التايم: أزمة فنزويلا إلى "طريق مسدود".. والوقت ينفد من المعارضة بزعامة جوايدو
كتب - هشام عبد الخالق:
تشهد فنزويلا أزمة كبرى حاليًا، حيث يدّعي شخصان أن كلًا منهما هو الرئيس الشرعي للبلاد، الأول هو خوان جوايدو زعيم المعارضة الصغير سنًا، والآخر هو نيكولاس مادورو الذي يدين له أغلب القيادات العسكرية في البلاد بالولاء، والذي يتمسك بالرئاسة بعناد بعد أن فاز ظاهريًا بإعادة انتخابه في انتخابات رآها كثيرون حول العالم أنها مزورة.
رحلة خوان جوايدو من العاصمة كاراكاس إلى الحدود مع كولومبيا، كانت محفوفة بالمخاطر، بحسب مجلة "التايم" الأمريكية، وفي كل حاجز يقابله كانت اللعبة السياسية للسيطرة على فنزويلا تظهر جليّة، فعلى الرغم من أن جوايدو يعترف به قادة أكثر من 50 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولكن السيطرة على الحكومة تعتمد على أولئك الذين يرتدون الزي العسكري ويحملون البنادق وهؤلاء مؤيدون لمادورو.
رحلة جوايدو، في تحد لحظر السفر الذي فرضه منافسه، كانت مقامرة محسوبة لجعل القوات المسلحة تدعم المعارضة. وكانت الخطة تدعو لفتح الحدود وإدخال شاحنات النقل المحملة بالمساعدات الغذائية والطبية الأمريكية إلى داخل الأراضي الفنزويلية.
وبحسب المجلة، فتلك الفكرة منطقية. فإذا أظهر جوايدو سيطرة على القوات المسلحة للبلاد وحدودها، يمكن أن يظهر جوايدو سيطرته وتحكمه في السلطة التي ادعى سيطرته عليها منذ شهر، في الوقت نفسه الذي يستطيع إدخال المساعدات لشعبه الجائع.
ولكن ذلك لم يحدث، حيث أدت المواجهة على الحدود الكولومبية الفنزويلية في 23 فبراير، إلى اندلاع جولة من الاشتباكات في الشوارع بين قوات الأمن والمدنيين، وبقيت المساعدات في أماكنها، وظلت الحواجز قائمة، وعلى الرغم من تفاخر جوايدو بالمشاركة الواسعة للقوات المسلحة، فإن جميع القوات لا تزال موالية لمادورو، باستثناء 320 منشقًا.
وتقول المجلة إنه في الوقت الذي لم تحل فيه الأزمة، إلا أنها تحولت إلى حالة طوارئ عالمية. وعلى الرغم من أن فنزويلا لديها أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أن ما يقرب من 90٪ من سكانها يعيشون تحت خط الفقر. وخسرت فنزويلا، في السنوات الثلاث الماضية، أكثر من 3 ملايين شخص، أي 10% من سكانها، الذين اختاروا الهجرة إلى البلدان المجاورة.
نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، قال لجوايدو، في 25 فبراير عند لقائه به في كولومبيا: "نحن معك 100%".
وعلى الرغم من نبرة الرئيس دونالد ترامب العدائية عندما يتعلق الأمر بفنزويلا، إلا أن بنس أوضح أنه لا يوجد أي إجراء عسكري وشيك، وعند سؤاله -بنس- عما إذا كانت "كل الخيارات لا تزال مطروحة"، قال: "أؤكد أنها كذلك، ولكننا نأمل في حدوث الأفضل، وانتقال سلمي للسلطة".
ومن الجدير بالذكر، بحسب المجلة، أن جوايدو نفسه لم يستبعد خيار التدخل العسكري الأمريكي، وهو تطور خطير في المنطقة التي لعب فيها "العم سام" دورًا حاسمًا في تغيير الأنظمة أكثر من 40 مرة على مدار قرن حسبما ذكر أحد المؤرخين، بمعدل مرة كل 28 شهرًا.
ولكن هذه المرة، لا تواجه الولايات المتحدة دولة بمفردها، ولكنها تواجه عددًا من الجيران الذين يعنيهم الأمر، فمجموعة ليما التي تتكون من 14 دولة، يلتزم كل أعضائها باستعادة الديمقراطية في فنزويلا بالطرق السلمية، والتي تشمل العقوبات الاقتصادية على نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وتعارض هذه الدول التدخل العسكري بشكل قاطع، وكذلك البرازيل وكولومبيا، اللتان تتقاطع حدودهما مع فنزويلا، وكل هذه الدول ترفض أن تكون قاعدة عسكرية تستخدم في الهجوم، وعلى الرغم من أن مادورو قد لا يحظى بشعبية على نطاق واسع بين الجماهير الجوعى، لكنه يستحوذ على ليس فقط ولاء مؤسسة فاسدة، ولكن أيضًا ولاء القوات المسلحة.
وقال جيوف رامسي من مكتب واشنطن لأمريكا اللاتينية، إن القوة التي قد تغزو فنزويلا يجب أن تتوقع أيضًا مواجهة مقاومة من 500 ألف إلى 2 مليون عضو في ميليشيا مسلحة أنشأها الرئيس الراحل هوجو تشافيز في 2008.
ويضيف رامسي، إذا توجه 10٪ فقط منهم إلى التلال، سيكون لدينا حركة تمرد أكبر مما كانت عليه حركة "فارك" في ذروتها، في إشارة إلى قوة التمرد في الحرب الأهلية التي دامت 50 عامًا في كولومبيا، موضحًا أن الغزو الذي تقوده الولايات المتحدة سيكون بمثابة "كارثة وكابوس لوجستي كامل".
ولكن، يقلق زعماء أمريكا اللاتينية أيضًا من الدخول في أي حوار مع مادورو، الذي بالإضافة لترسيخ مبدأ انهيار البلاد زوّر الانتخابات، ومنع المنافسين السياسيين وهمش البرلمان. وقد يكون ضعفه واضحًا في رده على مناورات جوايدو، لكنه لا يزال يحظى بدعم حلفائه روسيا والصين.
وتشير المجلة، إلى أن الوضع مستمر في التأزم، ومن الواضح أن الوقت ليس في صالح المعارضة على الرغم من تمتعها بزخم، العقوبات الأمريكية على إنتاج النفط التي تهدف إلى عزل مؤيدي مادورو قد تجعل الحياة أكثر بؤسًا بالنسبة للناس العاديين، في بلد يمثل فيها غياب القانون مشكلة لعقود.
ويقول رامسي: "إذا ظهرت صدامات مثل التي كانت عند الحدود في المظاهرات بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس، قد يؤدي ذلك إلى حملة قمع عنيفة من قبل المجموعات المسلحة"، مضيفًا، أشعر بالقلق أكثر بسبب عدم سيطرة الحكومة على الجماعات المسلحة أكثر من احتمال أن تتحول الاحتجاجات إلى العنف.
العنف الذي تولّد على الحدود الفنزويلية يوم 23 فبراير، عرض لمحة مما يمكن أن يحدث إذا ما تكررت مظاهرات الحدود في العاصمة كاراكاس، ففي كوكوتا، على الجانب الكولومبي من الحدود، ألقى الشبان الفنزويليون الحجارة باتجاه الجنود الذين أطلقوا الغاز المسيل للدموع وقتل أربعة أشخاص على الحدود مع البرازيل.
فيديو قد يعجبك: