"مسرحية أم مؤامرة".. روايات حول الساعات الأخيرة في حكم البشير
كتبت - رنا أسامة وهدى الشيمي:
لا يزال الرئيس السوداني عمر البشير "في مكان آمن" بعد إعلان الجيش، الخميس، عزله والقبض عليه إثر احتجاجات حاشدة ضد حكمه الذي استمر قرابة ثلاثة عقود.
وحتى الآن يكتنف الغموض مصير الرئيس السوداني.
ونقلت وسائل إعلامية سودانية وعربية عن مصادر رفيعة ومطلعة تصريحات مُتضاربة حول كواليس ما جرى عشية يوم التنحي، والتي تعددت بين وصف ما جرى بالمؤامرة التي اُحيكت ضده، والمسرحية الهزلية التي شارك البشير في بطولتها.
وقال المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الجمعة، إن جميع الأجهزة الأمنية في البلاد كانت قد اتفقت على قرار عزل البشير من منصبه قبل القيام بأي تحرك، دون مزيد من التفاصيل، وصرح عمر زين العابدين -رئيس اللجنة السياسية في المجلس العسكري- أن اتخاذ قرار عزل البشير لم يكن يهدف لاستيلاء القادة العسكريين على السلطة.
خُطة مُدبرة
فيما زعمت صحيفة "الراكوبة" السودانية أن عزل البشير كان مُخططًا له ومُتفقًا عليه من قِبل الرئيس نفسه.
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تُسمه واكتفت بوصفه بالموثوق قوله إن "التحرك الذي تقوده بعض رموز الإنقاذ، والذي جاء تحت ضغط الحِراك الشعبي وبدأ منذ ديسمبر الماضي، تم تحت إشراف الرئيس عمر البشير، وتم الاتفاق على كل حرف فيه".
وأوضح المصدر، بحسب الصحيفة، أن الهدف الأساسي من ذلك هو تهدئة الشارع فقط.
ومضت الصحيفة في زعمها قائلة إن خطة وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف تضمّنت فضّ قوات الدعم السريع للاعتصام بمجرد تنفيذ "مسرحية عزل البشير"، على حدّ وصفها، لكن رفض قائد هذه القوة حال دون تنفيذ ذلك.
وكتبت الصحيفة السودانية -في تقرير عبر موقعها الإلكتروني، الجمعة- أن بن عوف وصديقه ورفيق دربه عمر البشير، اتفقا على إنهاء الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ 4 أشهر، ولكن رفض قائد الدعم السريع التصدي للمعتصمين أفشل المخطط ليسحب المجلس العسكري قرار حظر التجوال الذي كان قد أعلنه رئيسه في خطاب توليه للسلطة.
وشهد السودان احتجاجات انطلقت في البداية للتنديد بنقص المواد الغذائية وارتفاع الأسعار قبل 4 أشهر، ثم اتسعت رقعتها وارتفع سقف مطالبها ودعت إلى إسقاط النظام.
وطالب قائد قوات "الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو، في بيان رسمي في وقت متأخر من مساء الخميس، قادة الانتفاضة، وقيادة تجمع المهنيين ورؤساء الأحزاب وقادة الشباب بفتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنب البلاد الانزلاق إلى الفوضى.
وصدر بيان قيادة قوات الدعم السريع، عقب مواصلة آلاف المتظاهرين اعتصامهم أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم -مساء الخميس- رغم بدء حظر التجول الليلي الذي فرضه الجيش إثر إطاحته بالرئيس عمر البشير.
وقالت الصحيفة "لقد كان واضحًا أن ما حدثيمثل خطة البشير الثانية للاستمرار في الحكم فأنتجوا هذا المجلس العسكري لحماية البشير من الجنائية وحماية أنفسهم من المحاسبة، إلا أن استمرار الاعتصام ضيق عليهم الخناق بأكثر مما كان قبل عزل البشير".
واعتبرت أن حل المجلس العسكري لحكومات الإنقاذ الاتحادية والولائية مع خروج المؤتمر الوطني من دائرة الفعل، جعل المجلس العسكري والموالين له من الضباط الكبار وحيدين في مواجهة الشعب السوداني كله.
موافقة على مضض
وفي رواية أخرى، فإن البشير وافق على التنازل عن منصبه على مضض، حسبما أفادت مصادر عسكرية رفيعة المستوى لشبكة سي إن إن الأمريكية.
وبحسب المصادر فإن كبار قادة الأجهزة الأمنية الأربعة في السودان، وصلوا إلى مقر إقامة البشير في الساعة الثالثة ونصف فجر الخميس، وأخبروه عدم وجود بديل سوى التنحي في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد نظامه.
وأضافت المصادر -المطلعة على تفاصيل الاجتماع- أن البشير رضخ ووافق على التنحي عن السلطة، إذ رد على طلب قادة الأجهزة الأمنية، قائلا: "على بركة الله".
مؤامرة القصر
مصادر وصفتها شبكة سكاي نيوز عربية بالمُطلعة قالت إن الرئيس السوداني المعزول كان يتوجس خيفة، ويشعر أن شيئًا ما يُحاك ضده، بالنظر إلى اتساع رقعة المظاهرات ورفض القوات المسلحة فض الاحتجاجات والاعتصام.
ونقلت سكاي نيوز عربية عن مصادر، أن البشير رفض التنحي، وانسحب من الجلسة التي اُقيمت داخل مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث حاول كبار القادة في الجيش والمخابرات إقناعه بالتنحي.
وبعد خروجه من الاجتماع عاد البشير إلى القصر الرئاسي تحت حراسة مُشددة، حسبما قال عثمان باونين رئيس حزب مؤتمر البجا المعارض.
هروب فاشل
وفقاً للمصادر التي تحدثت لسكاي نيوز فإن البشير حاول الهروب إلى مدينة العليفون، شرق العاصمة الخرطوم، حيث يملك مزرعة هناك، بعدما اقترح عليه حرسه الخاص ذلك.
أراد البشير الاحتماء بأتباعه ورجال الأعمال المُقربين منه وغيرهم من الأشخاص الذين تربطهم علاقات قوية به، والذين يتواجدون في المدينة، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن حيث تم رصده فور مغادرته للقصر وتوجهه إلى عيلفون، فلاحقته قوة عسكرية تمكنت من "اعتقاله على أطراف المدينة"، بحسب ما أكد المصدر للشبكة الإخبارية.
أين البشير؟
وحتى هذه اللحظة لا يزال مكان البشير غير معلوم.
واكتفى عمر زين العابدين، رئيس اللجنة السياسية في مجلس العسكري السوداني، بالإشارة إلى أن الرئيس السوداني السابق مُتحفظ عليه، ولن يُقدم للمحكمة الجنائية التي تطالب بتسلمه لمحاسبته على الجرائم التي توجهها إليه، ولم يذكر تفاصيل أخرى.
وقال عوض بن عوف، رئيس المجلس العسكري الانتقالي ووزير الدفاع، في البيان الصادر عنه أمس الخميس، إن القوات المسلحة ألقت القبض على رأس النظام (البشير) وتتحفظ عليه في مكان آمن.
فيما زعمت صحيفة الراكوبة السودانية أن البشير حاول الهروب إلى دولة عربية، ليلة الخميس، وترك البلاد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن دولة عربية لم تُسمها منحت البشير فرصة اللجوء إليها، ولكن تلك الدولة قامت لاحقا بسحب دعوتها ورفضت استضافته، لذلك لم يجد أمامه شيئا سوى البقاء.
وقال مصدر صحفي لقناة الحدث، إن الجيش السوادني أعاد طائرة البشير قبل إقلاعها من مطار الخرطوم.
فيديو قد يعجبك: