قمة وارسو.. إيران و"صفقة القرن" وعلاقات أكثر دفئًا مع إسرائيل
كتب – محمد الصباغ:
ترتكز قمة العاصمة البولندية وارسو من أجل السلام في الشرق الأوسط على قضيتين أساسيتين هما التدخلات الإيرانية في دول بالشرق الأوسط، بجانب القضية الفلسطينية ومناقشة صفقة القرن التي تروج لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقيادة مستشاره وزوج ابنته جاريد كوشنر ومبعوث واشنطن إلى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات.
ومن أبرز الحاضرين في القمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصل الأربعاء إلى العاصمة البولندية، ولم يُضع وقتًا حيث التقى بوزير الخارجية العُماني واحتفى بعقد لقاءات علنية مع وزراء عرب آخرين خلال القمة.
كما أعلن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، تواجد المملكة في القمة من أجل مواجهة التهديدات الإيرانية للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لكنه لم يأت على ذكر القضية الفلسطينية.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد، الثلاثاء، للرئيس الفلسطيني محمود عباس دعمه لدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مؤكدًا على ثبات الموقف السعودي نحو القضية الفلسطينية.
لكن في وارسو توجد أزمتان كبيرتان للنقاش هما ما يوصف بالتهديدات الإيرانية بجانب مناقشة خطة السلام الأمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
في الأزمة الأولى هناك إجماع من الدول الحاضرة وعددها حوالي 70 دولة على ما يمثله النظام الإيراني من تهديدات للمنطقة، بالتالي هناك هجوم على طرف غير حاضر بالأساس. وفي المسألة الثانية أيضًا، يوجد طرف واحد ممثل في القمة وهو الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنت الرئاسة الفلسطينية مقاطعة المؤتمر ورفضه لوساطات الولايات المتحدة في أي عملية سلام لانحيازها لجانب تل أبيب.
ومن جانب إيران، فقد تهكم وزير خارجيتها جواد ظريف على القمة، وكتب في تغريدة على تويتر أن على من يستضيفون المؤتمر المناهض لإيران والمشاركين فيه أن يتذكروا "أن الذين حضروا العرض الأمريكي السابق المناهض لإيران إما ماتوا أو أصبحوا موصومين أو مهمشين. وإيران أقوى من أي وقت مضى".
من يشارك؟
وقالت وسائل إعلامية مختلفة على رأسها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن مصادر بولندية أكدت حضور وفود لحكومات عربية برئاسة وزراء، وتشمل السعودية واليمن والأردن والكويت والبحرين والمغرب وعُمان والإمارات. في حين أشارت إلى أن مصر وتونس من المتوقع أن يكون وفديهما برئاسة مندوبين للوزراء.
وأعلن وزير الخارجية البولندي ياتسيك تشابوتوفيتش أنه تم توجيه الدعوة لأكثر من 70 دولة لحضور المؤتمر من بينها كل دول الاتحاد الأوروبي.
فيما صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن 60 دولة وأكثر من 30 وزير خارجية من كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، سيكونون على رأس الحضور في قمة وارسو.
ووصف ما يحدث بأنه "تحالف عالمي تم بناؤه لتحقيق المهمة المتمثلة في تقليل المخاطر التي انبثقت من الشرق الأوسط لفترة طويلة جدا".
إيران
وقف مسئول أمريكي بارز أمام عشرات من المتظاهرين الإيرانيين في العاصمة وارسو على هامش المؤتمر، وهتف بأنه لن يوجد سلام في الشرق الأوسط طالما ظل النظام القائم في إيران كما هو.
المتظاهرون كان أغلبهم من المعارضة الإيرانية بالخارج وبالأساس تابعين لحركة مجاهدي خلق، وكان المسئول الأمريكي هو رودي جولياني مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأمام الإيرانيين الذين رفع بعضهم صورا لرضا بهلوي ابن آخر شاه لإيران الذي أسقطته الثورة الإسلامية عام 1979، قال جولياني إنه يحلم بـ"الاحتفال بإيران حرة يوما ما في طهران من دون الملالي".
أشار راديو مونت كارلو الفرنسي إلى أن الحشد ضد إيران هو الهدف الرئيسي للمؤتمر في وارسو، لكن مع تراجع عدد المشاركين وعلى رأسهم روسيا والصين، اتجهت إدارة ترامب إلى الحديث عن ضرورة تناول مشاكل الشرق الأوسط عموما.
لكن بحسب الإذاعة البارزة لا يبدو أن هذا التغيير أدى لتغيير مواقف المتغيبين، حيث لم تشارك موسكو، واقتصر تمثيل العديد من الدول الأوروبية على السفراء، كما أعلنت مسئولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني عن عدم مشاركتها، مبررة الأمر بالتزامها بارتباطات سابقة.
وفي نفس توقيت القمة، تستضيف روسيا الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومن المقرر أن يلتقي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان لمناقشة الأوضاع في سوريا.
من جانبها قالت زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارج مريم رجوي، إن العقوبات الدولية على النظام الإيراني ليست كافية، وطالبت المجتمع الدولي بموقف أكثر حزما وصرامة ضد طهران.
وأضافت أمام متظاهرين بالعاصمة البولندية: "نكرر مرة أخرى .. يجب ألا يبقى لدى الملالي رصاصة واحدة ولا دولار واحد ولا برميل نفط واحد".
واحتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بفكرة عقد اجتماعات علنية مع مسئولين عرب لمناقشة القضية الأبرز التي تجمعهم حاليًا وهي مواجهة التوغل الإيراني في المنطقة.
تقارب عربي علني مع إسرائيل
في الواقع تلك الاجتماعات الدبلوماسية هي ربما الأولى والأكبر من نوعها التي تجمع إسرائيل بدول عربية لا تجمعها بها علاقات رسمية، وذلك منذ قمة مدريد في بداية التسعينيات.
وقال نتنياهو لدى وصوله إلى وارسو: "آتي للتو من لقاء ممتاز عقدته مع وزير الخارجية العماني. بحثنا خطوات أخرى نستطيع أن نتخذها سوية مع دول في المنطقة من أجل دفع المصالح المشتركة قدما. ستكون لذلك تتمة".
وتابع في سلسلة تغريدات: "أذهبُ من هنا إلى لقاء ضد إيران يحضره 60 وزيرًا للخارجية وممثلا من دول العالم. المهم هو عقد اللقاء وهذا هو لقاء علني وليس سريا لأن هناك لقاءات سرية كثيرة. هذا هو لقاء علني مع ممثلين عن دول عربية بارزة تجلس مع إسرائيل من أجل دفع المصلحة المشتركة قدما وهي عبارة عن محاربة إيران".
واختتم بالقول: "ما نقوم به هو إبعاد إيران عن سوريا. نحن ملتزمون بالقيام بذلك وسنواصل القيام بذلك. الطقس في وارسو بارد حالياً ولكن العلاقات الخارجية الإسرائيلية تشهد دفئا كبيرًا".
ونشرت وسائل إعلام عبرية مقطع فيديو لوزير خارجية البحرين يوسف بن علوي وهو يسير عبر مرآب للسيارات، قبل لقاءه مع رئيس وزراء دولة الاحتلال.
وصرح نتنياهو خلال اللقاء الثاني بين الجانبين منذ زيارة سلطنة عُمان في أكتوبر الماضي، بأن قرار السلطات قابوس "الشجاع" بدعوته إلى السلطنة سوف "يحدث تغييرا في العالم".
اعتبرت السلطة الفلسطينية أن قمة وارسو ومناقشة أمور متعلقة بخطة ترامب من أجل القضية الفلسطينية هو محاولة لتصفية القضية بالأساس، واعتبرت أنه موقفه الانحيازي اتضح منذ اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
وكتب أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر، معلقًا على المؤتمر: "ينعقد اليوم مؤتمر وارسو بقيادة أمريكا. الهدف المعلن عزل إيران وتوليد المزيد من الضغوط الدولية عليها, أما الهدف الحقيقي فهو دفع التقارب العربي الإسرائيلي والتمهيد لصفقة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية. توقعت من قبل فشل المؤتمر, غير أن القضية الفلسطينية تواجه تحديات عاتية غير مسبوقة".
كانت صحيفة الشرق الأوسط السعودية قد نقلت عن مسئول أمريكي قوله إن جاريد كوشنر المسئول عن صفقة القرن، يزور وارسو ضمن الوفد الأمريكي من أجل الحشد لدعم خطة ترامب من أجل السلام بالمنطقة.
ومن المتوقع أن تعلن الخطة بشكل واضح عقب الانتخابات الإسرائيلية في أبريل المقبل، وأشار المسئول الذي وصفته الصحيفة بالكبير إلى أن كوشنر سيعرض على وزراء الخارجية المشاركين في القمة آخر ما توصل إليه حول "صفقة القرن".
أما الكاتبة السعودية أمل الهزاني فكان لها رأي آخر، فكتبت بالصحيفة السعودية أن "الذين يبشرون بتطبيع عربي إسرائيلي في المؤتمر، فهم يحاولون النيل منه نصرة لإيران وحلفائها".
وتابعت القول: "المعروف أن قاعات المؤتمرات واللقاءات لا تخلق بذاتها تطبيعاً، وفي شهر سبتمبر من كل عام تجمعنا مع إسرائيل قاعة الجمعية العمومية في الأمم المتحدة ولم يحصل تطبيع بسبب غرفة".
فيديو قد يعجبك: