لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حب عن بعد: عندما رفضت أن أكون "زوجة جيدة"

12:00 م الخميس 21 فبراير 2019

لندن (بي بي سي)

مدونة بي بي سي عربي طلبت من شباب وشابات أن يكتبوا عن علاقات حب عن بعد مروا بها؛ ريم خميس (32 عاما) كتبت كيف تفاهمت مع زوجها على مصلحة عائلتهما الصغيرة، رغم أنها تعيش في تركيا وهو مقيم في أمريكا.

أذكر جيدا ما قاله لي زوج إحدى صديقاتي قبل خمس سنوات عندما علم أنني أعمل في مجال مساعدة اللاجئين الذي يتطلب عادة الكثير من السفر ولأماكن غالبا ما يصعب العيش فيها مع عائلة. قال لي وهو غاضب وبلهجة شديدة الذكورية إن علي أن أمحو من رأسي فكرة أنه سيكون بإمكاني أن ألتقي برجل يقبل أن يترك كل شيء ليتنقل معي كلما تغير مكان عملي. حتى أنه قال حرفيا إن أي رجل لن يقبل أبدا أن يجالس طفله بينما تجوب زوجته العالم بحكم عملها.

‏‎لكني أعتقد أني التقيت بالرجل الذي ظن زوج صديقتي أنه كائن خرافي لا وجود له، وأصبح هذا الرجل زوجي.

الأمر الذي أدركته لاحقا كان أني لن أقبل أن يترك زوجي - حتى وإن أراد هو ذلك - كل شيء من أجلي ليسافر معي، أو أن يضحي بعمله لأنجح أنا بعملي. فأنا لا أرغب بالتخلي عن أحلامي المهنية، ولا أود أن أغير مهنتي التي أحبها وأعلم أني ناجحة فيها، فقط كي أكون زوجة "جيدة" وأما "جيدة" في نظر المجتمع.

كبرنا، أنا وزوجي عماد، في نفس الحارة الضيقة في دمشق وكان لدينا الكثير من الأصدقاء المشتركين، ولكننا لم نلتق أبدا في دمشق - بل التقينا لأول مرة في تركيا. انتقلت إلى أنطاكيا بحكم عملي، أما زوجي فكانت الحرب قد أجبرته على البحث عن عمل خارج سوريا والانتقال مع عائلته لأنطاكيا في مطلع العام نفسه.

تعرفنا على بعضنا البعض عن طريق أحد الأصدقاء المشتركين، وقررنا الزواج بعد مرور حوالي سنة من بداية علاقتنا، وانتقلنا إلى الولايات المتحدة بهدف البحث عن مستقبل أفضل. وساعدنا في ذلك أني أحمل الجنسية الأمريكية بحكم ولادتي هناك عندما كان والداي يدرسان في إحدى الجامعات الأمريكية.

كنت أسافر من وقت لآخر في رحلات عمل قصيرة لأجري ورشات تدريب مثلا، وأعود إلى بيتنا القريب من العاصمة شديدة الغلاء. لكني كنت أشعر بالملل والوحدة وأنا في واشنطن، في قارة بعيدة، فأنا معتادة أن أكون موجودة مع فريق عمل، وقريبة من مكان الحدث أو ما نسميه في مجال عملنا بـ "الميدان".‏‎

لذا قبلت قبل نحو ستة أشهر عملا جديدا في تركيا مع الأمم المتحدة، وجدته أكثر خيار مناسب لعائلتي، وفي الوقت ذاته يقربني من الميدان، فغادرت واشنطن، بدون زوجي.

ها أنا ذا أسافر مرة أخرى، ولكن هذه المرة المسافة أبعد بكثير؛ فبيني وبين زوجي أكثر من 10,000 كيلومتر.

‏‎لا يمكن أن أنكر أن هذه الخطوة تحديدا كانت صعبة جدا بالنسبة لي؛ فالأمر لم يعد مقتصرا علينا نحن الاثنين، فلدينا الآن ابن في عمر السنة وهذه المرة هي الأولى التي سيبتعد فيها عن والده - ليكون معي.

أعتقد أن مجال عملي المتركز على مناهضة العنف ضد النساء تحديدا ألهمني حتى في حياتي الخاصة، وأرغمني أن أكون قدوة لنفسي ولابني الذي أريده أن يكبر وهو مؤمن أن أمه وأباه متساويان، يجمعهما الحب والاحترام، وأن يكون فخورا بنا نحن الاثنين على حد سواء. أذكر مرة عندما قالت لي أم إحدى صديقاتي وهي تهمس بأذني "أحب شخصيتك القوية لكن عليك الحذر فالرجال يخافون من المرأة القوية". لا أريد لابني أن يخاف من أن يجد شريكة قوية الشخصية أو ناجحة مثله أو أكثر في حياتها العملية، بل أن يبحث عن هذا الشيء تحديدا في شريكته المستقبلية. ‏

‎نتواصل أنا وزوجي يوميا على واتساب وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي رغم الصعوبات التقنية، بسبب تقطع خط الإنترنيت حيث أعيش، ورغم فرق التوقيت الشاسع بيننا.

لم يكن هذا القرار لينجح لولا تحلينا - نحن الاثنين - بالصبر، ولولا دعم عائلة زوجي المقيمة في تركيا، خاصة فيما يتعلق بالاعتناء بابننا. وأعتقد أيضا أن تفاهمنا واتفاقنا المشترك على ما هو في مصلحة عائلتنا الصغيرة ساعدنا في تلك اللحظات الصعبة التي لا مفر منها.

جعلني بعدي الدائم عن أهم الناس في حياتي، بمن فيهم زوجي ووالديَ، أقدّر كثيرا قيمة الوقت القصير الذي نمضيه معا. أصبحنا نخطط كثيرا، ونحضّر للقاءاتنا وعطلنا العائلية قبل أشهر كعطلة رأس السنة، وقريبا عطلة عيد الفصح في أبريل/نيسان.

‏‎ليس من السهل أبدا الحفاظ على علاقة عن بعد - لكن ذلك لا يعني أبدا أنها لن تنجح.

‏‎أردد دائما بيني وبين نفسي أن "الحب ليس العثور على شخص للعيش معه، بل العثور على شخص لا يمكن العيش بدونه". أتمنى أن يكون زوج صديقتي تلك يقرأ تدوينتي هذه - وتحديدا السطر الأخير.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان