ساركوزي والقذافي.. فرنسا تستكمل التحقيقات في "العلاقة المشبوهة"
كتبت – إيمان محمود:
للمرة الأولى؛ زار قضاة التحقيق الفرنسيين العاصمة الليبية؛ طرابلس، مطلع فبراير الجاري، إذ استجوبوا بعض الأطراف الفاعلة في قضية التمويل الليبي لحملة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي عام 2007، وعلى رأسهم رئيس جهاز المخابرات السابق وصهر القذافي، عبد الله السنونسي.
وكشف موقع "ميديا بارت" الاستقصائي الفرنسي، أن القضاة الثلاث قابلوا السنوسي في معتقله بطرابلس بين الرابع والسادس من فبراير الجاري، واستمعوا إلى شهادته بشأن استلام ساركوزي مبلغ 7 مليون يورو لتمويل حملته الانتخابية التي قادته إلى الإليزيه.
واحتجزت الشرطة الفرنسية ساركوزي لاستجوابه، في مارس 2018 في إطار التحقيق في تمويل حملاته الانتخابية في 2007، حيث تجري السلطات الفرنسية تحقيقات في القضية منذ 2013، بيد أن ساركوزي، الذي شغل منصب الرئيس الفرنسي بين عامي 2007 و2012، ينفي تلقيه أي تمويل غير مشروع لحملاته الانتخابية، ويرفض مزاعم التمويل الليبي، واصفا إياها بـ "المثيرة للسخرية".
لكن التحقيق الذي فتحه القضاء الفرنسي منذ 2013، بخصوص تمويل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي لحملة ساركوزي، وبعد استجواب الأخير عدة مرات، توصل إلى اتهامه سنة 2018 رسميًا بـ“الفساد السلبي“ و"اختلاس الأموال العامة".
وأكد عبد الله السنوسي، للقضاه أنه أشرف فعلاً بأمر من الزعيم الليبي السابق معمر القذافي على تسليم مبلغ 7 مليون يورو مقابل صفقات خاصة بينها تسليم ليبيا أجهزة تنصت، وتدخل تييري هيرزوغ المحامي الشخصي لنيكولا ساركوزي، لتخفيف الحكم بالسجن المؤبد الصادر بحق السنوسي عام 1999 من قبل محكمة في باريس، بعد إدانته بالتورط في تفجير طائرة "دي سي 10" التابعة لشركة يوتا عام 1989 والذي أسفر عن مقتل 170 راكبا بينهم 54 فرنسيا.
وقال السنوسي، إن صفقة اقتناء أجهزة التنصت تمت بالفعل؛ وهي الصفقة التي حصل فيها الوسيط زياد تقي الدين على عمولة بقيمة 4 مليون يورو؛ مؤكدا أن المحامي الشخصي لساركوزي زاره برفقة بعض عائلات ضحايا تفجير الطائرة، وأن ساركوزي نفسه أكد له أن وضعيته القانونية في فرنسا ستتم تسويتها في غضون 10 أشهر.
ووصف ساركوزي ومعاونيه بأنهم "أشبه بأفراد عصابة أكثر من رجال دولة"، قائلاً إن ساركوزي قصف منازله وحاول اغتياله وأدى القصف إلى إتلاف الأدلة التي كانت بحوزته مثل محاضر الاجتماعات مع الرئيس الفرنسي الأسبق ومحاميه ورجل الأعمال والوسيط زياد تقي الدين.
ويتابع القضاء الفرنسي عددا من المسؤولين المتهمين في هذا الملف؛ بينهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ووزير الداخلية كلود غيان والمدير المالي لحملة ساركوزي إيريك فيرت بتهمة الفساد وتلقي رشاوي واستخدام أموال خارجية في الحملات الانتخابية.
وينفي ساركوزي وبقية المتهمين كل هذه التهم، وسبق للرئيس السابق أن وصف السنوسي بأنه عضو في عصابة ويفتقد للمصداقية، مؤكدا أنه لم يتواصل مع السنوسي وأن الأخير حاول الاستفادة من خبرة محامي ساركوزي لتخليصه من تبعات تصرفاته الإجرامية، وأن المحامي تييري هيرزوغ رفض عرض السنوسي.
لكن عبد الله السنوسي يصر على أنه نفذ أوامر أعطاها القذافي بصرف مبلغ 7 مليون يورو لصالح حملة ساركوزي وتم تسليم المبلغ على دفعتين، إحداهما كانت عبر تحويل بنكي لمبلغ 2 مليون يورو تمت بتاريخ 20 نوفمبر 2006 على حساب يديره الوسيط الفرنسي-اللبناني زياد تقي الدين ورصدها المحققون الفرنسيون بالفعل. والدفعة الثانية بلغت 5 مليون يورو نقلها تقي الدين إلى كلود غيون الذي سلمها بدوره نقداً لساركوزي.
ويقول "ميديا-بارت" إن هذه الشهادة التي أدلى بها السنوسي للقضاة الفرنسيين تتطابق مع بعض المعطيات الموجودة لدى فريق التحقيق؛ لكن هناك بعض النقاط التي ما تزال بحاجة للتدقيق والمراجعة سيعكف عليها فريق التحقيق.
فهناك نقطتان بارزتان في هذا الصدد؛ إحداهما التضارب الحاصل في تاريخ لقاء السنوسي بوزير الداخلية السابق (2009 حتى 2011) بريس هورتفى؛ والذي أكد السنوسي بأنه التقاه في نوفمبر 2006، بينما يقول الوزير الفرنسي إنه التقى السنوسي ديسمبر 2005 أثناء زيارة سرية إلى ليبيا.
أما النقطة الثانية، فهي حديث السنوسي عن تحويل دفعة من المبلغ إلى حساب خارجي، بينما صرح الوسيط زياد تقي الدين بأنه سلم المبلغ نقداً لساركوزي، وقد صرح السنوسي بأنه ليس على اطلاع بالتفاصيل الفنية لعملية التحويل.
وهناك اتهامات لساركوزي بالحصول على مبالغ أخرى من نظام القذافي، حيث أكد السنوسي أن مدير مكتب القذافي بشير صالح سلم كلود غيان مبلغ 8 مليون يورو إضافية لتمويل الحملة الانتخابية لساركوزي. ونقل السنوسي عن بشير صالح أنه منح هذا المبلغ عبر الوسيط الفرنسي-الجزائري آلكسندر جوهري، والذي أصدر القضاء الفرنسي مذكرة اعتقال ضده عام 2017 بتهمة الفساد والرشوة وتبييض الأموال، وهو يعيش في لندن حيث يخضع للرقابة القضائية.
فيديو قد يعجبك: