إعلان

هآرتس: حروب جديدة ستبدأ بعد القضاء على داعش

01:46 م الأحد 24 مارس 2019

قوات سوريا الديمقراطية

كتبت- إيمان محمود:

استطاع مصطفى بالي مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، التعبير جيدًا عن النصر على تنظيم داعش الإرهابي؛ في بيانه قائلاً: "القضاء التام على ما يسمى الخلافة والهزيمة الإقليمية لداعش تحققت بنسبة 100٪"، وهي الكلمات التي أنهت القتال في آخر جيب للمجموعة، بقرية باغوز الواقعة على الحدود السورية العراقية.

ترى صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أنه رغم مرور خمس سنوات على إعلان أبو بكر البغدادي دولة الخلافة المزعومة، وأسابيع من القتال العنيف في معقلها الأخير، يبدو أن المعارك الإقليمية انتهت "لكن التهديد لم ينته".

وقالت الصحيفة إن داعش جندت حوالي 50 ألفًا، سيطرت من خلالهم على مساحات من أراضي سوريا والعراق، وصلت إلى حجم بريطانيا، وكانت تدير تلك المناطق التي كانت تضم ما بين 8 إلى 12 مليون شخص كما لو كانت دولة واحدة موحدة.

وأضافت أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط الحديث التي يؤسس فيها تنظيم إرهابي كيان على أرضًا مستقلة ويسعى إلى محو الحدود الدولية المرسومة بعد الحرب العالمية الأولى، مضيفة "إنها أيضًا المرة الأولى التي تحوّل فيها مجموعة حلم إقامة دولة إسلامية بحكم الخلافة إلى حقيقة واقعة".

وذكرت أن المحاولة الأخيرة كانت عندما غزت طالبان أفغانستان في غضون ست سنوات، وأسست دولة على غرار مبادئ الإسلام الراديكالي، ولكن على عكس داعش، لم تطالب طالبان بتوسيع نطاق حكمها إلى خارج أفغانستان أو تصدير ثورتها إلى بلدان أخرى.

حلم "الدولة الإسلامية" ليس جديدًا ولم يبدأ بتأسيس داعش، التي بدأت كحركة تابعة لتنظيم القاعدة، لن تختفي هذه الأيديولوجية بمجرد خلو سوريا والعراق من التنظيم المتطرف، وسيتم إحياءها بواسطة قادة جدد يسعون إلى النجاح من حيث فشل داعش، بحسب الصحيفة.

الخلايا النشطة

قالت الصحيفة، إن التهديد المباشر هو أن تغير داعش استراتيجيتها، فبدلاً من ترسيخ نفسها في مناطق محددة، ستستمر في العمل بالعديد من الأماكن حول العالم، وأن تنشئ معاقل جديدة وتبني التكتيكات المميزة لتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى.

وأضافت أن داعش لا يزال له فروع نشطة في ليبيا والفلبين وسيناء والمغرب واليمن وأفغانستان، بالإضافة إلى خلاياه في أوروبا ذات مصادر تمويل وإمداد الأسلحة، مشيرة إلى أنه حتى عندما يتم القبض على البغدادي في نهاية المطاف –المُرجح اختبائه في محافظة الأنبار العراقية- فإن مرؤوسيه في القيادة سيظلون قادرين على العمل بشكل مستقل وتوظيف قدرة استخباراتية في جميع أنحاء العالم.

واستطردت: "وبنفس الطريقة، يمكن القول إن اغتيال أسامة بن لادن في عام 2011 لم يسحق منظمته، التي استمرت حروبها المحلية في سوريا واليمن وشمال إفريقيا".

لكن هآرتس أكدت في الوقت ذاته أن الهزيمة الإقليمية لداعش مهمة للغاية، إذ تتعلق الهزيمة بقدرة الجماعة على تمويل فروعها.

وأوضحت أن مُعظم ثروة داعش جاءت من حقول نفطية استولت عليها في سوريا وفي العراق، كما سرق التنظيم مليارات الدولارات التي تم إيداعها في بنوك تلك البلدان، كما حصّلت مئات الملايين من الدولارات من أموال الضرائب والرسوم الأخرى، واستخدمت العمال المحليين الذين كانوا ما زالوا يحصلون على رواتبهم من الحكومة العراقية.

أقامت داعش شبكة تجارية واسعة النطاق تراوحت بين العراق وسوريا عبر الأراضي الكردية وإلى تركيا، إذ باع التنظيم النفط للحكومة السورية واستحوذ على عشرات المصانع، بحسب الصحيفة التي قالت إن التنظيم سيضطر الآن إلى إيجاد مصادر دخل جديدة، ومن المحتمل أن تأتي من تمويلات ومن مجموعات أخرى، لكن التمويل سيكون أقل بكثير مما كانت تحصل عليه من قبل.

وطرحت الصحيفة بعض الأسئلة المُتعلقة بنهاية العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، حول مدة الوجود الأمريكي في سوريا ومستقبل الأكراد هناك، الذين تحملوا العبء الأكبر من القتال ضد التنظيم.

وأكدت أن السبب الرسمي لواشنطن في تورطها العسكري بسوريا، هو محاربة الإرهاب ووقف الزحف الداعشي، وهو ما يفقد معناه الآن، مشيرة إلى أنه في حال بقيت القوات الامريكية فإن دورها سيقتصر على حماية القوات الكردية، من هجمات أنقرة ودمشق.

ففي وقت سابق؛ أوضحت دمشق للأكراد أنهم يصنعون السلام مع النظام بشكل أفضل إذا كانوا لا يريدون مواجهة الجيش السوري.

ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا وبعد أن فرضت سيطرتها العسكرية على مدينة عفرين السورية الواقعة قرب حدودها، تخطط لمواصلة ما أسمته الصحيفة "رحلة الفتوحات في المحافظات الكردية"، وتدمير ما تعتبره تركيا قواعدًا إرهابية كردية، تشكل تهديدًا على أمنها القومي.

واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عند الوقوف أمام خيارين حماية الأكراد، أو تقديم تنازلات لتركيا، بالطبع "سيختار الأخير".

جبهة النُصرة المُزعجة

أما المنطقة الأخرى القابلة للاشتعال؛ هي محافظة إدلب، آخر جيب للمعارضة المسلحة وموطن عشرات الآلاف من المقاتلين من مختلف الميليشيات بما في ذلك جبهة النُصرة، وهي جماعة إرهابية تُعرف أيضًا باسم هيئة تحرير الشام، وتخطط روسيا وسوريا منذ شهور للسيطرة على إدلب والقضاء على الفصائل المُسيطرة عليها، وهو ما تقاومه تركيا خوفًا من أن تضطر لاستقبال مئات اللاجئين بسبب الاجتياح العسكري للمدينة.

وحذّرت الصحيفة من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المُسلحة، فستقع معركة أكثر دموية من المعركة التي جرت في باغوز على حدود العراق، لافتة إلى أن السؤال الأهم من احتمالية التوصل إلى اتفاق أم لا، هو "إلى سيذهب المقاتلون، وخاصة مقاتلي جبهة النُصرة، أكبر فصيل مُسلّح في إدلب.

أيضًا طرحت الصحيفة سؤالاً آخر يتعلق بعودة المقاتلين إلى بلدانهم الأصلية –سواء في الشرق الأوسط أو روسيا أو أوروبا- طارحة مخاوف من نقلهم جبهة النُصرة وأفكارها من سوريا والعراق إلى بلادهم، ما سيؤدي إلى عبء على هذه البلدان، التي تنشغل بالفعل في تعقب الخلايا الإرهابية وإحباط الهجمات الإرهابية ، بنجاح إلى حد ما.

على رأس التحديات الجديدة، التي ذكرتها الصحيفة، عبء مساعدة مئات الآلاف من الأسر التي فرّت من بلادها على مرّ السنين خلال الحرب ضد داعش، فوفقًا للتقارير الواردة من العراق، فإن برنامج إعادة التأهيل الذي وعدت به الحكومة لا يزال غير ساري المفعول بالكامل، ولم تصل المساعدات الحكومية بعد إلى معظم المدن والقرى، على الرغم من أن رئيس الوزراء العراقي أعلن هزيمة داعش في بلده منذ عامين.

ومن المتوقع أن يحتاج العراق إلى حوالي 100 مليار دولار لاستعادة الحياة في هذه المدن، أما في سوريا، سينتظر مئات الآلاف من النازحين حتى تتم إعادة إزالة الألغام والمتفجرات من المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش، وإعادة إعمارها.

وأكدت الصحيفة، أن إعادة إعمار هذين البلدين سيتطلب مساعدة دولية، وهو خيار لا يبدو واقعيًا في الوقت الحالي، خاصة بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها ليست حريصة على المساعدة في إعادة بناء سوريا، إذا لم يكن لدى البلاد نظام مستقر ومتفق عليه، بالنسبة لهؤلاء المدنيين، فإن نهاية الحرب ضد داعش هي بداية حرب وجود جديدة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان