26 عامًا من الظلام.. كيف تهدد أزمة الكهرباء الاقتصاد اللبناني؟
كتبت – إيمان محمود:
منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1992، يعاني لبنان أزمة كبيرة في توفير الكهرباء، تسببت مع مرور الوقت في عرقلة مناحي الحياة كافة، حتى تفاقمت أعباء الدين العام وأصبح البلد على شفا كارثة اقتصادية كبيرة.
وعلى الرغم من الخطط والمساعي التي بذلتها الحكومة لحل هذه الأزمة، إلا أنها بقيت ترهق الخزينة اللبنانية، إذ وصل إجمالي عجز الكهرباء المتراكم منذ عام 1992 وحتى عام 2017، إلى حوالي 36 مليار دولار؛ أي 45% من إجمالي الدين العام اللبناني.
وتؤكد كل المؤسسات المالية أن إصلاح ملف الكهرباء هو ممرّ أساسي للبدء بإنقاذ الاقتصاد.
جذور الأزمة
قبل الحرب الأهلية التي استمرت ما بين عامين 1975 إلى 1992، كان القطاع الكهربائي مربحًا للدولة، إذ كانت مؤسسة الكهرباء تؤمن التيار الكهربائي 24 ساعة يوميًا، والفائض تبيعه لسوريا.
وبعد الحرب الأهلية، ومع تعاقب الحكومات، تعددت الاقتراحات بشأن هذا القطاع، الذي وجد بعضهم بيعه إلى القطاع الخاص وبعضهم إلى تقاسمه مع القطاع الخاص، وغيرها من الاقتراحات التي لم تنتج عنها تطويرًا وإصلاحًا لهذا القطاع.
وتحصل شركة كهرباء لبنان على مدفوعات تمثل نصف الكهرباء التي تنتجها فقط حيث يتم فقد بعض الكهرباء بسبب تهالك شبكة النقل بالإضافة إلى سرقة التيار عبر كابلات غير مرخصة.
وفي عام 2012، كلفت الحكومة شركات خاصة للقيام بأعمال القياس وإعداد الفواتير وتحصيلها لصالح شركة كهرباء لبنان، إلا أنها لم توفر لها السلطة الكافية لفرض عملية الدفع.
مافيا المولدات
لجأت العديد من المنازل إلى مولدات الكهرباء أو لأصحاب المولدات الخاصة -الذين يستغل الأمر ويتحكمون في الأسعار- وأصبح المواطن اللبناني يدفع "فاتورتين"، مضطرًا لتأمين استهلاكه اليومي، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، خاصة في مناطق الجنوب.
ويتجاوز متوسط فاتورة الكهرباء للأسرة في لبنان 1200 دولار سنويا، أكثر من ثلثيها يحصل عليه أصحاب المولدات الخاصة، التي تنتج قرابة 750 ميجاوات من الكهرباء.
ويفتقر لبنان إلى وجود قانون يحكم قطاع الطاقة وينظمها منعاً للاحتكار واستغلال المواطنين. فالمولدات غير شرعية لأنها غير مرخصة لذلك يصعب السيطرة عليها فلا يمكن لجهاز حماية المستهلك أن يحرر مخالفة بحقهم أو يضبط الأسعار ويمنع الاحتكارات والتعديات على الشبكة.
كارثة اقتصادية
وتعتبر الحكومة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن إصلاح الكهرباء حيوي لخفض الدين، الذي يعادل الآن نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت الحكومة إلى أن صافي التحويلات لشركة كهرباء لبنان، المملوكة للدولة، تمثل الآن ما بين مليار و1.5 مليار دولار في العام، يُنفق معظمها على زيت الوقود، وهذا يعادل نحو ربع عجز الميزانية العام الماضي، البالغ 4.8 مليار دولار.
وقال صندوق النقد الدولي في عام 2016، إن التكلفة المتراكمة لدعم شركة كهرباء لبنان تعادل نحو 40% من إجمالي ديون البلاد.
كما أوضح البنك الدولي أن نقص الكهرباء يأتي في المرتبة الثانية بعد عدم الاستقرار السياسي – في البلد الذي يعاني تعدد طوائفه - في عرقلة النشاط التجاري، إذ انتعش الاقتصاد بمعدل سنوي تراوح بين 1% و2% فقط، في السنوات الأخيرة.
فيديو قد يعجبك: