الغجري الذي لا يحبه أحد من أبناء جلدته
لندن (بي بي سي)
يعيش في فرنسا نحو نصف مليون غجري ولكن واحداً منهم فقط يحتل منصب عمدة، والأمر المثير للفضول أنه يحظى بشعبية في الدوائر التي تخلو من الغجر أكثر من شعبيته بين أبناء جلدته.
ويزور مدينة كاركازون ذات القلاع التاريخية والجبال السوداء نحو مليوني شخص سنوياً، ولكن هناك مكان لا يعرفه الزائرون ويتجنبه أبناء المنطقة.
ففي منطقة تحمل اسم "قرية الأمل" يوجد العديد من الكارافانات أو البيوت المتنقلة التي يعيش فيها مجتمع الغجر الذي يضم نحو 300 شخص، يفتقرون للطرق المعبدة، وتنتشر فيها السيارات الخردة، وغيرها من المخلفات.
الجذور
وأغلب هؤلاء لهم جذور في شمال إسبانيا وشمال فرنسا وألمانيا وشرق أوروبا ويشار لهم باسم روما. والغجر الجنوبيون يتحدثون في بيتهم اللغة الكتلانية رغم أنهم يعيشون في فرنسا منذ عقود.
وتعد قرية الغجر جزءاً من قرية برياك البالغ عدد سكانها 1100 شخص، ويعيش فيها العمدة الغجري الوحيد المنتخب في فرنسا ميشال سولي البالغ من العمر 57 عاما والذي تهيمن اللكنة الجنوبية على لسانه، ويضع موسيقا الفلامينغو الغجرية كنغمة موسيقية لهاتفه المحمول. والغريب أنه رغم ذلك لا يتمتع بشعبية كبيرة بين الغجر.
ولد ميشال عام 1961 بجوار مقلب نفايات غير قانوني ولديه 10 أشقاء، وكانت والدته قد زوجته وعمره 16 عاما بفتاة لم يلتقيها من قبل وظل مرتبطا بها لـ 17 عاما حيث أنجبا 4 أبناء. وبعد طلاقه وهو في سن الـ 38 اكتشف الحب الحقيقي وتزوج من خارج مجتمع الغجر، وهو أمر كان من المحظورات من قبل.
عمدة بالصدفة
وكان ميشال قد أصبح عمدة بالصدفة. فقد كان يعمل موظفاً بمكتبة محلية وعضوا في المجلس البلدي وعندما توفي عمدة البلدة طلب منه شغل المنصب حتى الإنتخابات المقبلة، وفي الانتخابات التي جرت عام 2014 فاز بأغلبية 70 في المئة.
لكنه لم يفز بفضل دعم مجتمع الغجر بل رغما عنه، فقد كانت خططه بشأن إغلاق الضيعة وإعادة توطين سكانها معلنة، مشيرا إلى أنه يسعى لدمجهم في المجتمع الفرنسي لكسر دائرة الفقر التي تحيط بهم.
وتشير الإحصائيات إلى أن نصف الغجر في المنطقة لا يعرفون القراءة والكتابة والعديد من الأطفال يتسربون من التعليم والكثيرون يدخلون عالم الجريمة والسجون.
ورغم ذلك لم تحظ وجهة نظر ميشال بشعبية في قرية الأمل. وقد انتقل بالفعل بعض الغجر من أصحاب العمل لدوام كامل، ولكن أغلب من استمر في الإقامة في القرية يعارض خطط العمدة الذي لا يستقبل بشكل جيد في شوارعها.
مقاومة التغيير
وقال سيلفيان، وهو متزوج بغجرية من المنطقة : "إن مقاومة التغيير والقانون جزء من ثقافتهم، فهم لا يحبون فرض أي شيء عليهم".
وسيتم في العام المقبل هدم ثلاثة من منازل الغجر الذين سينقلون لمساكن تابعة للبلدية، وعقب ذلك سيتم هدم 19 منزلاً آخر.
ويسعى العمدة ميشال حاليا للحصول على نصائح من مجتمعات الغجر التي اندمجت حول سبل كسر عزلتهم الاجتماعية.
لكنه لم يقرر بعد ما إذا كان سيخوض مجدداً إنتخابات العام المقبل، مشيراً إلى أن هذا المنصب يستنزفه وهو محصور بين الغجر الذين يتهمونه ببيعهم، وأولئك الذين يتهمون الغجر بزعزعة الأمن.
ومثل العديد من البلدات صوتت برياك لمرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في الإنتخابات الرئاسية عام 2017 مما جعل ميشال رمزا للأمل في مجتمع منقسم.
فيديو قد يعجبك: