إعلان

الحب ينتصر.. كيف واجهت نيوزيلندا الإرهاب بتحركات إنسانية؟

10:18 م الأربعاء 20 مارس 2019

نيوزيلندا

كتب – محمد الصباغ:

اتخذت السلطات والمجتمعات المحلية في نيوزيلندا عدد من الخطوات السريعة والمهمة بعد هجوم الجمعة الإرهابي على المسجدين، والذي خلّف 50 قتيلًا، ما جعل رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن تتصدر المشهد بالكامل في وسائل الإعلام العالمية على مدار الأيام الماضي.

السير كان منسقًا ومتناغمًا بين الحكومة والمواطنين، فالمجتمعات الدينية المختلفة زارت المساجد والمسلمين وقدمت التعازي وعبّرت عن التضامن بعد المجزرة البشعة في مدينة كرايست تشيرش.

كما اتخذت الحكومة إجراءات لضمان عدم تكرار الهجوم، سواء على مستوى تقديم الدعم المعنوي وزيادة الروابط الإنسانية بين أفراد المجتمع، أو على مستوى تشديد القيود على امتلاك الأسلحة في البلاد.

رئيسة الوزراء سارعت بالحديث عن مأساوية الهجوم وأعلنت تسريع الإجراءات من أجل تسليم الجثامين وتنظيم الجنازات، بجانب التواصل مع البرلمان من أجل تشديد قوانين حيازة السلاح.

كما أعلنت، الأربعاء، أن وسائل الإعلام في نيوزيلندا سوف تبث مباشرة الأذان يوم الجمعة المقبل، بجانب إقامة حفل تأبين لضحايا الهجوم.

وصرحت بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية أن المذبحة "عمل إرهابي فردي وصادم، استهدف مجموعة من النيوزيلنديين تجمعوا للصلاة في مكان آمن".

وأعلنت أيضًا أن حفل تأبين الضحايا سيشهد وقفة صمت لمدة دقيقتين، ومن المتوقع حضور عدد من قادة العالم يوم الجمعة للمشاركة.

ونستعرض ما قامت به الحكومة والمجتمعات المحلية في نيوزيلندا بعد الجمعة الأسوأ في تاريخ البلاد.

خرجت رئيسة الوزراء لإدانة الحادث ووصفته على الفور بالعمل الإرهابي، وامتنعت عن ذكر اسم القاتل الذي وصفته بالإرهابي والمتطرف.

1

اعتبرت أرديرن (38 عامًا) أن الهجوم استهدف مواطنين من نيوزيلندا وتعاملت من هذا المنطلق، وأكدت في كلماتها المتكررة لوسائل الإعلام على ذكر كلمة البلاد بشكل عام دون تخصيص الجالية المسلمة، وصرحت: "اليوم بينما تشعر البلاد بالحزن، نحن نسعى للحصول على إجابات".

وسريعًا أيضًا، أعلنت يوم السبت وبعد ساعات من الهجوم، بدء العمل على تشديد قوانين حيازة السلاح وطالبت السلطات المواطنين الذين يمتلكون أسلحة شبه آلية بتسليمها، وهو الأمر الذي شهد تفاعلا كبيرًا.

وكشفت فيما بعد أن مجلس الوزراء اتخذ قرارات من حيث المبدأ لإدخال تعديلات على قوانين السلاح ستعلنها يوم الإثنين المقبل، وأن الوقت قد حان لفرض قيود على امتلاك السلاح.

تحركت أيضًا السلطات في اتجاه علاج القصور الذي ربما وقع وتسبب في الكارثة، وقالت رئيسة الوزراء إن تحقيقًا سيبدأ من أجل معرفة ما إذا كانت الوكالات الحكومية "تعرفه أو ما كان من الممكن أن تعرفه، أو كان ما يجب أن تعرفه" عن المسلح، وما إذا كان من الممكن منع الهجوم قبل حدوثه أم لا.

بالتزامن من تحركات رئيسة الوزراء كانت عمدة مدينة كرايست تشيرش، ليان دالزيل، تعمل على الاهتمام بإجراءات الدفن وتحديد هوية الضحايا.

وأعلنت بعد الهجوم أن موظفي مجلس المدينة يعملون على إعداد مواقع المقابر حتى تجرى عمليات الدفن في أسرع وقت حسب التعاليم الإسلامية.

"قرآن في البرلمان"

بدأت جلسة البرلمان النيوزيلندي، الثلاثاء، بتلاوة آيات من القرآن تكريماً لضحايا الهجوم، ووقف جميع الأعضاء أثناء قراءة القرآن داخل القاعة.

وبدأ أحد الشيوخ بالدعاء للضحايا بالرحمة والمغفرة، وإلى عائلتهم بالصبر وأن يعم السلام نيوزيلندا والعالم، وسط هدوء والتزام الحاضرين بالقاعة الذين رددوا خلفه "آمين".

"ارتداء الحجاب"

أمضت أرديرن وقتًا مع عائلات الضحايا بل وارتدت الحجاب تكريمًا لهم، واستخدمت في بداية كلمتها بأول جلسة للبرلمان تحية الإسلام لافتتاحها.

عادت وأكدت مرة أخرى على أن قوانين حيازة الأسلحة "ستتغير"، وتعهدت بحظر الملكية الخاصة للبنادق شبه الآلية. وفي أول لقاء لها مع المجتمع الإسلامي في نيوزيلندا يوم السبت، ارتدت حجابا أسود اللون واحتضنت الأسر الحزينة.

وقالت للأسر: "نحن نشعر بما حدث لكم بعمق في قلوبنا. نشعر بالحزن. نشعر بالظلم. نشعر بالغضب. ونشارككم ذلك" .

لم تترك أرديرن أيضًا طواقم الإغاثة والتقت بهم في المدينة التي شهدت الهجوم، والتقت بالمسئولين المسلمين وطلاب إحدى المدارس التي راح اثنين من طلابها ضحية الهجوم.

2

ووصف المحلل السياسي برايس إدواردز تعاملها مع الهجوم بأنه رائع، قائلًا: "لقد كان تعاملها مع فظاعة العمل الإرهابي في كرايستشيرش رائعا للغاية".

وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية، الأربعاء: "على الرغم من وجود شكوك في السابق بشأن خبرة وقدرات أرديرن، إلا أن هذه التساؤلات لاقت ردود فعل تفوق الإجابات المطلوبة خلال الأيام الخمسة الماضية". كما تابع القول: "كانت حساسة لكنها قوية".

لم تغفل أيضًا رئيسة الوزراء الشابة وسائل التواصل الاجتماعي التي تسببت في نشر مقطع الفيديو للواقعة بشكل كبير، واعتبرت أن وسائل التواصل تحتاج إلى التوقف عن التظاهر بأنها محايدة.

وكان الإرهابي منفذ الهجوم بث عملية القتل بشكل مباشر عبر حسابه على موقع فيسبوك، الذي أعلن أنه حذف 1.5 مليون مقطع فيديو للواقعة في أول 24 ساعة بعد الهجوم.

وصرحت رئيسة وزراء نيوزيلندا عن شركات التواصل الاجتماعي: "النشر يكون عن طريقهم، ولا يمكن أن يكونوا مسؤولين عن الربح دون مسؤولية عن الحدث نفسه".

فيديو قد يعجبك: