تحليل لـ "بوليتيكو": ماذا بعد اعتراف ترامب بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان؟
كتب - هشام عبد الخالق:
فاجئ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، بإعلان نيته الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المُحتل عبر تويتر، الناخبين الإسرائيليين قبل أسبوعين فقط من الانتخابات في 9 أبريل المقبل.
ورحب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالقرار، مثلما فعل منافسه الانتخابي في الانتخابات.
وتقول مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، في تقرير لها اليوم الجمعة، إنه بغض النظر عن رمزية الحركة التي أعلنها ترامب بالنسبة للإسرائيليين، إلا أن القرار سيكون له رد فعل عنيف، فهو يضر بأمن إسرائيل ويقوض مصالح أمريكا في الشرق الأوسط وأكثر من ذلك.
وأشارت المجلة، إلى أن نتنياهو في وسط معركة سياسية يحاول فيها الحفاظ على مستقبله، فسعيه للفوز بإعادة الانتخاب يواجه عقبتين كبيرتين، الأولى اقتراب إدانته بتهم الفساد، والعقبة الثانية هي تحالف "أبيض - أزرق"، الذي يتكون من 3 جنرالات سابقين ووزير مالية سابق، وأصبح يمثل تحدياً بالفعل على نتنياهو.
لا يستطيع نتنياهو النجاة من المستقبل المظلم الذي ينتظره، بحسب المجلة، إلا بعد الفوز في الانتخابات وتمرير قانون يمنحه الحصانة أثناء وجوده في منصبه.
وتضيف المجلة، أن ترامب بدلًا من أن ينتظر زيارة نتيناهو لمكتبه الأسبوع المقبل؛ قرر إعلان اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان عبر تويتر، وأدى هذا لإلقاء المزيد من الضوء على قصة فساد جديدة حول كيف اشترى أحد أقارب نتنياهو أسهم رئيس الوزراء في إحدى شركات الصلب المتعثرة، وهو ما وفر له ربحًا كبيرًا بشكل مثير للريبة.
سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان ممتدة منذ ما يقرب من 5 عقود، ولم تكن هناك أي إشارة لتغيير الوضع في المستقبل القريب، كما أن القضية لم تكن محل إثارة للجدل في العالم، بحسب المجلة، فالحرب الأهلية في سوريا لم تفعل شيئًا سوى أن زادت من قوة وجود المحتل هناك، ولكن قرار ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل القانونية على الجولان له عواقب سلبية كبيرة، لكل من دولة الاحتلال الإسرائيلي، والدبلوماسية العربية الإسرائيلية والولايات المتحدة وكذلك العلاقات الخارجية الأمريكية أيضًا.
وفسّر التقرير ما يقصده، وقال: "القرار الأمريكي سيقضي على النفوذ الأمريكي المُتبقي لـ ترامب في منطقة الشرق الأوسط، ويدّعي الرئيس السوري بشار الأسد أنه على حق مبررًا قوله، بأن الدولة التي وافقت على الاستحواذ الدائم على جزء من الأرض السورية (الجولان) من قبل أحد جيرانها (إسرائيل) لا ينبغي أن يكون لها أي دور في مستقبل سوريا.
وسوف يستفيد أيضًا كلًا من إيران ومنظمة "حزب الله" بسبب هذا، فبما أن الرئيس ترامب وافق على استحواذ الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، فسيكون هذا مبررًا لعملياتهم ضد إسرائيل، وسيكون من الصعب على الدول العربية أن دعم واشنطن ضد إيران وحزب الله.
وأوضحت المجلة، أن هدية ترامب إلى نتنياهو بالاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، لا توفر أي دعم عسكري إضافي لها، بل قد تدفع الروس، تحت ضغط من الأسد وإيران وحزب الله، إلى اغتنام هذه الفرصة لزيادة تقييد حرية الاحتلال في حركته في السماء السورية. قد تكون إسرائيل حققت نصرًا رمزيًا، لكن عندما يتعلق الأمر بالمعركة الحقيقية التي يخوضها جنرالاتها في سوريا، فهم وحدهم.
وأشارت المجلة، إلى العامل الثاني الذي سيتأثر بسبب قرار ترامب، هو خطة السلام التي طال انتظارها ووضعها مستشارو البيت الأبيض جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات، وذلك لأن هذه الخطوة (اعتراف ترامب بسيادة الاحتلال على الجولان) تقوض آفاق التعاون الإقليمي العربي الذي يبدو أن جهودهم تعتمد عليه.
وأوضحت المجلة، أنه بعد حرب عام 1967، أصدرت الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في هذا الصراع كجزء من سلام عادل وشامل ودائم. وكان هذا القرار يحكم الدبلوماسية العربية الإسرائيلية منذ ما يقرب من نصف قرن. وبالفعل، فإن قرار مجلس الأمن رقم 242 مكتوب في معاهدات السلام المصرية الإسرائيلية والأردنية الإسرائيلية.
وتثير حركة ترامب التساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تؤيد هذه الاختصاصات، وأسس التقارب العربي الإسرائيلي، ورعاية الولايات المتحدة وقيادة عملية السلام العربية الإسرائيلية.
وليس هناك شك، بحسب المجلة، في أن الحكومات العربية الكبرى سوف تقرأ خطوة ترامب على أنها تقوض التزام الولايات المتحدة بالقرار رقم 242، وبالنظر إلى تصرف الرئيس، ما مدى احتمال أن تصدق الدول العربية أي التزامات أمريكية تعهدت بها الولايات المتحدة لصالح خطة جاريد كوشنر للسلام؟ وما مدى احتمال أن تستثمر الحكومات العربية في خطة سلام ترعاها الولايات المتحدة الآن؟ خاصة بعد أن قوض ترامب للتو أربعة عقود من الدبلوماسية العربية الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة.
وقالت المجلة، إن قرار ترامب الأخير لا يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة بشأن النزاع العربي الإسرائيلي فحسب، بل أيضًا مع ميثاق الأمم المتحدة نفسه، وتحديدًا، مبادئ المادة 2 المتعلقة بالحل السلمي للنزاعات الدبلوماسية ورفض التهديدات المتعلقة بسلامة أراضي الدول الأعضاء، وكانت الدبلوماسية الأمريكية تعتمد في مناطق النزاع حول العالم على هذه المبادئ الأساسية للضغط على الدول الأخرى للتفاوض بدلاً من القتال.
وأشارت المجلة، إلى أن نتائج قرار ترامب ستتخطى الجولان، ولن تستطيع الولايات المتحدة مطالبة روسيا على سبيل المثال بإعادة جزيرة القرم إلى أوكرانيا، فإذا توقفت واشنطن عن التمسك بالمبدأ الدولي الأساسي الذي يعارض الاستيلاء على الأراضي بالقوة، يجب أن نتوقع أن تستولي مزيدًا من الدول على أراضي جيرانها بالقوة.
وتقول المجلة في ختام تقريرها، إن هذه النتيجة المظلمة تشير أيضًا إلى أن أي رئيس أمريكي قادم سيواجه تحدياً هائلًا في السعي لاستعادة القوة الأمريكية. وسيحتاج خليفة ترامب إلى التعاون مع المؤسسات متعددة الأطراف والحكومات المتشابهة في التفكير.
فيديو قد يعجبك: