إعلان

"أكلن من حشائش الأرض".. حكايات عرائس داعش في أرض التنظيم الإرهابي

08:23 م الخميس 21 فبراير 2019

عرائس داعش

كتبت - هدى الشيمي:
منذ أربعة أعوام، انتشر الذعر في نفوس البريطانيين بعد صدور تقارير إعلامية تفيد بهروب فتيات مراهقات، تنتمين إلى عوائل إسلامية، إلى سوريا عبر تركيا، للانضمام إلى تنظيم داعش، والعيش في أحضان دولته الإسلامية المزعومة، على أن يُصبحن زوجات مقاتليه وتتولين مسؤولية تربية أبنائهم على أفكاره وأيدولوجياته، حتى تبقى رايته مرفوعة دائمًا.

في 2014 كان داعش في قمة عنفوانه ووصل إلى ذروة نجاحه، إذ كان يُسيطر على أراضي في سوريا والعراق تعادل مساحة بريطانيا تقربيًا، ويعيش تحت سيطرته مئات الآلاف من السكان المحليين، وانضم آلاف الأجانب إلى صفوفه، الذكور يشاركون في عمليات القتل، أما الإناث فيتحولن إلى زوجات مقاتلين، وكان من بين عرائس داعش فتيات بريطانيات واحدة منهم تُدعى شميمة بيجوم، التي هربت إلى سوريا رفقة صديقاتيها من المدرسة كاديزا سلطانا وأميرة أبايز، والتقطت عدسات كاميرات المراقبة في مطار جيتويك صور لهن وهن ترتدين ملابس مُحتمشة ويجّرون خلفهن عدة حقائب في شهر فبراير من العام نفسه.

1

عاشت بيجوم في الرقة وتزوجت مع مقاتل هولندي أعتنق الإسلام، واستسلم لجماعة من المقاتلين السورية منذ أسابيع، وحصلت على لقب "عروس داعش"، وحاولت العودة إلى بريطانيا حتى تعيش ابنتها حديثة الولادة هناك، ولكن السلطات رفضت ذلك رفضًا قاطعًا، وسحبت منها الجنسية منعًا لعودتها إلى المملكة المتحدة، ومواصلة عملها في تجنيد الشباب، ونشر الفكر المتطرف بينهم.

والآن وبعد بدء العد التنازلي لأيام داعش الأخيرة، استسلم مقاتليه للقوات السورية والكردية، فيما تحاول نسائه الأجنبيات العودة إلى أوطانهن، ومن بينهم شميمة بيجوم، والتي أرجعت رغبتها في العودة إلى بريطانيا إلى خوفها من إصابة طفلتها بالمرض في هذا المخيم، وقالت: "أعلم أنهم سيعتنون بها هناك، على أقل التقدير من الناحية الصحية".

2

بيجوم طفلة وحيدة لعائلة بنجلاديشية، ونشأت في شقة صغيرة مكونة من غرفتي نوم في تاور هامليتس، شرق لندن، عاشت مع جدتها وخالها بعد وفاة والدتها بسبب معانتها من سرطان الرئة، وبعد فترة قصيرة تزوج والدها مرة أخرى. ويرى بعض المراقبين الدوليين أن الظروف العائلية التي مرت بها كانت السبب وراء انضمامها إلى داعش، لاسيما وأن الخلافة الإسلامية المزعومة رسمت لنفسها صورة بأنها سوف تكون مدينة فاضلة، يعيش فيها الجميع في سلام.

حتى هذه اللحظة، لا تشعر بيجوم بالندم على سفرها إلى سوريا، وفي حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، قالت إنها لا توافق على قتل التنظيم للنساء والأطفال، مُشيرة إلا أن أفعال داعش لا يختلف كثيرًا عما يعيشه النساء والأطفال وكبار السن الذين يغادرون باغوز، أخر معاقل التنظيم في سوريا.

بررت بيجوم تنفيذ داعش لبعض الهجمات الإرهابية العنيف بالانتقام، وخصت بالذكر الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مدينة مانشستر عام 2017 وأودى بحياة 22 شخصًا، وعندما سُئلت عن رأيها الانتهاكات التي ارتكبها داعش في حق اليزيديات، والتي يُنظر إليها على أنها تطهير عرقي، قالت"إن العراقيين فعلوا نفس الشيء مع السنة".

وقالت بيجوم لصحيفة تليجراف البريطانية، إنها مستعدة لدخول السجن وتلقي العقاب، إلا أن هذا لا يعني أنها ليست متعاطفة مع التنظيم.

4

على عكس بيجوم، تشعر هُدى مُثنى، الفتاة الأمريكية التي انضمت إلى داعش في 2014، بالندم الشديد عما قامت به وأعربت عن رغبتها في العودة إلى الولايات المتحدة. وقالت لصحيفة الجارديان البريطانية، من داخل مخيم للاجئين في شمال سوريا: "عندما غادرت إلى سوريا كنت شابة ساذجة وغاضبة ومتغطرسة، اعتقدت أنني أفعل ما عليّ القيام به من أجل الله والإسلام، ولكن عندما وصلت إلى هناك ورأيت ما يحدث أدركت أنني مُخطئة".

كانت مُثنى في عامها العشرين عندما تخلت عن عائلتها، وهربت إلى سوريا في نوفمبر 2014، بعد عام واحد من انهائها لتعليمها في مدرسة هوفر الثانوية، وبعدها التحقت بجامعة ألاباما في برمنجهام لدراسة إدارة الأعمال.

نشأت مُثنى في كنف عائلة يمنية مُسلمة لا تتبنى أي آراء مُتطرفة، وتسللت الأفكار الجهادية إلى عقلها من خلال قراءات عبر الإنترنت. وبعدما سيطر عليها الفكر المُتشدد حسمت أمرها وقررت التوجه إلى سوريا، وأخبرت والديها أنها سوف تسافر إلى أطلانطا للقيام ميدانية متعلقة بدراستها، وعوضًا عن ذلك صعدت على متن طائرة متوجهة إلى تركيا ومن هناك إلى سوريا.

3

وبعد أقل من شهر، تزوجت مُثنى من سوهان عبدالرحمن، المتطرف الأسترالي الذي تُوفي بعد بضعة أشهر إثر غارات جوية أردنية خلال إحدى المعارك. ثم تزوجت من مقاتلين آخرين، وأنجبت ابنها الوحيد آدم، 18 عامًا، من زوجها الثاني وكان مقاتل تونسي، قُتل في معركة بالموصل العراقية، ثم وافقت على الزواج من رجل سوري، حسبما نقلت الجارديان.

وإبان سيطرة داعش على مساحات واسعة من سوريا والعراق، استخدمت مُثنى حسابها على موقع تويتر لكتابة تغريدات معادية للولايات المتحدة، وتهدف إلى استقطاب شباب في مثل سنها، واقناعهم بأيدولوجيات التنظيم المتطرف من أجل الانضمام إلى صفوفه، وكان من بينها تغريدة دعت فيها إلى إراقة دماء الأمريكيين.

والآن تقول مُثنى إنها عاشت فترة قاسية، ووصفت السنوات الماضية من حياتها بـالفيلم السينمائي، مُضيفة: "تقرأ كتابًا واحدًا وتظن أنك تعرف كل شيء ولكن هذا غير حقيقي، لقد عشت تجربة أليمة، كدنا نموت من الجوع واضطررنا لتناول حشائش الأرض".

6

إلا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن على حسابه في تويتر، أنه أعطى تعليمات لوزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، بعدم السماح لمثنى بالعودة إلى الولايات المتحدة، مضيفاً أن بومبيو وافق على ذلك.

وقال بومبيو في وقت سابق إن مُثنى ليست أمريكية، ولن يُسمح لها بدخول الولايات المتحدة، لكن عائلتها وكذلك محاميها، كذبا ما قاله بومبيو وأكدا أنها تحمل الجنسية الأمريكية.

وقال بومبيو في بيان إن "السيدة هدى مثنى ليست مواطنة أمريكية ولن تُقبل في الولايات المتحدة، وليس لديها أي سند قانوني ولا تحمل جواز سفر أمريكي صالحاً كما ليس لها الحق في الحصول على جواز سفر أو أي تأشيرة للسفر إلى الولايات المتحدة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان