كيف غيرت سنوات اللجوء من ملامح مؤسس ويكليكيس؟
كتبت- هدى الشيمي:
تسلمت الشرطة البريطانية، الخميس، جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكليكس، وبدا شكله مفاجأة لكثيرين.
خرج أسانج من سفارة الأكوادور بالقوة برفقة ستة رجال شرطة بلباس مدني نقلوه إلى سيارة مصفحة، وقد غزا الشيب رأسه وبدا عليه اثر التقدم في العمر.
كان أسانج قد لجأ في عام 2012 إلى سفارة الإكوادور في لندن لتفادي ترحيله إلى السويد حيث كان يواجه تهمة اغتصاب في ملف أغلق في عام 2017.
جرى توقيق أسانج بموجب طلب تسليم أمريكي لاتهامه بـ"القرصنة المعلوماتية"، ومذكرة توقيف بريطانية تعود إلى يونيو 2012 لعدم مثوله أمام المحكمة، وهي تهمة يعاقب عليها بالسجن مدة عام.
استعرضت أتيكا شوبرت، مُراسلة سي إن إن، بعض الأسباب التي أدت إلى ظهور أسانج في عمره أكبر من عمره الحقيقي، وهو في عامه الـ47، وقالت إنها تجمعها به علاقة صداقة وسبق أن التقيا أكثر من مرة.
التقت شوبرت بأسانج أول مرة في عام عام 2009 قبل أن يصبح ويكليكس موقع كبير له اسم ثقيل، بعد أن علمت أنه تمكن من الحصول على مقاطع فيديو لهجمات الجيش الأمريكي في أفغانستان، جرى اللقاء في لندن وسمح لها صحفي وناشط ومبرمج أسترالي بمشاهدة هذه المقاطع والتي كانت من بين الكثير من الوثائق الحكومية السرية الأخرى المرتبطة بالحكومة الأمريكية.
حسب شوبرت، فإن المرة الأخيرة التي التقت فيها أسانج كانت منذ حوالي سبعة أعوام عندما طلب اللجوء إلى سفارة الأكوادور، وكان في صحة جيدة ومليء بالتفاؤل، وأخبرها أنه قادر على إدارة ويكليكس من داخل السفارة.
أوضحت مراسلة (سي إن إن) أن أسانج، لم يكن لديه حتى نافذة يطلع منها على العالم، ولم يتعرض للشمس أو أي مصدر طبيعي للضوء، وفي الأسابيع الأولى من تواجده داخل مبنى السفارة لم يكن قادراً على الاستحمام، حتى تم تجهيز دورة مياه خاصة به فيما بعد، وأخبرها بأنه شعر وكأنه يعيش في سفينة فضائية.
نظراً لسوء الأوضاع المعيشية شعر أصدقاء أسانج بالخوف والقلق على صحته لذا اشتروا له جهاز لممارسة التمارين الرياضية، وقاعد بعض المشاهير بزيارته مثل باميلا أندرسون، ليدي جاجا، ومع ذلك تقول مُراسلة الشبكة الأمريكية إن شعوره بالوحدة كان يؤلمه للغاية، كما أنه لم يحصل على أي وقت بمفرده، لأنه كان خاضع للمراقبة طوال الـ24 ساعة.
من جهة أخرى، كانت سفارة الأكوادور تعاني من ضغط كبير، حسب مُراسلة الشبكة الأمريكية، لاسيما وأنها مجموعة من الغرف الصغيرة والمكاتب قليلة العدد، ولم تعتقد أن بقائه فيها سيستمر هذه الفترة الطويلة، ولكنها ظنت أنه سيمكث عدة أشهر فقط.
ولفتت المُراسة إلى أن أسانج وويكيليكس كانوا سربوا مئات الآلاف من الوثائق السرية، بعد أن حصل عليها من قبل مساعدة الخبيرة السابقة في الاستخبارات الأميركية تشيلسي مانينغ، مُشيرة إلى أنه لم يعمل بمفرده ولكنه تعاون مع العديد من الصحف الكبرى من ضمنها نيويورك تايمز الأمريكية، الجارديان البريطانية، دير شبيجل البريطانية، وهو ما جعل ويكليكس تصل إلى ما عليه الآن.
قالت مُراسلة (سي إن إن) إن أسانج كانت مقتنعًا بأن الولايات المتحدة ستسعى للنيل منه، وألمح في أكثر من مناسبة إلى أنه بمجرد أن توجه له واشنطن الاتهامات سوف يتم تسليمه للمحاكمة.
وكانت واشنطن قد رفعت دعوى قضائية ضد أسانج بالفعل ولكنها لم تتهمه من قبل بالتجسس، وكشفت وزارة العدل الأمريكية عن لائحة اتهامات ضد أسانج، منذ مارس العام الماضي، تتهمه فيها بالتآمر لاختراق الحواسيب الإلكترونية من أجل مانينغ في الحصول على كلمة مرور لآلاف الوثائق السرية، يواجه عقوبة أقصاها خمس سنوات.
يُذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن عن "حبه لويكيليكس"، قبل تسريب الرسائل الإلكترونية للجنة الوطنية بالحزب الديمقراطي وقبل مزاعم التواطؤ مع الروس.
وفي جلسة الاستماع التي سبقت نقله إلى محكمة وستمنستر في لندن، اعتبر القاضي مايكل سنو أن أسانج "نرجسي غير قادر على رؤية ما هو أبعد من مصلحته الشخصية"، وقد أعلن أنه مذنب بخرق شروط إخلاء سبيله المؤقت. وسيتم إصدار الحكم بحقه في وقت لاحق لم يحدد.
تجد مراسلة (سي إن إن) أن وصف أسانج بالنرجسي غير منطقي وغير مقبول، لاسيما وأنه عرض نفسه للكثير من المخاطر من أجل الكشف عن معلومات سرية تساعد على كشف الستار عن الحقائق، وتحقيق الصالح العام، مؤكدة أن ما يشهده مؤسس ويليكيس الآن ليس معركة قضائية ولكنها سابقة سيبقى أثرها واضح لسنوات طويلة قادمة.
فيديو قد يعجبك: