريكية إنها" الشخص الوحيد القادر على التحكم في دفة النقاش أثناء وجود ترامب" وهو ما تجلى في المناقشة التي جمعتها بالرئيس الجمهوري وتشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، يناير الماضي.
بدأت مواجهة ترامب وبيلوسي مباشرة بعد توليها رئاسة مجلس النواب، ولم يستطيع الاثنان الاتفاق بشأن مجموعة من القضايا الحساسة، مثل التخفيضات الضريبية وبناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك.
قالت واشنطن بوست، في تقرير نشرته يناير الماضي، إنه عندما أصرّ ترامب على أن الجدار الحدودي هو الوسيلة الوحيدة لنشر الأمن ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، ردت عليه بيلوسي بطريقة منطقية وبحجج مُقنعة، وهذا ما لم يعتاد ترامب على سماعه من مساعديه، وأخبرته أن الأمر لن يكون بهذه السهولة، فمن الضروري عقد جلسات واجتماعات مطولة عن كيف يمكن بنائه وما هي الميزانية التي يحتاجها، والتأكد من أنه سيكون فعالاً، مؤكدة أن أي شيء يتعلق بأمن وحماية الولايات المتحدة يجب دراسته جيدًا.
ومع ذلك، قالت بيلوسي، أثناء مؤتمر صحفي حول مساءلة الرئيس ترامب، أمس الخميس إنها لا تكره ترامب، وتدعو له دائماً. وأضافت: "لا أكره أحدا. ربوني في عائلة كاثوليكية، ونحن لا نكره أحدا في العالم. وبالتالي لا تتهموني".
"فعلت ما لم يفعله أحد"
قالت شبكة سي إن إن الأمريكية، في مقال رأي نُشر اليوم الجمعة، إن بيلوسي تمكنت من فعل ما لم يستطع أي سياسي آخر في واشنطن القيام به، من خلال استخدام كل صلاحياتها، وتكوين رؤية واضحة وجمع الأدلة استطاعت بث الخوف في نفس سيد البيت الأبيض والعاملين معه، وربما تكون صاحبة الدور الأكبر في كتابة اسم ترامب في التاريخ الأمريكي كـثالث رئيس تتم محاسبته في الكونجرس، بعد الرئيسين السابقين أندرو جونسون وبيل كلينتون.
وحسب مقال الرأي، فإن تولي بيلوسي رئاسة مجلس النواب قلب الموازين، خاصة وأن الديمقراطيين عانوا في أول عامين من رئاسة ترامب من مواجهته والتصدي لمشاكله والتعامل مع بعض قراراته الأحادية.
فيديو قد يعجبك: