ماذا تعني نوتردام للفرنسيين؟
"بي بي سي":
لا يوجد مكان يمثل فرنسا مثل نوتردام.
ومنافسها الوحيد بين الرموز الوطنية الفرنسية هو برج إيفل، الذي بُني قبل أكثر من قرن بقليل، بينما تقف كاتدرائية نوتردام شامخة في باريس منذ القرن الثالث عشر الميلادي.
وأطلق اسم هذا المعلم الأهم في فرنسا حرفيا على إحدى روائع الأدب الفرنسي؛ مسرحية فيكتور هوجو "أحدب نوتردام"، وهي المعروفة بالفرنسية ببساطة بكاتدرائية "نوتردام دو باري".
كانت المرة الأخيرة التي تعرضت فيها الكاتدرائية لأضرار بالغة أثناء الثورة الفرنسية عندما انتهكت تماثيل القديسين على أيدي متهورين من المعادين للأديان. لكن المبنى صمد أمام ما تعرض له أثناء الثورة الفرنسية الرابعة عام 1871 وعبر حربين عالميتين دون أن يمسه سوء.
ومن المستحيل أن نكون مبالغين عندما نصف مدى الصدمة الكبرى التي نشعر، بها ونحن نشاهد رمز بلادنا يحترق.
وربما ليس من المعروف عن سكان المنطقة سعادتهم بأنهم بجوار هذا المكان، لكن لا يمكن لأحد أن يسير على ضفتي نهر السين في وسط العاصمة دون أن يشعر بروحه ترتقي إلى مبنى كاتدرائية نوتردام المهيبة.
فالكاتدرائية من المعالم القليلة التي يمكن أن تشعر الباريسيين بالسعادة لمجرد أنهم من سكان هذه المنطقة.
وكغيرها من المعالم المحبوبة في كل مكان، لا يزورها سكان المنطقة كثيرا. وعلى مدار ثلاثة عقود عشتها في مسقط رأسي، لم أدخل كاتدرائية نوتردام سوى ثلاث أو أربع مرات فقط، ثم مع زائرين أجانب فقط.
وهناك الكثير من هؤلاء الزائرين. فهذه الكاتدرائية ليست فقط الأكثر شعبية بين المعالم السياحية في غرب أوروبا. فبعد أن مر على بنائها ثمانية قرون، لا تزال نوتردام مكانا للعبادة، إذ يُقام فيها حوالي ألفي قداس ومناسبة دينية كل عام.
مع ذلك، تتجاوز أهمية هذا المكان كونه مزارا دينيا. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الحريق إنه يمثل "صدمة للأمة كلها". وقالت آن هادلغو، عمدة باريس إن نوتردام "جزء من تراثنا".
وكان الكثيرون ممن يشاهدون ألسنة اللهب تلتهم المبنى والدموع تترقرق في أعينهم. ونال الأسى تجاه ما حدث من المؤمنين وغير المؤمنين على حدٍ سواء في أمة لم يعد الإيمان يمثل فيها قوة يخضع لها الناس منذ زمن بعيد.
فيديو قد يعجبك: