"قتيل وجميلة والرئيس لم يترشح".. مشاهد من احتجاجات الجزائر

كتبت- هدى الشيمي:

في مشهد مهيب امتلأت شوارع مدن وبلدات الجزائر بالمتظاهرين والمتظاهرات من كل الأعمار والطبقات الاجتماعية، للمشاركة في الاحتجاجات التي تُندد بتولي الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة فترة رئاسية خامسة، مُعربين عن رفضهم لترشحه في الانتخابات المُقرر إقامتها في أبريل المُقبل.

وشارك في الاحتجاجات التي خرجت أمس وأطلق عليها "الجمعة الحاشدة" عشرات الآلاف، حسب تقدير مراسلون أجانب من بينهم العاملون في وكالة أسوشيتد برس. واعتبر المراقبون الدوليون احتجاجات أمس الأكبر منذ تولي بوتفليقة الرئاسة عام 1999، كما أن عدد المشاركين فيها فاق عدد هؤلاء الذين انضموا إلى مسيرات الجمعة الماضية.

وخرجت المظاهرات في عدة مدن أبرزها العاصمة، وسطيف، وعنابة، والبليدة، وغرداية، ووهران، وتيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة، وعنابة، والبويرة، والمسيلة، وبسكرة، وباتنة، والمدية، وتيارت، وسيدي بلعباس. وكانت المشاركة متفاوتة في هذه التجمعات، إلا أن الحشد الأكبر كان في العاصمة.

"سلمية والجيش اخوتنا"

رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها "سلمية والجيش أخوتنا"، مؤكدين رفضهم لأي احتكاك مع قوات مكافحة الشغب والدرك الوطني. فيما ردد المتظاهرون هتافات رافضة للسلطة الحالية داعين إلى "جزائر جديدة".

ومع ذلك استخدمت قوات الأمن قنابل الغاز السيل للدموع في مواجهة الشبان الذين رشقوها بالحجارة، وأسفرت الصدامات عن إصابة 56 شرطيا وسبعة محتجين، كما تم توقيف 45 شخصا، خمسة منهم كانوا بالقرب من فندق الجزائر الدولي. وفق البيان الرسمي الصادر عن الشرطة. وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، أمس الجمعة، عن اصابة 57 شرطيا وسبعة مواطنين تم إسعافهم من قبل الشرطة.

الرئيس لم يُقدم أوراق الترشح

من المُقرر أن تنتهي غدًا الأحد المُهلة الممنوحة للراغبين في الترشح للانتخابات بتقديم أوراقهم، وحتى هذه اللحظة لم تُقدم حملة بوتفليقة أوراق ترشح الأخير، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.

ويتواجد بوتفليقة الآن في سويسرا لإجراء فحوص طبية، حسب مسؤولين جزائريين، إلا أن الحكومة لم تصدر بيانا رسميا بهذا الخصوص.

وتدهورت أوضاع الرئيس الجزائري الصحية بعد إصابته بجلطة في عام 2013، ومنذ ذلك الحين لم يظهر على الملأ سوى مرات قليلة، ما يدفع المتظاهرون وبعض الأطياف السياسية إلى تأكيد أنه غير مؤهل صحيا لحكم البلاد.

جميلة مع المتظاهرين

رغم أنها تعتبر من أصدقاء الرئيس الحالي، إلا أن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد شاركت في احتجاجات أمس الجمعة، رافعة لافتة "صديق أمس عدو اليوم"، واستقبلها المحتجون بترحيب كبير،حسبما نقلت وسائل إعلام محلية.

وحرص المتظاهرون على حمايتها ومنع تعرضها للأذى، ووتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركون في التظاهرات، صورا ومقاطع فيديو لأيقونة الثورة الجزائرية، 83 عامًا، وبعض أعضاء الأحزاب السياسية والقوى الوطنية من بينهم رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، ورئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله وهم مع المتظاهرين.

التليفزيون الرسمي يعرض المظاهرات لأول مرة

للمرة الأولى منذ بدء التحركات عرض التليفزيون الوطني الجزائري التظاهرات الحاشدة التي تشهدها البلاد أمس الجمعة، إذ افتتح التلفزيون الوطني الجزائري نشرته الإخبارية بمشاهد لتظاهرات في العاصمة الجزائرية لكن دون الإشارة إلى أن المحتجين يطالبون برفض ترشح الرئيس الحالي لولاية خامسة.

وقال التلفزيون، حسبما نقلت وكالة فرانس برس، إن المتظاهرين الذين نزلوا بكثافة للشارع في العاصمة وباقي مدن اللابد، طالبوا بـ"تغيير سلمي"، كما أشار إلى المواجهات التي وقعت بين مجموعات من الشبان والشرطة في نهاية تظاهرة العاصمة، لافتا إلى تجاوزات اضطرت قوات الأمن إلى استخدام الغاز المسيل للدموع.

جاء ذلك بعد تنديد بعض العاملين في وسائل الإعلام الرسمية بالتضييق المفروض عليهم من رؤسائهم، ومنعهم من تغطية الأحداث المتعلقة بحركة الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد، ما دفع مئة صحفي يعملون في وسائل الإعلام العامة المكتوبة والمرئية والمسموعة إلى التجمع، أول أمس الخميس، في وسط العاصمة للتنديد بالرقابة وضغوط رؤسائهم التي يواجهونها خصوصا في تغطية حركة الاحتجاج.

وفاة نجل أول رئيس للجزائر

أكد وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي وفاة حسان بن يوسف بن خدة، ليكون أول القتلى من بين المتظاهرين المحتجين على ترشح بوتفليقة للانتخابات.

وحسان بن خدة، وهو ابن يوسف بن خدة رئيس الحكومة المؤقتة خلال ثورة التحرير الجزائرية. وأشار وزير الداخلية، في تغريدة عبر تويتر، إلى فتح تحقيق لكشف أسباب وظروف وفاة المتظاهر أمس، مقدما تعازيه لعائلة الفقيد.

وحمل شقيق بن خدة النظام مسؤولية مقتله، قائلاً، عبر حسابه بموقع فيسبوك، إن العائلة تحمل العصابة الحاكمة وبلطجيتها سفك دم أخي وسنقوم بالإجراءات اللازمة للقصاص.