نيويورك تايمز: كيف أثرت قمة "ترامب - كيم" في هانوي على كوريا الجنوبية واليابان؟
كتب - هشام عبد الخالق:
انتهت القمة الثانية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، دون أن تتمخض عن اتفاق بين الطرفين، وأدى هذا إلى إرباك أكبر حليفين للولايات المتحدة في آسيا، ولكن لسببين مختلفين كليًا.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نشرت تقريرًا مطولًا عن نتائج القمة الأمريكية الكورية الشمالية الأخيرة التي عقدت في العاصمة الفيتنامية هانوي في 27 و28 فبراير الماضي.
وتقول الصحيفة، في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني الجمعة، إنه في كوريا الجنوبية، كان الرئيس "مون جاي-إن" مستعدًا لتكثيف العلاقات الاقتصادية مع كوريا الشمالية، إذا تم التوصل إلى اتفاق يتعلق برفع العقوبات عنها في هانوي، وهو ما لم يحدث.
في اليابان، من ناحية أخرى، كان هناك ارتياح يوم الجمعة، بعد فشل المحادثات بين واشنطن وبيونج يانج. وكانت طوكيو تخشى أن يؤدي اتفاق بين الطرفين إلى جعل اليابان عرضة للهجمات الصاروخية التي تشنها كوريا الشمالية.
والآن، بحسب الصحيفة، على كلًا من كوريا الجنوبية واليابان أن تفكرا في تداعيات المحادثات الفاشلة، التي تركت الأسلحة النووية في حيازة كوريا الشمالية. وأصبح أكبر خطر يواجه المنطقة هو استئناف كيم جونج أون لإجراء تجاربه النووية واختباراته تاصاروخية لإعادة التأكيد على النفوذ الذي يتمتع به.
وتقول الصحيفة، إن نتائج القمة كانت بالنسبة لكيم جونج أون بمثابة ضربة موجعة، فهو لا يحب أن يخسر، ويحتفظ بصورة القائد الحازم في كوريا الشمالية.
ويقول لي بيونج شول، باحث بارز بمعهد السلام والتعاون في سيول، إن "ترامب قد يكون فاز عندما أوقف التجارب النووية لكوريا الشمالية، ولكنني أتعجب إلى متى سيستمر هذا".
وعلى الرغم من أن ترامب بعد القمة قال إن علاقته بالزعيم الكوري الشمالي لا تزال "ودودة للغاية"، وأنه ينوي الاستمرار في التفاوض، إلا نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي حذر في مؤتمر صحفي بهانوي من أن "كيم فقد بعضًا من رغبته في التفاوض مع الولايات المتحدة".
وترى الصحيفة، أن كيم لديه خيارات أخرى لا تشمل إعادة بدء التجارب النووية والصواريخ الباليستية مرة أخرى.
ويخشى بعض المحللون في كوريا الجنوبية من أن ترامب قد يعود إلى سياسته القديمة المتعلقة بتهديد كوريا الشمالية بـ "النار والغضب"، وذلك حتى يتجنب الحديث عن مشاكله في الولايات المتحدة، ولكن من غير المرجح أن تقوم كوريا الشمالية بتصعيد حول هذا الأمر، بحسب الصحيفة.
ويرى دانيل سنايدر، محاضر متخصص في دراسات شرق آسيا بجامعة ستانفورد، وكان على دراية بمفاوضات سابقة مع كوريا الشمالية، إن انهيار المفاوضات الأخيرة كان "نهاية أي دبلوماسية ذات مغزى مع كوريا الشمالية".
ويقول الخبراء إن عودة كيم إلى بلاده دون التوصل لاتفاق مع ترامب، من الممكن أن تسبب إحراجًا كبيرًا بالنسبة له، خاصة بعد أن استقل القطار لمدة 65 ساعة ليصل هناك عبر الصين.
أليسون إيفانز، الباحثة بشركة "IHS Markit" ترى أنه "سيكون من الصعب على كيم أن يحفظ ماء وجهه محليًا بدون نتائج جادة من قمة هانوي".
وتقول الصحيفة، إن قرار ترامب بالانسحاب من طاولة المفاوضات، أراح الكثيرين في اليابان وكوريا الجنوبية أيضًا، حيث كانت هناك مخاوف في كلا البلدين من أن ترامب قد يوقع على صفقة تتخلى فيها كوريا الشمالية عن صواريخها الباليستية العابرة للقارات لكنها تحتفظ بمخزونها من الصواريخ قصيرة إلى متوسطة المدى، والتي يمكن أن تصل إليهما.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في تصريحات للصحفيين بعد أن أطلعه الرئيس ترامب عبر الهاتف، إن عدم التوقيع على مثل هذه الصفقة إشارة إلى أن "ترامب لن يقدم تنازلات سهلة". وقال إيشيرو فوجيساكي، السفير الياباني السابق لدى واشنطن، إن عدم وجود صفقة أفضل من صفقة سيئة.
حكومة كوريا الجنوبية ممثلة في الرئيس مون جاي إن، كانت تعاني بعد انهيار اجتماع قمة هانوي، حيث تعهد مون بتقوية دور بلده كوسيط بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وقال مون في خطاب متلفز الجمعة: "الآن أصبح دورنا أكثر أهمية".
وتعهد مون بإيصال المحادثات بين الطرفين إلى "تسوية كاملة بأي طريقة ممكنة".
وتحدث مون أيضًا عن "التوق إلى المصالحة" في شبه الجزيرة الكورية، وحول خطط لإعادة ربط السكك الحديدية بين الشمال والجنوب، معربًا عن أمله في أن يؤدي رفع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية إلى إتاحة الفرصة أمام الكوريتين للتعاون في اتخاذ تدابير أخرى.
ومع انخفاض نسبة تأييد مون بسبب المشاكل الاقتصادية العنيدة التي تواجهها كوريا الجنوبية، فإن الرئيس يرغب في أن تحمل سياسة نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية توقيعه، وكذلك تحسين العلاقات بين الكوريتين.
بالنسبة لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، فإن أكبر مخاوفه كان ضمان طرح ترامب لقضية المواطنين اليابانيين الذين اختطفهم عملاء كوريون شماليون منذ أكثر من 40 عامًا، وقد أكد السيد ترامب أنه طرح القضية بعد تناول العشاء مع كيم مساء الأربعاء، بحسب تصريحات آبي للصحفيين.
وكانت كوريا الشمالية تريد تخفيف العقوبات في مقابل تفكيك جزئي لبرنامجها النووي ، في حين طالبت الولايات المتحدة بتعهدات أكثر جدية بنزع السلاح النووي قبل تقديم تخفيف كبير
وقال ناروشيج ميشيشيتا، مدير برنامج الدراسات الأمنية والدولية في المعهد القومي للدراسات السياسية بطوكيو، في ختام تقرير الصحيفة: "دخول الزعيم الكوري الشمالي في محادثات مع الرئيس الأمريكي، أثبت حقيقة أن كيم زعيم عقلاني وذو حسابات، وقوض هذا من قدرة كوريا الشمالية على لعب دبلوماسية حافة الهاوية".
فيديو قد يعجبك: