إيمانول ماكرون مخاطبًا الأوروبيين: حان وقت التغيير
كتبت - هدى الشيمي:
خاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين من خلال مقال كتبه في صحيفة الجارديان البريطانية، حمل عنوان "عزيزتي أوروبا، بريكسيت درس لنا جميعًا: حان وقت التغيير".
استهل الرئيس الفرنسي مقاله بالإشارة إلى أنه إذا كانت لديه الحرية في التحدث إلى مواطني أوروبا مباشرة، لما فعل ذلك باسم التاريخ أو القيم التي تجمعهم، ولكن لأن الوقت هو الجوهر، فبعد أسابيع سوف تُقام انتخابات أوروبية حاسمة بالنسبة لمستقبل القارة العجوز.
يقول ماكرون: "منذ الحرب العالمية الثانية، لم تمر أوروبا أبدًا بهذه الحالة، ولم يكن الأوروبيون في خطر كهذا، والبريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، رمز إلى الأزمة التي تشهدها أوروبا، بعد أن فشلت في الاستجابة لحاجة شعوبها للحماية من الصدمات الكبرى التي تواجه العالم الحديث".
ويرى الرئيس الفرنسي أن بريكسيت رمز أيضًا للفخ الأوروبي، والذي بإمكانه تدمير القارة بأكملها. ويقول: "من أخبر الشعب البريطاني بالحقيقة حول ما بعد بريكسيت؟ من تحدث إليهم عن فقدان امكانية الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ومن تطرق إلى مخاطر السلام في أيرلندا بسبب الحدود؟
يدعو ماكرون الجميع إلى الوقوف في ثبات وفخر في وجه المتلاعبين، وأن يقولوا أولا وقبل كل شيء ما هي أوروبا، مُشيرًا إلى أن القدرة على المصالحة في قارة مدمرة وتحقيق السلام والازدهار ونشر الحرية مشروع تاريخي، لذا على الجميع حماية هذا المشروع الذي حقق نجاحًا غير المسبوق.
ويتابع: "نجاح هذا المشروع لا يزال يحمينا حتى اليوم. أي دولة يمكنها أن تعمل بمفردها في مواجهة الاستراتيجيات العدوانية من قبل القوى الكُبرى؟ من يستطيع ادعاء السيادة، من تلقاء نفسه، في مواجهة عمالقة الرقمية؟ كيف سنقاوم أزمات الرأسمالية المالية بدون اليورو؟
يقول ماكرون إن أوروبا أيضًا عبارة عن آلاف المشاريع اليومية التي غيرت وجه المنطقة، المدارس التي تم تجديدها، والطرق التي تم بنائها، وانتشار الانترنت عالي السرعة، مُشيرًا إلى أن أوروبا ملتزمة بكل هذا، ولقد أظهرت حتى هذه اللحظة أنها قادرة على تحقيق الأمور التي قيل عنها إنها لا يمكن تحقيقها.
ومع ذلك، يقول الرئيس الفرنسي إنه لا يزال هناك العديد من الأمور التي يجب فعلها بسرعة، نظرًا لوجود فخ آخر، وهو الاعتياد على الوضع الراهن.
يُشير ماكرون إلى أن المواطنين دائمًا ما يتساءلون خلال مواجهة الأزمات الكبرى في العالم أين أوروبا؟ وما الذي تفعله؟، فقد أصبحت القارة العجوز بالنسبة لهم سوقًا بلا روح.
الدفاع عن الحرية
يعتمد النموذج الأوروبي على الحرية، حرية الأشخاص والتعبير عن الرأي، يقول ماكرون إن الحرية الأولى المكفولة في أوروبا هي الديمقراطية لاختيار القادة كقوى خارجية تسعى إلى التأثير أصواتنا في كل انتخابات، لذا اقترح انشاء وكالة أوروبية لحماية الديمقراطيات، وتزويد كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بخبراء لحماية عمليات الانتخابات ضد الهجمات الإلكترونية أو التلاعب.
حماية القارة
يقول ماكرون إن الاتحاد الأوروبي أًسس على المصالحة الداخلية ونسى حقائق العالم، ومع ذلك لا يمكن لأي مجتمع خلق شعورصأ بالانتماء إذا لم يكن لديه حدود إقليمية محدودة، فالحدود هي الحرية في الأمن، لذلك يدعو الرئيس الفرنسية إلى إعادة النظر ي منطقة شنجن، يجب على أولئك الذين يريدون أن يكونوا جزءًا منها لالتزام بضوابط صارمة على الحدود، وسياسة لجوء وحيدة مكونة من قواعد قبول ورفض مشتركة.
يرى الرئيس الفرنسي أنه سيكون في حاجة إلى قوة حدود مشتركة ومكتب لجوء أوروبي، والتزامات رقابية صارمة وتضامن أوروبي يساهم فيه كل أعضاء الاتحاد، لضمان حماية حدود وقيم القارة الأوروبية.
ويجب أن تنطق المعايير ذاتها على الدفاع، يقول ماكرون في حاجة إلى وضع مسار واضع، وأن تتوصل إلى معاهدة دفاع وأمن، تضمن إنهاء العلاقات مع أي دولة في العالم تقوم بمعاملات تجارية مع أولئك الذين لا يحترمون القواعد والقوانين، ما يعني إعادة النظر في السياسات التجارية، ومعاقبة أو حظر أي شركات تهدد المصالح الاستراتيجية والقيم الأساسية في أوروبا.
استعادة روح التقدم
يقول الرئيس الفرنسي إن التقدم والحرية يتمثلان في شعور المرء بأنه قادر على العيش من عمله، لذلك تحتاج أوروبا إلى توفير المزيد من فرص العمل، ولهذا السبب فإنه من الضروري تمويل الابتكارات من خلال منح مجلس الابتكار الأوروبي الجديد، والاهتمام بتقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي.
كذلك من الضروري أن تهتم القارة الأوروبية الجديدة بأفريقيا، يُشدد ماكرون على ضرورة إقامة مشاريع بالتعاون مع البلدان الافريقية، وزيادة الاستثمارات والشراكات، والحث على تعليم الفتيات.
يُشدد ماكرون على ضرورة عدم السماح للقوميين الذين ليس لديهم أي حلول باستغلال غضب المواطنين، قائلا: "علينا ألا نقبل بالأمر الواقع وأن نقوم بالتغيير، لأن تحقيق أحلام الأوروبيين تتطلب العمل".
ويُنهي ماكرون مقاله بالإشارة إلى أن مأزق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) درس للأوروبيين جميعًا، مُشددًا على ضرورة الهروب من هذا الفخ، وجعل الانتخابات المُقبلة مشروعًا له مغزى. ويقول: "عليك أن تقرر ما إذا كانت أوروبا والقيم التي تجسدها سوف تكون أكثر من مجرد حلقة عابرة في التاريخ، هذا هو الخيار الذي أضعه أمامك، إننا نرسم معًا الطريق لتجديد أوروبا".
فيديو قد يعجبك: