هل يستطيع ترامب الانسحاب من سوريا دون خسائر؟
كتبت – إيمان محمود:
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب القوات الأمريكية من سوريا تدافعًا بين القوى الدولية والقوات المحلية لمعرفة كيفية ملء الفراغ المُزعزع للاستقرار الذي سيتركه الأمريكيون وراءهم.
وترى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه لا يوجد ترتيب واضح من شأنه أن يلبّي الأجندات المُتنافسة لجميع الأطراف المعنية، وأنه من غير المُحتمل ظهور أي منها قريبًا.
وأكدت الصحيفة أن تركيا، وروسيا، وحلفاء الأكراد في سوريا، والحكومة السورية، جميعهم لديهم مصلحة استراتيجية في أي ترتيب لمستقبل شمال سوريا، لكن معظم مطالبهم متعارضة تمامًا، ولا يتحدثون مع بعضهم البعض ما يزيد من عرقلة الوصول إلى حل.
وتعتبر تركيا المقاتلين الأكراد في سوريا قوة إرهابية وتريد إنشاء منطقة عازلة، ولذلك تحاول تركيا إبعادهم عن حدودها، فيما يخشى الأكراد –حلفاء الولايات المتحدة- العُنف الذي يمكن أن يتعرضوا له على أيدي أنقرة بعد الانسحاب الأمريكي.
أما إدارة ترامب؛ فتريد إرضاء كلا الجانبين، "الوفاء بوعودها المتناقضة لحماية حلفائها الأكراد وإعطاء تركيا حصة في المنطقة"، بحسب الصحيفة.
ويفضّل الأكراد عودة سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد، على المنطقة التي يسيطرون عليها، لكن إدارة ترامب تعترض على ذلك من أجل الحدّ من نفوذ إيران –الحليف الاستراتيجي الاول للأسد- في الأراضي السورية.
ونقلت الصحيفة عن آرون ستاين، مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا ، قوله إن المواقف المختلفة "لا يمكن التوفيق بينها لأنها قضايا ضخمة. وإن الولايات المتحدة ترمي كثيراً في هذا الأمر ، لكنها لا يمكن التوفيق بينها".
لم يعلن البنتاجون حتى الآن موعدًا لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، لكن الصحيفة أشارت إلى أن مسألة كيف ومتى تتعلق بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، المُنحصر وجودة في قرية واحدة بصحراء سوريا الجنوبية الشرقية.
وبعد الإعلان في البداية عن سحب القوات الأمريكية من العراق في ديسمبر ، قال ترامب إنها ستبقى حتى يتم تحرير آخر جيب من أراضي داعش، وقد يأتي ذلك في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، حسبما قال يوم الأربعاء.
فيما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الجمعة الماضي، أن الجيش الأمريكى يتطلع إلى الموعد النهائى لشهر أبريل من أجل مغادرة القوات.
وأكدت الصحيفة أن الانسحاب دون اتفاق يمكن أن يغرق المنطقة في الفوضى، وربما الصراع مع القوى المتنافسة في تراكم مطالباتهم. إذ تهدد تركيا بغزو المنطقة إذا لم يتم تلبية مطالبها، فيما نشرت الحكومة السورية قوات في جنوب المنطقة، وفي الوقت ذاته؛ يحاول داعش استعادة بناء صفوفه في المناطق التي طُرد منها.
ولتجنب مثل هذه النتيجة ، تجري حاليًا محادثات دبلوماسية مكثفة بين الولايات المتحدة وتركيا، بهدف تحقيق وعد ترامب لأردوغان.
وقال نيهات علي أوزكان المحلل العسكري في مؤسسة تيباف الفكرية في أنقرة: "تريد الولايات المتحدة منطقة آمنة لحماية الأكراد من الجيش التركي، وبالنسبة لتركيا، فعلى العكس تمامًا"مضيفًا "كيف يمكن لدولتين التعاون عندما تكون أهدافها متعارضة إلى حد كبير؟"
ومن ناحية أخرى؛ تبحث واشنطن أيضا إمكانية الحفاظ على السيطرة الأمريكية الشاملة بدون وجود قوات أمريكية على الأرض، حسبما نقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين.
وأشاروا إلى أنه في ظل هذا السيناريو، ستبقى وحدات صغيرة من القوات البريطانية والفرنسية، التي تعمل بالفعل إلى جانب الأمريكيين في المنطقة مع قوات الدفاع الذاتي وربما مع متعاقدين عسكريين أمريكيين ومراقبين دوليين، بينما توفر الولايات المتحدة غطاءً جويًا.
وقالت الصحيفة إن الأكراد يفضلون هذا الحلّ، على الرغم من أنهم لم يصرحوا سوى بأنهم يريدون سيطرة القوات الحكومية السورية على المناطق التي حرروها من داعش، بدلاً من أي ترتيب يعطي دوراً لتركيا.
وأضافت أنه من غير الواضح ما إذا كانت دمشق مستعدة لتقديم نوع من التنازلات التي يسعى الأكراد إليها لضمان الحكم الذاتي الذي حصلوا عليه مؤخرًا بدعم من القوات الأمريكية.
وفي يناير ، طلب الأكراد من روسيا التوسط بينهم وبين الحكومة السورية، فلدى الأكراد مطالب تتضمن السماح لهم بالحفاظ على سيطرتهم على الحكومة المحلية وقوات الأمن.
وقام وفد من المجلس السوري الديمقراطي ، وهو تحالف يضم أكراد وعرب محليين ، بزيارة إلى دمشق لتقديم تلك المطالب، لكن لم يكن هناك أي رد ، سواء من السوريين أو الروس ، حسب صالح مسلم، المسؤول الكبير في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وقال مسلم : "الأمر معقد للغاية.. الجميع ينتظر رؤية الخطوات التي سيتخذها الطرف الآخر. ونحن في انتظار الجميع"، بحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية.
فيديو قد يعجبك: