لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد 8 سنوات من الثورة السورية.. الأسد يرقص على أطلال "الحرب والخراب"

07:13 م الخميس 28 مارس 2019

كتب - هشام عبد الخالق:

نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تقريرًا لما آلت عليه الأوضاع في سوريا، بعد ثمان سنوات على بدء الثورة في البلاد.

وتقول الصحيفة، في مستهل تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء، إنه بعد ثمان سنوات من بداية الثورة السورية، أصبح واضحًا وجليًا أن الرئيس بشار الأسد استطاع التغلب على المتظاهرين والمعارضين، خاصة بعد أن أرسل مؤيديه إلى الشوارع لقمع المظاهرات في الأشهر الأولى وكتابة جمل على شاكلة "الأسد أو إحراق البلاد".

وتابعت الصحيفة، أنه الآن بعد ثمان سنوات، دُمر الاقتصاد السوري، وقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب، ونزح ملايين آخرين، وتقبع العديد من المدن والقرى في الخراب والدمار، وعلى الرغم من ذلك يجلس الأسد مرتاحًا بعد أن استطاع إحكام قبضته على البلاد.

والآن، بعد سيطرة قوات الأسد على المدن التي كانت تحت جناح المعارضة في بداية الثورة، عادت الشرطة السورية أسوأ مما كانت عليه في السابق.

وأشارت الصحيفة، إلى أن قوات الأسد وبمساعدة من المليشيا الإيرانية على الأرض والقوات الجوية الروسية في الجو، تمكنت من استعادة السيطرة على مدن مثل الغوطة وريف حمص، وكذلك المنطقة الواقعة في جنوب سوريا والتي كانت تحت سيطرة المعارضة.

واختار غالبية السكان المحليين في تلك المناطق الاستسلام للنظام، بدلًا من النزوح من منازلهم إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في إدلب وحلب، والتي تتعرض باستمرار لغارات النظام السوري والقصف الجوي الروسي.

في 2011، بحسب الصحيفة، كان السوريون يفخرون بـ "كسر حاجز الخوف". لكن الخوف يسود الآن بشكل كبير، حيث تقوم مختلف أفرع الشرطة السرية السورية بشن غارات واعتقال عناصر مشتبه بها، الذين يكونون في الغالب نشطاء سابقون ومتمردون وعاملون في مجال الصحة والإنقاذ وقادة المجتمع المدني.

صورة 1

السوريون الذين يرغبون في إثبات ولائهم للنظام، أو تسوية حساباتهم الشخصية مع الآخرين، يبلغون عن أشخاص آخرين للنظام.

وقال سهيل الغازي، محلل سوري مقيم في إسطنبول للصحيفة: إن "السوريين يقومون بالإبلاغ عن بعضهم البعض؛ وأسباب ذلك عديدة، فبعضهم كان يفعل ذلك لسنوات، أو قد يكون بسبب احتياجهم لأموال أو خدمات من النظام".

ويشير الغازي، إلى أنه في المناطق التي استعادها النظام مؤخرًا، "كان بعض السكان المحليين من الموالين للنظام وبقوا هناك للعمل كمخبرين أو لعدم قدرتهم على المغادرة، والآن لديهم فرصة للانتقام من غالبية المدنيين الذين كانوا يحملون وجهات نظر موالية للمعارضة".

فقر وفساد وتربح من الحرب

وتقول الصحيفة، إن معظم سكان سوريا يعيشون الآن تحت خط الفقر، وبمعدلات بطالة مرتفعة في جميع أنحاء سوريا. وكان من أسباب هذا تعطل الاقتصاد العادي بسبب سنوات الحرب والهروب الجماعي لرجال الأعمال ورؤوس الأموال إلى الخارج. واختفت الطبقة الوسطى السورية إلى حد كبير، حيث فر الكثير منهم إلى البلدان المجاورة أو أوروبا، بينما يعيش آخرون الآن في فقر مدقع، بجانب معظم السوريين.

وتضيف الصحيفة، أنه في وسط كل هذا، تمكنت مجموعة صغيرة من مستغلي الحرب الذين يرتبطون بجماعات مسلحة من إثراء أنفسهم من خلال التجارة في النفط والأسلحة والآثار وسرقة المساعدات وتهريب الأشخاص والسلع داخل البلاد وخارجها وإلى المناطق المحاصرة، وكل هذا بينما يكافح معظم السوريين من أجل البقاء على قيد الحياة.

صورة 2

ويعتمد ما يقرب من ثلثي السوريين على المساعدات للحصول على لقمة عيشهم، في الوقت الذي لا تتوافر فيه الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز والمياه النظيفة والخدمات الصحية في أجزاء كثيرة من البلاد.

تشير التقارير الواردة من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلى أن الفساد أصبح أسوأ من أي وقت مضى. وكل ذلك بسبب الفوضى العامة وبروز مستغلي الحرب وفقر موظفي الخدمة المدنية، كل هذه عوامل أدت لتفاقم الفساد، الذي كان أحد أسباب اندلاع الثورة في بدايتها.

وقال أحد سكان اللاذقية، بشرط عدم الكشف عن هويته: "يوجد فساد في كل مكان. كانت الرشوة شائعة قبل الحرب، لكنها الآن أصبحت متوطئة".

ووصف مظاهر التباهي بالثروة غير المشروعة، قائلًا: "يتمتع المسؤولون رفيعي المستوى، هم وأسرهم، بمزيد من الحقوق. ويتجولون في المدينة في سيارات فاخرة ويفعلون ما يريدون. نصف البلاد يموتون من الجوع، في حين أن أبناء المسؤولين يتباهون بثرواتهم".

وأضاف، بالمال يمكنك أن تفعل كل شيء. هذا ليس بالأمر الجديد، لكنه أصبح أكثر وضوحًا بسبب الفوضى السائدة في سوريا.

لا عودة كبرى للنازحين

وتقول الصحيفة، إن 6 ملايين سوري على الأقل نزحوا من بلادهم بسبب الحرب الأهلية، ويعيشون في بلدان مجاورة، وفي 2018، زادت روسيا -أكبر داعمي الأسد- من اشتباكها من الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، مشجعة إياهم على إرسال اللاجئين إلى بلدهم مرة أخرى، مع مبالغ ضخمة من المال التي تلزم لإعادة إعمار البلاد.

صورة 3

ولكن، بحسب الصحيفة، رفضت الدول الأوروبية ذلك إدراكًا منها أن اللاجئين لن يكونوا آمنين في سوريا، ولكن لبنان والأردن -اللذان يستضيفا ما يقرب من 3 ملايين لاجئ سويًا يستهلكون الكثير من ميزانيتهم ويثيرون توترات اجتماعية- يضغطون على السوريين للعودة لبلادهم، وذلك عن طريق تبني سياسات تحرم اللاجئين من الإقامة وتمنع اندماجهم في سوق العمل المحلي.

وتقول الصحيفة، إنه على الرغم من هذه السياسات القسرية والبيئة غير المرحب بها بشكل عام في البلدان التي يقيمون فيها، فإن القليل من اللاجئين السوريين يتطوع للعودة إلى وطنه.

وأوضحت الصحيفة، أن التقارير تشير إلى أن العديد من اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا قد تم اعتقالهم وقتلهم تحت التعذيب. وقاومت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي تتجنب انتقاد النظام السوري للحفاظ على تصريح دخولها إلى البلاد، من أجل التصديق على أن العائدين إلى سوريا سيكونوا آمنين.

كثير من السوريين لا يعودون لأنهم لا يملكون منازل يقيمون بها بعد عودتهم، كما أنهم يفتقرون إلى الوثائق لإثبات أنهم يمتلكون شيئًا. وتقوم الحكومة السورية بمصادرة الممتلكات من خلال سلسلة من القوانين التي تهدف إلى نزع ملكية مؤيدي المعارضة.

وقالت الصحيفة، إن النظام السوري مفلس. وتُخصص ميزانية الدولة بالكامل تقريبًا، لتوفير الخدمات الأساسية ودفع رواتب موظفي الدولة، بهدف الحفاظ على النظام واستقراره. إن سوريا وداعميها مثل إيران وروسيا لا يمكنهما تحمل تكلفة إعادة بناء سوريا التي تقدر تكلفتها بنحو 250 مليار دولار على الأقل.

وتخشى الدول المانحة بشكل كبير، من ضخ الأموال إلى سوريا، وتتشبث بضرورة حدوث شكل من أشكال الانتقال السياسي. ولا يهتم المستثمرون بإعادة بناء البلد بسبب الفساد الهائل والخوف من العقوبات والفرص المحدودة لتحقيق الربح، لأن القوة الشرائية لمعظم السوريين في أدنى مستوياتها على الإطلاق.

صورة 4

وهذا يعني أن سوريا واقتصادها سيكونان في حالة من الاضطراب لسنوات قادمة، حيث لا يستطيع معظم السكان المحليين إعادة بناء منازلهم، ناهيك عن الاستثمار في إعادة بناء البنية التحتية والمصانع.

الاعتماد على روسيا وإيران
استطاع النظام السوري، من خلال قمعه الوحشي للتمرد المسلح، من ترويع معظم السوريين وإجبارهم على الخضوع، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال المتمردون يسيطرون على إدلب وضواحيها، ويشنون هجمات متقطعة.

ويواجه النظام السوري الآن خطر التمرد في المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في السابق، وبدأ يظهر ذلك في الصحراء الشرقية ومدينة درعا، وخلال الحرب، تخلى النظام عن سيادته على بعض المناطق لروسيا وإيران والمليشيات المحلية مقابل الحصول على دعم لقواته المسلحة.

بعد تراجع وتيرة الحرب وضمان الأسد الفوز بها بشكل كبير، حلت دمشق بعض المليشيات التي ساعدت الجيش والمرتبطة برجال الأعمال الموالين للنظام والمستفيدين من الحرب، وأصبح الجيش السوري منهكًا بعد سنوات من الحرب، ويعتمد على حملات الاعتقال الجماعية لتجنيد الرجال السوريين في صفوفه.

ويتكون الجيش السوري الآن إلى حد كبير، من المجندين القسريين الذين يؤدون بشكل ضعيف في ساحة المعركة، باستثناء وحدات النخبة المكونة إلى حد كبير من الرجال العلويين، مثل الفرقة المدرعة الرابعة والحرس الجمهوري، ونتيجة لذلك، لا تزال دمشق تحتاج إلى دعم كل من الميليشيات الموالية لإيران والمستشارين الروس على الأرض والقوات الجوية الروسية، على الأقل حتى يتم قمع الجيوب الأخيرة الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

وتشير الصحيفة، إلى أن إيران وروسيا يشتركان في هدف واحد وهو الحفاظ على النظام السوري في السلطة، ولكنهما يرغبان أيضًا في زيادة نفوذهما في سوريا عن طريق مساهمتهما العسكرية، وتعمل موسكو وطهران على إنشاء وتوسيع الهياكل العسكرية التي تتماشى معها.

وأوضحت الصحيفة، أنه في حالة إيران، فالميليشيات المرتبطة بحزب الله اللبناني وقوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وكثير منها يعمل تحت مظلة قوات الدفاع المحلية، ومن ناحية أخرى، تعمل روسيا على إضفاء الطابع الاحترافي على الجيش السوري، بينما تشرف على تشكيل فيلق الاعتداء الخامس.

وتسعى الدولتان لتأمين مشاريع مدرة للربح، ولكن لا يوجد الكثير من هذه المشاريع في سوريا، لذلك اتجه تركيزهما لاستخراج احتياطيات سوريا المحدودة من الموارد الوطنية.

ومع دخول الأزمة السورية عامها التاسع، لا تزال المظالم التي تسببت في اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية -مثل الفساد والقمع السياسي وعدم المساواة- موجودة. وفي الواقع، أصبحت الظروف داخل سوريا أكثر سوءًا بعد مرور تلك السنوات. لكن لا يبدو أنه ستندلع انتفاضة جديدة في القريب العاجل، فالسوريون مرهقون بعد سنوات من الحرب ويتوقون إلى الاستقرار.

وعلى مدار سنوات الحرب الأهلية، بحسب الصحيفة، تحولت سوريا من صراع محلي بين المعارضة والنظام إلى ساحة نزاع إقليمي وحتى عالمي. والآن مع تراجع القتال، من المرجح أن يزداد القتال بين هذه القوى الأجنبية -خاصة بين روسيا وإيران وإسرائيل- مما سيؤدي إلى أن يتنوع دور السوريين بشكل ما بين الضحايا أو المشاهدين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان