"مصنوع من التيتانيوم ومقاوم للحرائق".. ماهو الصندوق الأسود في الطائرة وما أهميته؟
كتب - هشام عبد الخالق:
شهد يوم الأحد الماضي كارثة جوية، إذا تحطمت طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية، التي كانت في رحلة من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى العاصمة الكينية نيروبي، إلا أنها سقطت بعد ست دقائق من إقلاعها وقُتل جميع من كان على متنها، وعددهم 157 شخصا.
الطائرة من طراز بوينج 737 ماكس 8، وأوقف عدة دول من بينها الولايات المتحدة وتونس ودول الاتحاد الأوروبي، التشغيل التجاري للطائرات البوينج من هذا الطراز في أعقاب الكارثة.
ولم يتضح بعد سبب وقوع الكارثة، ولهذا ازداد البحث عن الصندوق الأسود الخاص بالطائرة، حتى تم العثور عليه وإرساله لفرنسا حتى يتم تحليل بياناته التي سجلها.
فكرة الصندوق الأسود
كان أول "صندوق أسود" من اختراع عالم أبحاث الطيران الأسترالي الذي يُدعى ديفيد وارن، سنة 1956، وذلك بعد تحطّم أوّل طائرة مدنيّة في العالم عام 1953، ومشاركة وارن في التحقيق لمعرفة سبب الكارثة التي تعرّضت لها الطائرة.
وعملَ ديفيد على تصنيع جهاز يعمل على تسجيل الأصوات وجهاز يعمل على تسجيل بيانات أجهزة الطائرة، على أن يكونا مقاومين للتحطّم والحريق، وأطلقَ عليهما اسم الصندوق الأسود.
مكونات الصندوق
يتكوّن الصندوق الأسود من صندوقين رئيسيين هما:
1- صندوق مسجلات الصوت
ويصنع هذا الصندوق من مادة التيتانيوم المقاومة للحرائق التي تصل حرارتها إلى 1100 درجة مئويّة، ويتحمّل ضغطًا يصل إلى 3 آلاف كجم، ووزنه لا يتعدّى 10 كجم.
ويعمل الصندوق على تسجيل الأصوات في قمرة القيادة، عن طريق مجموعة من الميكروفونات التي يصل عددها إلى 4 والتي تكون مثبّتةً في سماعة الطيّار، وسماعة مساعد الطيار، وسماعة أحد الأشخاص من طاقم الطيران، وبالقرب من مركز قمرة القيادة، حيث تكون جميعها متصلة بجهاز تسجيل الأصوات، فتلتقط الميركوفونات الأصوات في قمرة القيادة وترسلها إلى جهاز تسجيل الصوت، فتصادف الأصوات المُرسلة في طريقها جهازاً يُسمّى وحدة التحكم المرتبطة والتي تعمل على تضخيم الصوت قبل وصوله إلى جهاز تسجيل الصوت. وعند وصول الصوت المضخم إلى جهاز تسجيل الصوت يعمل على تحويل الصوت إلى إشارات ثمّ يقوم بحفظها على شرائط مغناطيسيّة تسجل لغاية ساعتين، حيث يتمّ تسجيل 30 دقيقة جديدة بدل 30 دقيقة قديمة.
2- صندوق مسجلات البيانات: يصل طول الصندوق إلى 0.5م وعرضه 0.13م، ومصنوع من مادة التيتانيوم التي تمنع اختراقه، أو اهتزازه، أو تعرّضه للاحتراق لأنّها تقاوم درجات حرارة تصل إلى 1100 درجة مئويّة لمدّة 30 دقيقة.
ويعمل الصندوق على تسجيل بيانات الرحلة، عن طريق أجهزة استشعار سلكية متصلة بمناطق مختلفة من الطائرة، تعمل على إرسال أية تغيّرات في بيانات الرحلة إلى صندوق تسجيل البيانات، وهذا الصندوق عبارة عن أشرطة مغناطيسيّة تسجّل ما يفوق 100 عامل قد يتغيّر أثناء الرحلة، أمّا إذا استخدمَت أشرطة صلبة فهي قادرة على تسجيل مئات إلى آلاف بيانات العوامل المتغيّرة، وذلك لأنّها تسمح بتدفق أسرع للبيانات. ومن العوامل التي يمكن تسجيلها أثناء الرحلة: زمن الطيران، الضغط، السرعة الجوية، التسارع عمودي، الاستقرار الأفقي، وغيرها.
طريقة تصميم الصندوق الأسود مميزة، بحيث لا يتم فقدان المعلومات المخزنة عليه عند وقوع الطائرة أو تحطمها أو انفجارها واشتعال النيران بها، وطريقة تصميمه تضمن الاستفادة منه لمعرفة سبب الحادثة.
المواد المستخدمة في الصندوق الأسود
استُخدمت مجموعة من الطبقات التي تُغطي الصندوق الأسود، وهي كما يأتي: الألمنيوم: تُحاط بطاقات الذاكرة في الصندوق الأسود بطبقة رقيقة من الألمنيوم. السيليكا: تُطلى بطاقات الذاكرة بمادة السيليكا بسماكة بوصة واحدة، والتي تعمل على حمايتها من الحرارة العالية. الفولاذ أو التيتانيوم: بعد وضع الطبقات السابقة تُحاط البطاقات بصندوق مطليّ بالفولاذ الصلب المقاوم للصدأ أو بطبقة من التيتانيوم، حيث يصل سمك الطبقة إلى 0.25 بوصة.
كيفية العثور على الصندوق الأسود؟
يتمّ العثور على الصندوق الأسود بالاعتماد على أجهزة متطورة محمولة على الغواصات أو تقنيات الكاشف المغناطيسيّ، أو مسبارات الاستشعار، وبعد ذلك يأخذ المُحلّلون الصندوق الأسود إلى المختبر لتحليل البيانات والأصوات المسجلة عليه، وقد تتطلب عمليّة استخراج البيانات أسابيع أو عدة شهورٍ.
فيديو قد يعجبك: