إعلان

ماذا بعد داعش؟ "واشنطن بوست" تكشف المعارك السياسية بعد سقوط التنظيم

09:17 م السبت 23 فبراير 2019

كتب - هشام عبد الخالق:

منذ ما يقرب من 5 سنوات، أزال متشددو تنظيم داعش الإرهابي جسرًا ترابيًا على طول الحدود العراقية السورية، وصنفوا هذا العمل على أنه محو خط رسمته القوى الاستعمارية الأوروبية قبل قرن من الزمن، وهي حدود مصطنعة ستحطمها "الخلافة" الدينية الجديدة في الشرق الأوسط.

في هذا الوقت، كان متمردو تنظيم داعش يسيطرون على منطقة واسعة من الأرض، تمتد من ضواحي حلب في الغرب إلى الموصل في الشرق، واستغلوا هشاشة الحكومتين العراقية والسورية، وقاموا بالعنف والقسوة بتشكيل إقطاعية جديدة وسط النزاعات التي تمتلئ بها المنطقة.

وأدار التنظيم المدارس والمستشفيات، وجمع الضرائب وصكوا عملتهم الخاصة، ونفذ عمليات إعدام جماعية، واستعبد النساء، ونهب ودمر بعض المواقع القديمة ذات القيمة الأثرية العالية.

ولكن الآن، تقترب "الخلافة المزعومة" من نهايتها، وكان الأسبوع الماضي يوجد طريق واحد خارج تنظيم داعش، وهو بالقرب من قرية الباغوز على الحدود العراقية السورية، حيث تحاصر قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية ما تعتقد أنه آخر بقايا تنظيم داعش، الذين يقدر عددهم بـ 300 مقاتل.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها الأربعاء، إن التنظيم -تحت قصف التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية- طُرد من معقله في المدن إلى الصحراء. ويوم الثلاثاء الماضي، استهدفت الغارات الجوية مقاتلي داعش، في الوقت الذي انتظرت فيه الشاحنات التي أرسلتها قوات سوريا الديمقراطية لإجلاء باقي المدنيين الذين يحاصرهم التنظيم، ويحتمي حوالي 42000 مدني في مخيم الهول بمحافظة الحسكة شمالي سوريا.

وبحسب تقرير لوكالة "أسوشيتدبرس" فيعتقد أنه لا يزال يوجد رهائن محتجزين لدى تنظيم داعش، مما يثير مخاوف من سقوط ضحايا مدنيين إذا ما قامت قوات سوريا الديمقراطية بهجوم نهائي. ويأمل مقاتلو داعش المتبقين في التفاوض باستخدام الرهائن على ممر آمن للخروج من الباغوز، وقد يتجهون لمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا، التي لا تزال موطنًا لعدد من الفصائل الإسلامية الأخرى.

ولكن، حتى لو خرج جميع المتمردين، لا تزال هناك بعض العقبات الصعبة، فالرئيس ترامب مصمم على أن هزيمة داعش ستؤدي لانسحاب سريع من سوريا، ولكن لا يبادله المشرعون والمسؤولون العسكريون الأمريكيون في واشنطن تلك الثقة، ويقلقون من إمكانية تنظيم داعش لصفوفه مرة أخرى في ظل الفراغ الأمني بعد الانسحاب الأمريكي.

الجنرال جوزيف فوتيل، رئيس القيادة المركزية الأمريكية، قال للجنة في مجلس الشيوخ في وقت سابق هذا الشهر، إنه: "لا يمكن ضمان المكاسب التي حققها التحالف في ساحة المعركة بشق الأنفس، إلا من خلال الحفاظ على هجوم يقظ ضد داعش الذي تفرق إلى حد كبير، ولكنه لا يزال يحتفظ بقيادته ومقاتليه والموارد والأيديولوجية الخاصة به".

كما أن الأسئلة تدور أيضًا حول مصير مئات من المجندين والمقاتلين الأجانب في التنظيم الإرهابي، والذي يحمل كثير منهم الجنسيات الأوروبية، والذين أسرتهم قوات سوريا الديمقراطية، وهدد ترامب على تويتر، بالإفراج عن جميع الذين ألقي القبض عليهم في حال لم تتمكن أوروبا من استقبالهم بسرعة. وعلى الرغم من ذلك، رفض المسؤولون الأوروبيون طلب ترامب، مشيرين إلى الصعوبات التي ستواجههم للتحقق من الجرائم المزعومة التي ارتكبها المقاتلون أثناء عملهم مع داعش، بالإضافة إلى مخاطر زيادة تطرفهم عندما يعودون إلى أوطانهم.

أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء الماضي، أنها ستتخذ موقفا آخر: وبحسب وسائل الإعلام، فإنها تخطط لإلغاء جنسيات مقاتلي داعش، حسبما ذكرت الصحيفة.

المشاكل التي تواجه السكان المحليين أكثر خطورة، حسبما ترى الصحيفة. وﺗﺣذر ﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣﺳﺎﻋدات ﻣن ﻋﺟز ﻧﻘدي ﻓﻲ اﻟﺗﻣوﯾل ﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ، ﻓﺿًﻼ ﻋن اﻟﻣﺳﺎﻋدة ﻓﻲ ﻣﺷﺎرﯾﻊ إﻋﺎدة اﻹﻋﻣﺎر.

لعبت إدارة ترامب دورًا بارزًا على هذه الجبهة أيضًا، وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، حاول البيت الأبيض عام 2017 تحويل عشرات الملايين من الدولارات من التمويل الأمريكي المخصص لاستعادة الخدمات الأساسية في المدن العراقية المحررة من داعش لدعم المجتمع المسيحي المحاصر في المنطقة. وتم الدفع لهذه الحركة من قبل نائب الرئيس مايك بنس، وهو مسيحي إنجيلي متدين على الرغم من معارضة مسؤولي وزارة الخارجية.

وبحسب الصحيفة، لم يظهر اهتمامًا كبيرًا بإعادة إعمار البلاد بعد سنوات من التفجيرات التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، وتمركز القوات في العراق وسوريا. واشتكى ترامب كثيرًا من استمرار التدخل الأمريكي في الصراع، مع وجود جثث لا تحصى تحت الأنقاض في مدن مثل الرقة والموصل، كما أن ترامب حث أيضًا شركائه الآخرين في أوروبا والشرق الأوسط على عدم تحميل الولايات المتحدة عبء إعادة الإعمار.

فيديو قد يعجبك: