إعلان

ما هي حكاية "الوزير جادين" في زيورخ؟

04:01 م الجمعة 19 أبريل 2019

زيورخ - (أ ف ب):

قد يكون جدو شريف طاهر، المقيم في سويسرا منذ ستة عشر عاما، أشهر سوداني في العالم العربي، بعدما حظيت مقاطع فيديو له بملايين المشاهدات وأثار حالة من الاستقطاب والجدل على شبكات التواصل الاجتماعي بتطرقه إلى مواضيع فساد السلطة والتمييز في العالم العربي واستشرف مستقبل البشير قبل عام من عزله.

مشهد إعلان الجيش عزل الرئيس السوداني عمر البشير لم يكن بالجديدرابط خارجي لمتابعي موقع "الوزير جادين"، أما مشاهد الاحتجاجات في شوارع العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى فسبقتها سيناريوهات مشابهة فبركها المعارض السوداني جدو شريف طاهر في فيديوهات لاقت صدى واسعاً في السودان وفي العالم العربي وأصبحت مصدر قلق وإزعاج، لدرجة دفعت السلطات إلى توضيح أن هذا الشاب ذائع الصيت ليس بوزيررابط خارجي وغير محسوب على الحكومة السودانية. لكن بالرغم من الحملات، التي حاولت النيل من شخص هذا الناشط السياسي تحت شعار أنه "يعيش في الخارج ويتم تمويله من عملاء أجانب"، حققت مقاطع فيديو "الوزير جادين" انتشارا واسعا وازدادت شعبيته بين مؤيد ومعارض.

المعارض "الكوميدي" الذي تنبأ برحيل البشير

أسس جدو شريف طاهر صفحة "الوزير جادين"رابط خارجي على موقع فيسبوك في عام 2017 مع تواصل الحراك الشعبي في الشارع السوداني، وخلقت الشخصية حالة استقطاب واسعة فذاع صيت "الوزير"، ليصبح في فترة وجيزة من أشهر "السياسيين" في السودان. سر هذه الشهرة يكمن في تقمص دور الوزير المرتشي، الذي يبذر أموال الشعب ويعيش في بذخ وترف، ويفضح بدوره فساد الطبقة السياسية.

في حواره مع swissinfo.ch، أوضح جدو شريف أن "الوزير في سويسرا مجرد شخص يقوم بعمله، تشاهده يركب الدراجة في الشارع ويجلس بجانبك في وسائل المواصلات العامة، فهو مواطن كبقية أبناء الشعب، أما في السودان فالوزراء معزولون عن الناس، يتنقلون في سياراتهم الفارهة ويعيشون في بذخ في أبراجهم العاجية من أموال الشعب ولديهم حسابات بنكية بملايين الدولارات"، ويضيف "اخترتُ تقمص هذه الشخصية واتقنت هذا الدور لدرجة أن البعض صدق تماماً أنني وزير وذلك رغم كل المحاولات للتأكيد على طبيعة هذه الفيديوهات والهدف من ورائها".

شيئا فشيئا، نجح شريف مع زملائه في جذب رواد الإنترنت والتميز وسط سيل مواقع المعارضة بسبب طرافة أسلوبه وسخريته الناقدة للواقع السياسي والاجتماعي في الدول العربية والإفريقية والنقد اللاذع للأحوال المعيشية للمواطن السوداني في مقابل فساد الطبقة الحاكمة. يقول جدو: "هناك سياسيون يعارضون النظام منذ سنوات ولم يستطيعوا الوصول إلى الشباب عبر الخطب. لكن شخصية الوزير الفاسد لقيت قبولا وانتباه المتابعين. حيلة الوزير جادين تكمن في تحالفه مع السلطة، ليفضحها ويكشف بالتالي خباياها. كل صحف السودان نفت أنني وزير بعد عقدي مؤتمر سلام مع إسرائيل. قمتُ بفبركة نشرة أخبار عن رحيل البشير رابط خارجيورحل. لكن النظام باق وسأواصل مهمتي".

"مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الإعلام البديل"

خلال عامين فقط، حققت فيديوهات الوزير ملايين المشاهدات وإلى جانب مواضيع فساد السلطة والمسؤولين في السودان، حصد فيديو عن "رفض زواجه بلبنانية بسبب لونه" مع ـ الناشطة سارة حلاوي ـ على عشرات ملايين المشاهدات. يشخص جدو الأوجاع والأسقام المنتشرة ولكن بنكهة فكاهية، فيها فلسفة تعكس الواقع وتستشرف المستقبل، ففي أحد المقاطع الدرامية يقوم الوزير جادين بزيارة للولايات المتحدة ويقوم بتقبيل العلم الأمريكي وفي آخر ينعى النظام السوداني بعد سقوطه، وكأنه كان يتنبأ بالأحداث المستقبلية في الساحة السودانية.

النقد الساخر بدل الرثاء.. التحالف مع الجلاد لهزيمته بدلا من لعب دور الضحية، كما يوضح جدو شريف "بدلا من الخطب اخترت التمثيل وفبركة مقاطع فيديو تحاكي الواقع وتكشفه. مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت السلطة الرابعة والإعلام البديل ومنحت صوتا للشباب بعيدا عن القنوات الرسمية. هذا هو نوع من المعارضة الحديثة. المواطن ملّ من الخطابات ويريد المتعة إلى جانب التوعية".

يشير جدو شريف أيضا إلى أن النظام قلل من شأن المواقع ولم يتوقع هذه النهاية. ويُلفت إلى أن تجمّع المهنيين السودانيينرابط خارجي - الذي يُعتبر أهم قوة فاعلة على الأرض الآن - تشكّل بداية في مواقع التواصل الاجتماعي، موضحا في الوقت ذاته أن "هذا الجيل من الشباب لديه وعي كبير، شعار الشباب الثوري حرية وسلام وعدالة، استطاع شباب الثورة تحقيق نجاحات كبيرة، لكن هناك الكثير من المخاطر، فالدولة السودانية تركيبتها معقدة وتضم مئات القبائل والسلاح منتشر في البلاد.. السلطة الحاكمة شكلت العديد من الميلشيات في السنوات الأخيرة، لكن هناك وعي لدي المتظاهرين بضرورة الحفاظ على سلمية الثورة. الحزب الحاكم ما يزال موجودا ورموز النظام باقية، العملية الثورية متواصلة حتى يتم تشكيل حكومة مدنية وصياغة دستور جديد يكفل حقوق المواطنة وتأسيس دولة قانون".

بالنسبة لجدو شريف فإن عملية التحول "ما زالت في بداياتها" وكذلك رحلة "الوزير جادين" في تغيير الوعي الجمعي وثقافة البيئة السياسية عبر النقد الساخر.

رحلة جدو شريف من دارفور إلى سويسرا

ترك ابن إقليم دارفور المدرسة في المرحلة الابتدائية خشية تجنيده فيما يسمى بطلائع الجهاد للقتال في الحرب الدائرة في جنوب السودان، كما يقول. شبح الحرب لم يفارق جدو شريف، الذي اضطر إلى سلك الطريق الهجرة المجهول عبر الصحراء والبحر مع اندلاع الحرب في الإقليم.

استطاع جدو شريف الوصول إلى أوروبا وأصبح لاجئا في سويسرا عام 2003. بدأ في العمل الاجتماعي والسياسي عبر تأسيس "رابطة أبناء غرب السودان" التي تحولت بعد ذلك إلى منظمة "سلام وتنمية دارفور"رابط خارجي وتفرغ للعمل السياسي وكان رئيسا لحركة تحرير السودانرابط خارجي في قيادة الوحدة في سويسرا.

التحق بفرع حزب الخضر السويسري في مدينة فينترتور (كانتون زيورخ) وعمل لفترة في منظمة "حق البقاء للاجئين" (Bleiberechtرابط خارجي) في كانتون زيورخ ومشرفا في أحد مراكز اللجوء.

تعلم اللغة الألمانية وحصل على شهادات في الترجمة، ليؤسّس بعدها شركة للخدمات السياحية في سويسرا، حيث يقوم بتأجير السيارات وجميع الخدمات السياحية في سويسرا وأوروبا، وهو ما يفسر ظهوره دائما في سيارات فارهة.

كثف نشاطه السياسي في عام 2013 مع خروج المظاهرات ضد غلاء الأسعار في السودان وشارك بالتزامن في مظاهرات واعتصامات نظمها سودانيون في سويسرا.

أطلق صفحة "الوزير جادينرابط خارجي" على فيسبوك في 30 ديسمبر 2017. كما حصدت العديد من مقاطع الفيديو له على ملايين المشاهدات.

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: