لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"تحرّش جنسي وإهانات".. سودانيات يتجرّعن مرارة التمرّد على نظام البشير

04:35 م الخميس 28 مارس 2019

احتجاجات السودان - ارشيفية

كتبت- رنا أسامة:

جود طارق، فتاة تبلغ من العمر 23 عامًا، أُلقي القبض عليها ثلاث مرات منذ اندلعت احتجاجات السودان المُناهضة لحكم الرئيس عمر البشير في ديسمبر الماضي. في إحدى المرات، كسرت قوات الأمن ذراعها، على حد قولها، وفي مرة أخرى حلقوا شعرها.

تقول طارق لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "أول مرة تم اعتقال من وسط الخرطوم، بينما كانوا يقلّوني في شاحنة كبيرة إلى الحجز، صبّوا الماء البارد على ظهري، وقام أحدهم بتمزيق حجابي وقطع كعكة شعري بشفرة حلاقة".

تُشير الصحيفة البريطانية في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني، الخميس، إلى أن طارق تُمثّل واحدة من بين آلاف السودانيات اللائي عانين لفترة طويلة من قمع نظام البشير، وظهرن بأعداد هائلة في طليعة حركة الاحتجاجات الشعبية التي دعته إلى التنحي. أصبحت المظاهرات، التي اندلعت شرارتها الأولى في ديسمبر تنديدًا برفع أسعار الخبز، أكبر تهديد لحكم البشير منذ استيلائه على السلطة في انقلاب عسكري عام 1989.

"تمرّد دراماتيكي"

في البداية، قاد الحركة الاحتجاجية أشخاص معظمهم من الأطباء والمُحامين وغيرهم من المهنيين الذين سئموا من التدهور الاقتصادي، ثم توسّعت وضمّت المزيد من النساء والشباب والقادة السياسيين الغاضبين من فساد النظام والسلطوية. قُتل 57 محتجًا على الأقل واعتقل المئات منذ بدء الاحتجاجات. وفي فبراير الماضي، أعلن البشير حالة الطوارئ، وعيّن مسؤولين عسكريين وأمنيين لإدارة 18 ولاية في السودان.

وتقف السودانيات الآن في طليعة حركة الاحتجاجات الشعبية الدائرة، وغالبًا ما يخرجن إلى الشوارع بأعداد أكبر من الرجال، وفقًا للناشطة السودانية إحسان فاجري، رئيس مبادرة "لا للاضطهاد للمرأة"، وهي منظمة حقوقية.

في كثير من الأحيان، تُظهِر مقاطع الفيديو لاحتجاجات السودان مئات النساء يُرددن شعارات معادية للحكومة. في بعض الحالات، فإن 80 بالمائة من المحتجين، بحسب تقديرات السيدة فاجيري، كانوا نساء.

وترى فاجيري أن مشاركتُهن تُمثّل تمردًا دراماتيكيًا ضد الديكتاتوري المسن - الذي ما زالت تُلاحقه المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم الحرب المزعومة في إقليم شرق دارفور- وضد ما يُعرف بقوانين الأخلاق في البلاد، والتي قلصت حقوق المرأة في التسعينيات.

ويواجه البشير الآن أوسع معارضة لحكمه منذ ثلاثة عقود على رئاسته. تقول روزاليند مارسدن، السفيرة البريطانية السابقة لدى الخرطوم والخبيرة في الشؤون السودانية بمركز تشاتام هاوس: "بخروجهم للاحتجاج بهذه الأعداد، وتحدّيهن المُستمر لقوات الأن، أصبحت النساء السودانيات قوة سياسية مهمة جديدة حقًا".

تُشير الصحيفة إلى أن نساء السودان لديهُن باع طويل على الصعيدين السياسي والاجتماعي. الدكتورة خالدة زاهر، أول طبيبة في السودان، اعتُقِلت وجلدت عام 1946 لمعارضتها الحكم البريطاني. وفي وقت لاحق من عام 1951، شاركت في تأسيس الاتحاد النسائي السوداني، الذي ناضل من أجل حق المرأة في التصويت والمساواة في الأجور ولعب دورًا رئيسيًا في احتجاجات الشوارع التي أطاحت بالحكومات الديكتاتورية في عامي 1964 و 1985.

بعد 75 يومًا على اعتقالها داخل سجن درمان لمشاركتها في الاحتجاجات، قالت الناشطة فاجري إن "النساء في السودان ثوريات ويدركن حقوقهن". تم سجنها لمدة 75 يومًا لمشاركتها في الاحتجاجات. وأضافت بعد إطلاق سراحها من سجن أم درمان الأسبوع الماضي: "هذه الحكومة تريد أن تجعلنا مواطنين من الدرجة الثانية وهذا لن يحدث".

من جهة أخرى، تلفت الصحيفة إلى أنه بعد تولّي البشير السلطة عام 1989، شدّد تحالفه المؤلّف من قادة عسكريين ورجال دين القوانين الإسلامية لكسب الدعم الدبلوماسي في الخليج وتعزيز سيطرتهم في الداخل.

بموجب تلك القوانين الغامضة، ينبغي على النساء تغطية رؤوسهن في الأماكن العامة والحصول على موافقة ولي أمرهن على الزواج، ويواجهن عقوبة الجلد أو حتى الإعدام في بعض "الجرائم" مثل الزنا. يقول كثير من السودانيين إن القوانين، التي تميل إلى استهداف الفقراء والمهمشين بدلاً من الأغنياء والأقوياء، تتعارض مع التسامح الديني والثقافي للمجتمع السوداني.

تقول سارة عبدالجليل، المتحدثة باسم جمعية المهنيين السودانيين التي قادت العديد من المظاهرات: "ما يحدث الآن أمر إيجابي وينبغي أن تفخر النساء بأنفسهن". وقالت "رغم كل الضغوط التي تتعرض لها النساء في السودان، فقد أظهرن أن مقاومتهن أقوى من إرهاب الحكومة".

"ثورة نسائية"

وإلى جانب التظاهرات، ظهرت المقاومة النسائية بطرق مختلفة، فعلى إحدى المجموعات السودانية على موقع فيسبوك، التي دُشّنت بالأساس بهدف الكشف عن الأزواج المُخادعين، تحاول العُضوات البالغ عددهن 340 ألفًا تحديد عملاء المخابرات السريين الذين أساءوا معاملة المتظاهرات، من الصور المُلتقطة خلال الاحتجاجات.

وعلى غِرار ما تعرّضت له الشابة السودانية جود طارق، تزعم أُخريات بتعرّضن للإهانة وسوء المعاملة من جانب أجهزة الأمن فور اعتقالهن خلال الاحتجاجات. تقول إحداهن للفاينانشال تايمز، شريطة عدم الكشف عن هويتها، إن اثنين من رجال الأمن ربطوها في كرسي وقام ثالث بقطع شعرها بشفرة.

وقالت أُخريات إنهن تعرّضن للتحرش الجنسي أثناء احتجازهن ومُنِعن من رؤية أسرهن. حكت إحداهن، طلبت عدم الكشف عن هويتها، عن مُلابسات اعتقالها في يناير الماضي: "أحد ضباط الأمن ظل يلامس شعري وشعر الأخريات اللائي اعتقلن معي". وأضافت "لم نتمكن من فعل أي شيء، لقد كانوا مسلحين".

ومع ذلك، تواصل مجموعات من السودانيات الاحتجاج. وفي احتجاج بالعاصمة الخرطوم، مارس الجاري، هتفت مجموعة من الطالبات الجامعيات: "يا بشير، اطلع برة، لا يمكنك مواجهة ثورتنا.. ثورتنا ثورة نسائية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان