"الخروج من الجحيم".. قصص مأساوية من آخر معاقل داعش في سوريا
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرًا حول معاناة القابعين في آخر بقعة من الأرض يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا وهي قرية باغوز.
وقالت مراسلة الصحيفة من مدينة الهول بمحافظة الحسكة السورية، لويزا لافلوك، إن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا، تحاصر آخر ميل مربع تحت سيطرة تنظيم داعش، وتستعد لشن الهجوم الأخير على قرية باغوز الواقعة شرقي سوريا.
ونوّهت المراسلة، إلى أنها تحدثت مع بعض الأشخاص الذين استطاعوا الفرار من القرية المحاصرة، والذين وصفوا الأيام التي عاشوها وعانوا فيها للبقاء على قيد الحياة.
وأجرت المراسلة أكثر من دستة من اللقاءات مع الفارين من باغوز، وذلك بمدينة الهول في محافظة الحسكة، وتذكر الفارون تفاصيل مرعبة ومخيفة عن اقتراب نهاية الخلافة. وبدت زوجات وأطفال مقاتلي داعش مرتبكين ومرهقين، فيما كانت النساء الإيزيديات وعائلاتهن الذين كانوا عبيد لدى مسلحي التنظيم في حالة صدمة، لدرجة أن إحدى النساء وصفت فرارها بأنه "خروج من الجحيم".
ووصف الفارون كيف تراجعوا في الأسابيع الأخيرة من مدينة إلى أخرى ومن ثم إلى قرى ريفية، في الوقت الذي استمر فيه سقوط القنابل وتقلص المساحة التي يسيطر عليها تنظيم داعش. وقالت عدة نساء إنهن حين وصلن إلى قريتي كفرسوسة ثم الصفا بالقرب من باغوز، تخلين عن فكرة تفريغ حقائبهن لأنهن سيتحركن مرة أخرى.
وقالت أم محمد، إحدى السيدات من مدينة حلب: "كنا نتحرك كثيرًا ومن مكان لآخر".
وتوضح الصحيفة، أن المنتجات الأساسية في أراضي داعش انتهت، وارتفعت الأسعار وأصبح المدنيون يقتاتون على الطعام الذي تركوه في السابق، حيث أضافوا الأعشاب إلى مكونات الطعام الأخرى حتى يشبعوا، ومن ثم كانوا يأكلون فقط الأعشاب عندما كان ذلك كل ما لديهم.
الغارات الجوية جعلت الأرض تهتز، بحسب الصحيفة، والتي تقول إن التقارير العسكرية الأمريكية أوردت أن هناك 179 غارات جوية في سوريا استهدفت المسلحين في خلال أسبوعين، وأصبح الناس خائفين حتى من إحضار جرحاهم ومات الكثيرون في العراء، وظلت أجسادهم هناك لعدة أيام.
ويقول صدى، المراهق الإيزيدي البالغ من العمر 15 عامًا الذي اختطفه تنظيم داعش في 2014 وجعلوه يقف على حدود باغوز للدفاع عنها: "لقد انسحب القادة وأخبرونا أن نبقى في أماكننا ونواصل إطلاق النار، لقد كانوا خائفين لقد كنت تستطيع سماعهم يقولون إن المعركة انتهت، ولكن كان هناك رجال آخرون يصيحون بهم أن المعركة ستستمتر للنهاية".
وتشير الصحيفة، إلى أن مقاتلي داعش المتشددين أكثر رأوا الهروب على أنه خيانة، ولكن باقتراب المعركة النهائية اختار آخرون النجاة بأنفسهم، وخفضوا أسلحتهم وتسللوا وسط المدنيين الهاربين من المدينة، أو استخدموا وسطاء للتفاوض حول الاستسلام.
ومن الفظائع أيضًا اختفاء الإمدادات الغذائية للعائلات السورية بدون أي مقدمات، وأظهر العديد من الرُضّع علامات سوء تغذية في مركز فحص خاص بقوات سوريا الديمقراطية الأسبوع الماضي.
وقالت امرأة من ترينداد كانت قد سافرت إلى سوريا مع زوجها في 2014، إن إحدى صديقاتها كانت جائعة لدرجة أنها دخلت بيتًا مهجورًا يبحث عن الطعام، وكان أعضاء التنظيم زرعوا ألغامًا في المنطقة في محاولة لمنع المدنيين من المغادرة، ولكنها داست على أحد الألغام عندما دخلت المنزل، ونزفت حتى الموت على العشب.
وتشير أم محمد إلى أن "مقاتلي داعش لديهم الكثير من الطعام الذين يدخرونه"، موضحة أنهم لم يهتموا بالمدنيين وأرادوا فقط لمعركتهم أن تستمر.
وأوضحت الصحيفة، أن عدد من مقاتلي داعش الذين استسلموا لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، بدوا في صحة أفضل مقارنة بالسكان الذين غادروا باغوز.
ومع تضاؤل مجال سيطرة تنظيم داعش لقرية باغوز فقط، امتلأت كل غرفة في المنازل والشقق المتبقية بالقرية بعشرات من الأشخاص، الذين خضعوا لسيطرة تنظيم داعش لاستغلالهم في الدفاع.
ابتسام طه، المراهقة العراقية ذات الـ 16 ربيعًا من الفالوجة، قالت إنها وأخواتها كانوا يعيشون في تلك المنازل التي يلفها الظلام، وأشارت المراهقة، إلى أنه عندما لم يتبق مكان في المنازل، قضت عائلتها أربع ليالي في الخيام التي كانت تقع بالقرب من أماكن قصف الطائرات، وتضيف، "لقد كانت القذائف تسقط تباعًا، لقد كان الأمر عديم الشفقة".
واتهمت قوات سوريا الديمقرطية، تنظيم داعش، باستخدام المدنيين كدروع بشرية في محاولة أخيرة لإبطاء الهجوم.
ويقول إيزيديان وامرأة سورية، إنهم شهدوا صراعات مفتوحة بين الجهاديين في الأسبوع الأخير، وفي إحدى تلك المرات، سحب أحد المقاتلين التونسيين سلاحه على مقاتل آخر سوري وأطلق عليه النار من مسافة قريبة، وفي مرة أخرى، اندلع القتال بين المقاتلين العراقيين، مع تذمر العديد منهم من القائد وأنه كان سيئًا في أداء وظيفته.
ومع اقتراب النهاية، بحسب وصف الصحيفة، قال اللاجئون من باغوز وقوات سوريا الديمقراطية، إن مهربي تنظيم داعش كانوا يجنون نقودًا طائلة. كشفت الشائعات، بحسب الصحيفة، بأن تهريب رجل إلى العراق أو الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية، يكلف عدة آلاف من الدولارات، ودفعت بعض العائلات مئات الدولارات مقابل كل شخص للحصول على ممر آمن من القناصة والخروج على طول طريق الاستسلام، ومن لم يستطع الحصول على المال عليه الانتظار حتى يتوقف القصف الجوي.
لينا محمد محمود، البالغة من العمر 17 عامًا من مدينة الرقة السورية، قالت: "وأخيرًا غادرنا"، في إشارة إلى الرحلة التي هربت بها من باغوز، واستمرت عدة ساعات في الليل، حتى وصلوا إلى نقطة تفتيش تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في الساعات الأولى من الصباح الباكر.
وتضيف لينا، الأم لأربعة أطفال لا يبلغ أكبرهم 5 أعوام، أنها لا تعرف ماذا تفعل الآن.
فيديو قد يعجبك: